Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل مبايعة النبات القطب صاحب الوقت فى كل زمان وهو من الحضرة المحمدية

أخيه فلو لا المشاركة في المطلوب بالوجود من المستعان به ما صدق المستعين في استعانته والمستعين قد يستعين شرفا للمستعان به مع غناه عنه على التعيين وإن كان لا بد من سبب أو يكون ممن يستقل به دون السبب فيقصد جعله سببا لشرفه بذلك على غيره ليعلم منزلته عنده فإن الله قد جعل المفاضلة في العالم وأما المؤاخاة بين الأسماء الإلهية فلا تكون إلا بين الأسماء التي لا منافرة بينها لذاتها فإن الله ما واخى إلا بين المؤمنين ما واخى بين المؤمن والكافر بل لم يجعل لإخوة النسب حظا في الميراث مع فقد أخوة الايمان فليس المدعي إلا أخوة الايمان أ لا تراه إذا مات عن أخ له من النسب وهو على غير دينه لم يرثه أخو النسب وورثه أخو دينه والصورة بيننا وبين الحق نسب ودين فلهذا ما يرث الأرض عز وجل إلا بعد موت الإنسان الكامل حتى لا يقع الميراث إلا في مستحق له كما يرث السماء لما فيها من حكم أرواح الأنبياء عليه السلام لا من كونها محلا للملائكة فإذا صعقوا بالنفخة ورث الله السماء فأنزل الاسم الوارث الملائكة من السماء وبدل الأرض غير الأرض والسموات كما ذكرناه فيما قبل من هذا الكتاب فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فالمؤمن لا يبغض المؤمن والمؤمن لا يقتل المؤمن لإيمانه والمؤمن يقتل أخا النسب إذا كان غير مؤمن فهذا القدر كاف في هذا الباب فلنذكر ما يحوي عليه من العلوم فمن ذلك علم صورة نداء الحق عباده من أين يناديهم هل يناديهم من حكم مشيئته أو يناديهم من حيث ما هم عليه ومن ينادي هل ينادي المعرض أو المقبل أو هما وفيه علم الآداب الإلهية ومنازل المخلوقات وما ينبغي أن يعامل به كل مخلوق بل كل موجود وعلم مصالح الموجودات فلا يتصرف صاحب هذا العلم إلا فيما هو مصلحة لنفسه أو لغيره على حسب ما يصرفه المطلوب فهو خارج في تصرفاته عن هوى نفسه إنما هو مع المصالح فهو لكل شي‏ء لا عليه وفيه علم الفهم بما يأتي به كل قائل فيعلم من أين تكلم فيقيم له عذرا فيما ينسب إليه عند من لا يعرف ذلك من الخطاء في قوله وهو علم عزيز يقل الإنصاف فيه من أهله فكيف ممن لا يعرفه وما يؤثر تارك العمل بمثل هذا العلم في صاحبه من الحسرة والندامة على عدم استعماله وفيه علم الحكمة في التغافل والتناسي وهو الحلم والإمهال الإلهي أو من ذي القدرة ليرجع المغفول عنه عما هو عليه مما كان لا ينبغي أن يظهر به ولا عليه وفيه علم كون الأشياء بيد الله ليس بيد المخلوقين منها شي‏ء وإن ظهرت الصور بأيديهم فهي بحكم الاستعارة لا بحكم الملك وفيه علم المنن الإلهية التي أسبغها على العباد في الظاهر والباطن وتعيين ما يمكن أن يعين منها وعلم برزخ المتشاجرين ليقف فيه من يريد رفع التشاجر بينهم وفيه علم الأسماء وشرفها والفرق بينها وبين ما زاد على الإعلام منها مما وضع لمدح أو ذم وفيه علم العدول عن الطريق التي تحول بين العبد وبين حصول العلم فإنه أعلى ما يطلب وأفضل ما يكتسب وأعظم ما به يفتخر وأسد آلة تعد وتدخر وبه مدح الله نفسه بأن له الحجة البالغة وليس إلا العلم وفيه علم مراتب الخلق الإنساني في الخلق فإنهم على طبقات فيه وما يسمى به الإنسان الذي خلقه الإنسان هل هو إنسان أو حيوان في صورة إنسان من حيث نشأة جسده وما الأمر الذي عجز عنه في ظهور النفس الناطقة في هذا المخلوق هل لعدم الاستعداد فيقضي للمنشئ لهذه الصورة ما يقع به قبول نفس ناطقة من النفس الكل أو هل هو تعجيز إرادي إلهي لأنه أمر عظيم وقد ذكر أنه وقع مثل هذا وذكر في الفلاحة النبطية أن بعض العلماء بعلم الطبيعة كون من المني الإنساني بتعفين خاص على وزن مخصوص من الزمان والمكان إنسانا بالصورة وأقام سنة يفتح عينيه ويغلقها ولا يتكلم ولا يزيد على ما يغذى به شيئا فعاش سنة ومات فما يدري أ كان إنسانا حكمه حكم الأخرس أو كان حيوانا في صورة إنسان وفيه علم الأنساب والأحساب وفيه علم ما يعتبر الله من المكلف هل يعتبر ظاهره أو باطنه أو المجموع في قبول ما يكون منه بعد

التكليف وأما قبله فلا يقيد بل يجري بطبعه من غير مؤاخذة أصلا وهو قوله تعالى وما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وإذا كان هذا فمن أين وقع الألم للصغير حتى بكى مما يجده وفيه علم كيفية رد الجاهل إلى العلم وفيه علم صورة رد الأمور إلى الله سبحانه وتعالى في قدسه على أي طريق يكون هل بحكم أنه موجدها أو أنه غايتها أو ما هو ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السادس والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل مبايعة النبات القطب صاحب الوقت في كل زمان وهو من الحضرة المحمدية»

أقسمت بالله الذي أقسما *** بنفسه وإي وربي وما

بأنه وتر بلا موتر *** في أرضه وخلقه أينما

وإنه ينزل من عرشه *** نزوله لعرشه من عما

من غير تكييف ولا فرقة *** فإنه منزه عنهما

[أن المبايعة العامة لا تكون إلا لواحد الزمان خاصة]

اعلم أيدك الله أن المبايعة العامة لا تكون إلا لواحد الزمان خاصة وإن واحد الزمان هو الذي يظهر بالصورة الإلهية في الأكوان هذا علامته في نفسه ليعلم أنه هو ثم له الخيار في إمضاء ذلك الحكم أو عدم إمضائه والظهور به عند الغير فذلك له فمنهم الظاهر ومنهم من لا يظهر ويبقي عبدا إلا إن أمره الحق بالظهور فيظهر على قدر ما وقع به الأمر الإلهي لا يزيد على ذلك شيئا هذا هو المقام العالي الذي يعتمد عليه في هذا الطريق لأن العبد ما خلق بالأصالة إلا ليكون لله فيكون عبدا دائما ما خلق أن يكون ربا فإذا خلع الله عليه خلعة السيادة وأمره بالبروز فيها برز عبدا في نفسه سيدا عند الناظر إليه فتلك زينة ربه وخلعته عليه قيل لأبي يزيد البسطامي رحمه الله في تمسح الناس به وتبركهم فقال رضي الله عنه ليس بي يتمسحون وإنما يتمسحون بحلية حلانيها ربي أ فامنعهم ذلك وذلك لغيري وقيل لأبي مدين في تمسح الناس به بنية البركة وتركهم يفعلون ذلك أما تجد في نفسك من ذلك أثرا فقال هل يجد الحجر الأسود في نفسه أثرا يخرجه عن حجريته إذا قبلته الرسل والأنبياء والأولياء وكونه يمين الله قيل لا قال أنا ذلك الحجر قال تعالى في هذا المقام إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله فنفاه بعد ما أثبته صورة كما فعل به في الرمي سواء أثبته ونفاه وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى‏ ثم جعل الله يده في المبايعة فوق أيدي المبايعين فمن أدب المبايعة إذا أخذ المبايعون يد المبايع للبيعة ليقبلوها جعلوا أيديهم تحتها وجعلوها فوق أيديهم كما يأخذ الرحمن الصدقة بيمينه من يد المتصدق فمن الأدب من المتصدق أن يضع الصدقة في كف نفسه وينزل بها حتى تعلو يد السائل إذا أخذها على يد المعطي حتى تكون هي اليد العليا وهي خير من اليد السفلي واليد العليا هي المنفقة فيأخذها الرحمن لينفقها له تجارة حتى تعظم فيجدها يوم القيامة قد نمت وزادت هذا مذهب الجماعة وأما مذهبنا الذي أعطاه الكشف إيانا فليس كذلك إنما السائل إذا بسط يده لقبول الصدقة من المتصدق جعل الحق يده على يد السائل فإذا أعطى المتصدق الصدقة وقعت بيد الرحمن قبل إن تقع بيد السائل كرامة بالمتصدق ويخلق مثلها في يد السائل لينتفع بها السائل ويأخذ الحق عين تلك الصدقة فيربيها فتربو حتى تصير مثل جبل أحد في العظم وهذا من باب الغيرة الإلهية حيث كان العطاء من أجله لما يرى أن الإنسان يعطي من أجل هواه ما يعظم شأنه من الهبات ويعطي من أجل الله أحقر ما عنده هذا هو الغالب في الناس فيغار الله لجنابه إن لا يرى في مقام الاستهضام فيربي تلك الصدقة حتى تعظم فإذا جلاها في صورة تلك العظمة حصل المقصود فيد المعطي تعلو على يد الآخذ ولهذا قال تقع والوقوع لا يكون إلا من أعلى وقد قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لو دليتم بحبل لهبط على الله‏

أي كما ينسب إلى العلو في الاستواء على العرش هو في التحت أيضا كما هو بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ للحفظ كما يحفظ محيط الدائرة الوجود أو نسبة الوجود على النقطة التي ظهرت عنها نسبة الإحاطة لوجود الدائرة المحيطة فله الفوق كما له التحت وله الظاهر كما له الباطن فهو المبايع والمبايع فإنه لا يبايع إلا بالسمع والطاعة والسمع لا يكون إلا هو والعمل بالطاعة لا يكون إلا له فهو السميع العامل لما أمر بعمله فلنذكر صورة البيعة ولنا فيها كتاب مستقل سميناه مبايعة القطب يتضمن علما كبيرا ما علمنا أنا سبقنا إليه وإن كان العارفون من أهل الله شاهدوه وعلموه ولكن شغلهم عن تبيينه للناس ما كان المهم عندهم كما كان إظهاره للناس من المهم عندنا إذ هذه الطائفة لا شغل لها إلا بالأهم هذا إذا لم يظهر بحكم القوة الإلهية فإذا ظهر بها لم يشغله شي‏ء عن شي‏ء إذ هو حق كله فاعلم ذلك إيضاح وبيان لمنصب البيعة وصورتها

[إن الله إذا ولي قطبا وخليفة نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة]

فاعلم إن الله سبحانه إذا ولي من ولاة النظر في العالم المعبر عنه بالقطب وواحد الزمان والغوث والخليفة نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة كما أنبأ صورة الاستواء على العرش عن صورة إحاطته علما بكل شي‏ء فإذا نصب له ذلك السرير خلع عليه جميع الأسماء التي يطلبها العالم وتطلبه فيظهر بها حللا وزينة متوجا مسورا مدملجا

لتعمه الزينة علو أو سفلا ووسطا وظاهرا وباطنا فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية وأمر الله العالم ببيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره فيدخل في بيعته كل مأمور أعلى وأدنى إلا العالين وهم المهيمون العابدون بالذات لا بالأمر فيدخل في أول من يدخل عليه في ذلك المجلس الملأ الأعلى على مراتبهم الأول فالأول فيأخذون بيده على السمع والطاعة ولا يتقيدون بمنشط ولا مكره لأنهم لا يعرفون هاتين الصفتين فيهم إذ لا يعرف شي‏ء منهما إلا بذوق ضده فهم في منشط لا يعرفون له طعما لأنهم لم يذوقوا المكره وما منهم روح يدخل عليه للمبايعة إلا ويسأله في مسألة من العلم الإلهي فيقول له يا هذا أنت القائل كذا فيقول له نعم فيقول له في المسألة وجها يتعلق بالعلم بالله يكون أعلى من الذي كان عند ذلك الشخص فيستفيد منه كل من بايعه وحينئذ يخرج عنه هذا شأن هذا للقطب والكتاب الذي صنفته فيه ذكرت فيه سؤالاته للمبايعين له التي وقعت في زماننا لقطب وقتنا فإنها ما هي مسائل معينة تتكرر من كل قطب وإنما يسأل كل قطب فيما يخطر الله في ذلك الحين مما جرى لهذا الذي بايعه من الأرواح فيه كلام فأول مبايع له العقل الأول ثم النفس ثم المقدمون من عمال السموات والأرض من الملائكة المسخرة ثم الأرواح المدبرة للهياكل التي فارقت أجسامها بالموت ثم الجن ثم المولدات وذلك أنه كل ما سبح الله من مكان ومتمكن ومحل وحال فيه يبايعه إلا العالين من الملائكة وهم المهيمون والأفراد من البشر الذين لا يدخلون تحت دائرة القطب وما له فيهم تصرف وهم كمل مثله مؤهلون لما ناله هذا الشخص من القطبية لكن لما كان الأمر لا يقتضي أن يكون في الزمان إلا واحد يقوم بهذا الأمر تعين ذلك الواحد لا بالأولوية ولكن بسبق العلم فيه بأن يكون الوالي وفي الأفراد من يكون أكبر منه في العلم بالله وهذا المنزل يتضمن مبايعة النبات من المولدات ويدخل فيه قوله في الأجسام الإنسانية والله أَنْبَتَكُمْ من الْأَرْضِ فنبتم نَباتاً فجاء في ذكرهم بالإنبات أنه أنبتهم ولم يؤكده بالمصدر وجاء بمصدر آخر ليعرف بأنهم نبتوا حين أنبتهم فأوقع الاشتراك بينه وبينهم في الخلق ينبه أنه لو لا استعدادهم للانبات ما أثرت فيهم الأسماء فكان خروجهم من الأسماء والاستعداد فللأسماء قوله أَنْبَتَكُمْ من الْأَرْضِ وللاستعداد قوله نَباتاً لأن نباتا مصدر نبت لا مصدر أنبت فإن مصدر أنبت إنما هو إنبات فانظروا ما أعجب مساق القرآن وإبراز الحقائق فيه كيف يعلمنا الله في إخباراته ما هي الأمور عليه فيعطي كل ذي حق حقه إذ لا ينفذ الاقتدار الإلهي إلا فيمن هو على استعداد النفوذ فيه ولا يكون ذلك إلا في الممكنات إذ لا نفوذ له في الواجب الوجود لنفسه ولا في المحال الوجود فسبحان العليم الحكيم‏

[أن الإنسان شجرة من الشجرات‏]

واعلم أن الإنسان شجرة من الشجرات أنبتها الله شجرة لا نجما لأنه قائم على ساق وجعله شجرة من التشاجر الذي فيه لكونه مخلوقا من الأضداد والأضداد تطلب الخصام والتشاجر والمنازعة ولهذا يختصم الملأ الأعلى وأصل وجوده في العالم حكم الأسماء الإلهية المتقابلة في الحكم لا غير هذا مستندها الإلهي قال تعالى في حق محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنه قال ما كانَ لِي من عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى‏ إِذْ يَخْتَصِمُونَ حتى أعلمه الله تعالى فعلم إن للطبيعة فيهم أثرا كما إن للأركان في أجسام المولدات أثرا فلما كان الناس شجرات جعل فيهم ولاة يرجعون إليهم إذا اختصموا ليحكموا بينهم ليزول حكم التشاجر وجعل لهم إماما في الظاهر واحدا يرجع إليه أمر الجميع لإقامة الدين وأمر عباده أن لا ينازعوه ومن ظهر عليه ونازعه أمرنا الله بقتاله لما علم إن منازعته تؤدي إلى فساد في الدين الذي أمرنا الله بإقامته وأصله قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا فمن هناك ظهر اتخاذ الإمام وأن يكون واحدا في الزمان ظاهرا بالسيف فقد يكون قطب الوقت هو الإمام نفسه كأبي بكر وغيره في وقته وقد لا يكون قطب الوقت فتكون الخلافة لقطب الوقت

الذي لا يظهر إلا بصفة العدل ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نواب القطب في الباطن من حيث لا يشعر فالجور والعدل يقع في أئمة الظاهر ولا يكون القطب إلا عدلا وأما سبب ظهوره في وقت وخفاء بعضهم في وقت فهو إن الله ما جبر أحدا على كينونته في مقام الخلافة وإنما الله أعطاه الأهلية لذلك المقام وعرض عليه الظهور فيه بالسيف حسبما ما أمره فمن قبله ظهر بالسيف فكان خليفة ظاهرا وباطنا ما ثم غيره وإن اختار عدم الظهور لمصلحة رآها أخفاه الله وأقام عنه نائبا في العالم يسمى خليفة يجور ويعدل وقد يكون عادلا على قدر ما يوفقه الله سبحانه ويكون حكمه وإن كان جائرا حكم الإمام العادل من نازعه قتل ولا يقتل إلا الآخر فإنه المنازع وأمرنا الله أن لا نخرج يدا من‏

طاعته وأخبرنا أنه من عدل منهم فلهم وأن من جار منهم فعليهم ولنا ولما كان الإنسان شجرة كما ذكرناه نهى الله أول إنسان عن قرب شجرة عينها له دون سائر الشجرات كما هو الإنسان شجرة معينة بالخلافة دون سائر الشجرات فنبهه أن لا يقرب هذه الشجرة المعينة على نفسه وظهر ذلك في وصيته لداود ولا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ يعني هوى نفسه فهو الشجرة التي نهى آدم أن يقربها أي لا تقارب موضع النزاع والخلاف فيؤثر فيك نشأة جسدك الطبيعي العنصري يقول ذلك لنفسه الناطقة المدبرة فإن بها يخالف أمر الله فيما أمره به أو نهاه عنه فقوله هذه الشجرة بحرف الإشارة تعيين لشجرة معينة ولما كانت الإمامة عرضا كما كانت الأمانة عرضا والإمامة أمانة لذلك ظهر بها بعض الأقطاب ولم يظهر بها بعضهم فنظر الحق لهذا القطب بالأهلية ولو نظر الله للإمام الظاهر بهذه العين ما جار إمام قط كما تراه الإمامية في الإمام المعصوم فإنه من شرط الإمام الباطن أن يكون معصوما وليس الظاهر إن كان غيره يكون له مقام العصمة ومن هنا غلطت الإمامية فلو كانت الإمامة غير مطلوبة له وأمره الله أن يقوم فيها عصمه الله بلا شك عندنا وقد نبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم على ما قررناه كله فنبه على العرض بفعله حيث لم يجبر أحدا على ولاية

بل ذكر أنه من تركها كان خيرا له وإنها يوم القيامة حسرة وندامة إلا لمن قام فيها بصورة العدل‏

ونبه على عصمة من أمر بها

بقوله فمن أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن جاءته عن غير مسألة وكل الله به ملكا يسدده‏

وهذا معنى العصمة والسؤال هنا إشارة إلى الرضاء بها والمحبة لهذا المنصب فهو سائل بباطنه وغيره ممن يكره ذلك يجبره أهل الحل والعقد عليها ويرى أنه قد تعين عليه الدخول فيها والتلبس بها لما يرى أن تخلف عنها من ظهور الفساد فيقوم له ذلك في الظاهر مقام الجبر الإلهي بالأمر على التلبس بها فيعصم فيكون عادلا إذ الملك الذي يسدده لا يأمره إلا بخير حتى القرنين‏

كما قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنه أعانه الله عليه فأسلم‏

برفع الميم ونصبها وقال فلا يأمرني إلا بخير فمبايعة النبات هذا القطب هو أن تبايعه نفسه أن لا تخالفه في منشط ولا مكره مما يأمرها به من طاعة الله في أحكامه فإن الله قد جعل زمام كل نفس بيد صاحبها وأمرها إليه فقال وأَمَّا من خافَ مَقامَ رَبِّهِ ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ يعني نفسه وكذلك في داود ولا تَتَّبِعِ الْهَوى‏ يعني نفسه فإنه لو كان هوى غيره نهى أن يتبعه فاتبعه فما يتبعه إلا بهوى نفسه فطاوع نفسه في ذلك فلذلك تعين أنه أراد بالهوى نفسه لا غيره وهو أن يأمره بمخالفة ما أمره الله به أن يفعله أو ينهاه عنه فإذا بايعته نفسه انصرف حكم شجريتها إلى منازعة من ينازع أمر الله فبقي حكم حقيقتها في المخالفين أمر الله إذ علم الله أن حقيقة الخلاف لا تزول فإنها شجرة لعينها فلو زال لزال عينها فلهذا عين الله لها مصرفا خاصا يكون فيه سعادتها وكل من عرف القطب من الناس لزمته مبايعته وإذا بايعه لزمته بيعته وهي من مبايعة النبات فإنها بيعة ظاهرة لهذا القطب التحكم في ظاهره بما شاء وعلى الآخر التزام طاعته وقد ظهر مثل هذا في الشرع الظاهر أن المتنازعين لو اتفقا على حكم بينهما فيما تنازعا فيه فحكم بينهما بحكم لزمهما الوقوف عند ذلك الحكم وأن لا يخالفا ما حكم به فالقطب المنصوب من جهة الحق أولى بالحكم فيمن عرف إمامته في الباطن من الناس ولهذا التحكم الذي قلناه منه في ظاهر من بايعه ألحقنا هذه المبايعة ببيعة النبات بل إن حققت الأمر واتبعت فيه الأصل وجدت النباتية في النفس الجزئية الناطقة لأنها ما ظهرت إلا من هذا الجسم المسوي المعدل وعلى صورة مزاجه فهي أرضه التي نبتت منه حين أنبتها الله بالنفخ في هذا الجسم من روحه وهكذا كل روح مدبر لجسم عنصري فالسعيد من عرف إمام وقته فبايعه وحكمه في نفسه وأهله وماله كما

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في حق نفسه لا يكمل لعبد الايمان حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين‏

ولهذا يشترط في البيعة المنشط والمكره لأن الإنسان ما ينشط إلا إذا وافق الله هوى نفسه والمكره إذا خالف أمر الله هوى نفسه فيقوم به على كره لإنصافه ووفائه بحكم البيعة فإنه ما بايع إلا الله إذ كانت يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ وما شاهدوا بالأبصار إلا يد هذا الشخص الذي بايعوه والنفس أبدا في الغالب تحت حكم مزاجها والقليل من الناس من يحكم نفسه على طبيعته ومزاجه فإن الأمومة للجسم المسوي والنبوة للنفس وقد أمر الإنسان بالإحسان لأبويه والبر بهما وامتثال أوامرهما ما لم يأمره أحد الأبوين بمخالفة أمر الحق فلا يطعه كما قال تعالى وإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وصاحِبْهُما في الدُّنْيا مَعْرُوفاً واتَّبِعْ سَبِيلَ من أَنابَ إِلَيَ‏

فأمر باتباع المنيبين إلى الله ومخالفة نفوسهم إن أبت ذلك فحق الإمام أحق بالاتباع قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وهم الأقطاب والخلفاء والولاة وما بقي لهم حكم إلا في صنف ما أبيح لك التصرف فيه فإن الواجب والمحظور من طاعة الله وطاعة رسوله فما بقي للائمة إلا المباح ولا أجر فيه ولا وزر فإذا أمرك الإمام المقدم عليك الذي بايعته على السمع والطاعة بأمر من المباحات وجبت عليك طاعته في ذلك وحرمت مخالفته وصار حكم ذلك الذي كان مباحا واجبا فيحصل للإنسان إذا عمل بأمره أجر الواجب وارتفع حكم الإباحة منه بأمر هذا الذي بايعه فتدبر ما ذكرناه وما نبهنا عليه من أمر الإمام بالمباح واعرف منزلة البيعة وما أثمرت وما أثرت وكيف نسخت حكم الإباحة بالوجوب عن أمر الحق بذلك فنزل الإمام منزلة الشارع بأمر الشارع فتغير الحكم في المحكوم عليه عما كان عليه في الشرع قبل أمر هذا الإمام فمن أنزله الحق منزلته في الحكم تعين اتباعه‏

[أن النبات عالم وسط بين المعدن والحيوان‏]

واعلم أن النبات عالم وسط بين المعدن والحيوان فله حكم البرازخ فله وجهان فيعطي من العلم بذاته لمن كوشف بحقيقة ما فيه من الوجوه فإن الكمال في البرازخ أظهر منه في غير البرازخ لأنه يعطيك العلم بذاته وبغيره وغير البرزخ يعطيك العلم بذاته لا غير لأن البرزخ مرآة للطرفين فمن أبصره أبصر فيه الطرفين لا بد من ذلك وفي النبات سر برزخي لا يكون في غيره فإنه برزخ بينه من قوله نَباتاً وبين ربه من قوله أَنْبَتَكُمْ والمنصف العادل من حكم بين نفسه وربه ولا يكون حكما حتى تكون نفسه تنازع ربها فيحكم له عليها لعلمه أن الحق بيد الله بكل وجه وعلى كل حال وسبب نزاعها كونها على الصورة ففيها مضادة الأمثال لا مضادة الأضداد فيدخل الإنسان حكما بين ربه وبين نفسه أ لا تراه مأمورا بأن ينهاها عن هواها فأنزلها منزلة الأجنبي وليس إلا عينها وهي التي ادعت فهي الحكم والخصم ولو اقتصر الأمر دونها على الجسم النامي منه وغير النامي لم تكن منازعة فإنه مفطور على التسبيح لله بحمده فالجسم الإنساني كالنجم من النبات لا يقول على ساق فلا يرجع شجرة إلا بوجود الروح المنفوخ فيه فحينئذ يقوم على ساق بخلاف الأشجار كلها فإنها تقوم على ساق من غير نفخ الروح الحيواني فيها فهو نجم بالأصالة وشجرة بالنفخ فسجوده لله سجود الظلال وسجود الشجر لله سجود الأشخاص القائمين على ساق ولما كان النبات برزخيا كان مرآة قابلا لصور ما هو لها برزخ وهما الحيوان والمعدن إذا بايع بايع لبيعته ما ظهر فيه من صور ما هو برزخ لهما تابعا له فتضمنت بيعة النبات بيعة الحيوان والمعادن لأن هذا الإمام يشاهد الصور الظاهرة في مرآة البرازخ وهو علم عجيب كما يرى الناظر في المرآة في الحس غير صورته مما تقبله المرآة من صور غير الناظر من الأشخاص فيدرك فيها ما هي تلك الأشخاص عليه في أنفسها مع كونها في أعيانها غيبا عنه وما رأى لها صورة إلا في هذا الجسم الصقيل فإن أعطته تلك الصورة علما غير النظر إليها كان ذلك العطاء بمنزلة ما يعطي المبايع في البيعة من السمع والطاعة لمن بايعه وإن لم تعط علما لم يرجع ذلك إليها وإنما هو رجع إلى الناظر وإنه ليس بإمام ولا خليفة ولا له بيعة أصلا وبهذا يتميز الإمام في نفسه عن غيره ويعلم أنه إمام فإن أخذ العلم هذا الناظر من تلك الصورة بحكم التفكر والاعتبار فيخيل أنه إمام وقته فليس كذلك إلا أن تعطيه الصور العلم من ذاتها كشفا من غير فكر ولا اعتبار وإن اتفق أن يساويه صاحب الفكر في ذلك العلم الكشفي فليس بإمام لاختلاف الطريق فإن الإمام لا يقتني العلوم من فكره بل لو رجع إلى نظره لأخطأ فإن نفسه ما اعتادت إلا الأخذ عن الله وما أراد الله لعنايته بهذا العبد أن يرزقه الأخذ من طريق فكره فيحجبه ذلك عن ربه فإنه في كل حال يريد الحق أن يأخذ عنه ما هو فيه من الشئون في كل نفس فلا فراغ له ولا نظر لغيره وللعاقل إذا استبصر دليل قد وقع يدل على صحة ما ذكرناه‏

نهى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عن إبار النخل ففسد لأنه لم يكن عن وحي إلهي ونزوله يوم بدر على غير ماء فرجع إلى كلام أصحابه‏

فإنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما تعود أن يأخذ العلوم إلا من الله لا نظر له إلى نفسه في ذلك وهو الشخص الأكمل الذي لا أكمل منه فما ظنك بمن هو دونه وما بقي للعارفين بالله علاقة بين الفكر وبينهم بطريق الاستفادة ولا يسمى الشخص إلهيا إلا أن لا يكون أخذه العلوم إلا عن الله من فتوح المكاشفة بالحق يقول أبو يزيد البسطامي أخذتم‏



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!