Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التحاور والمنازعة وهو من الحضرة المحمدية الموسوية

كتابا كصورة الظاهر والشهادة وكونه كلاما كصورة الباطن والغيب فأنت بين كثيف ولطيف والحروف على كل وجه كثيف بالنسبة إلى ما يحمله من الدلالة على المعنى الموضوع له والمعنى قد يكون لطيفا وقد يكون كثيفا لكن الدلالة لطيفة على كل وجه وهي التي يحملها الحرف وهي روحه والروح ألطف من الصورة ثم إن الله قد جعل للقرآن سورة من سورة قلبا وجعل هذه السورة تعدل القرآن عشرة أوزان وجعل لآيات القرآن آية أعطاها السيادة على آي القرآن وجعل من سور هذا القرآن سورة تزن ثلثه ونصفه وربعه وذلك لما أعطته منزلة تلك السورة والكل كلامه فمن حيث هو كلامه لا تفاضل ومن حيث ما هو متكلم به وقع التفاضل لاختلاف النظم فاضرع إلى الله تعالى ليفهمك ما أومأنا إليه فإنه المنعم المحسان‏

«وصل»

كون القرآن نورا بما فيه من الآيات التي تطرد الشبه المضلة مثل قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا وقوله لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ وقوله فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ وقوله فَأْتِ بِها من الْمَغْرِبِ وقوله إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى‏ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا وقوله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً وقوله فَأْتُوا بِسُورَةٍ من مِثْلِهِ وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا لأن النور هو المنفر الظلم وبه سمي نورا إذ كان النور النفور

«وصل»

وأما كونه ضياء فلما فيه من الآيات الكاشفة للأمور والحقائق مثل قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ وسَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ وقوله من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله وقوله أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ وقوله لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وقوله وما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله وقوله كُلٌّ من عِنْدِ الله وقوله فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها وما أشبه ذلك مما يدل على مجرى الحقائق ومثل قوله والله خَلَقَكُمْ وما تَعْمَلُونَ‏

«وصل»

وأما كونه شفاء فكفاتحة الكتاب وآيات الأدعية كلها

«وصل»

وأما كونه رحمة فلما فيه مما أوجبه على نفسه من الوعد لعباده بالخير والبشرى مثل قوله لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله وقوله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وقوله ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وكل آية رجاء

«وصل»

وأما كونه هدى فكل آية محكمة وكل نص ورد في القرآن مما لا يدخله الاحتمال ولا يفهم منه إلا الظاهر بأول وهلة مثل قوله وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وقوله ولَكُمْ في الْقِصاصِ حَياةٌ وقوله من جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ومن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها وقوله فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله وأمثال هذه الآيات مما لا تحصى كثرة

«وصل»

وأما كونه ذكرا فلما فيه من آيات الاعتبارات وقصص الأمم في إهلاكهم بكفرهم كقصة قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة وأصحاب الرس‏

«وصل»

وأما كونه عربيا فلما فيه من حسن النظم وبيان المحكم من المتشابه وتكرار القصص بتغيير ألفاظ من زيادة ونقصان مع توفية المعنى المطلوب في التعريف والإعلام مع إيجاز اللفظ مثل قوله يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ وقوله ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا وقوله يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ ويا سَماءُ أَقْلِعِي وغِيضَ الْماءُ وقُضِيَ الْأَمْرُ واسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وقوله وأَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ في الْيَمِّ ولا تَخافِي ولا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وجاعِلُوهُ من الْمُرْسَلِينَ كل ذلك في آية واحدة تحتوي على بشارتين وأمرين بعلم نافع وتبيين ببشرى من الله‏

«وصل»

وأما كونه مبينا فبما أبان فيه من صفات أهل السعادة وأهل الشقاء ونعوت أهل الفلاح من غيرهم كقوله قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى آخر الآيات وقوله إِنَّ الله اشْتَرى‏ من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وآيات الأحكام وكل آية أبان بها عن أمر ليعرف فلهذا سماه بهذه الأسماء كلها وجعله قرآنا أي ظاهرا جامعا لهذه المعاني كلها التي لا توجد إلا فيه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ كمل السفر الحادي والعشرون بكمال هذا الباب‏

«الباب السادس والعشرون وثلاثمائة في معرفة منزل التحاور والمنازعة وهو من الحضرة المحمدية الموسوية»

ينزل الله أينما كنا *** دون أسماء ذاته الحسنى‏

وهو نور والنور مظهره *** ولهذا أزاله عنا

فذوات الكيان مظلمة *** وهي أدنى الدنو لا أدنى‏

ثم حزناه صورة شرفا *** جملة الأمر نعم ما حزنا

سمع الله صوت سائله *** بالذي قد أراده منا

فلهذا نكونه أبدا *** ولهذا عنا فما زلنا

فإذا شاء أن يولدنا *** في هيولى وجوده أمنا

بلبل البال في ذري فنن *** يطرب الشرب كلما غنى‏

فظهرنا به لنا فأبى *** فاستحلنا عنا وما حلنا

اعلم أيدك الله أن هذا المنزل خاصة دون غيره من المنازل ما فيه علم يظهر منه في الكون أو يدل عليه في العين أو في الاسم أو في الحكم إلا ولحكم الله من حيث هذا الاسم الذي هو الجامع لمراتب الألوهية فيه أي في ذلك العلم نظر من وجه ووجهين وثلاثة وأربعة وأكثر ولا تجد ذلك في غيره من المنازل فسألت كم علم فيه فرفع لي المنزل بكماله فرأيت فيه ثلاثة وعشرين علما منصوبا ونظرت إلى الألوهية في تلك الأعلام كلها فوجدت نظرها إليها من أربعين وجها وقيل لي ما جمعها إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ومن هذا المنزل كانت سيادته على جميع العالم فمن ورثه فيه من أمته حصل له من السيادة بقدره في هذه الجمعية ومن هذا المنزل تعطي الحكمة لمن أخلص لله أربعين صباحا فهو يشهد الله في جميع أحواله كما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يذكر الله على كل أحيانه ويتضمن هذا المنزل من المسائل معرفة ازدواج المقدمات للإنتاج وعلم منازعة المرسل إليه للرسول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم مع إيمانه به وبما جاء به من عند الله فيرجع خصما في هذا المنزل ويتولى الله الحكم بين الرسول والمرسل إليه مع علمه بأن الرسول لا ينطق عن الهوى وإنه يبلغ عن الله ما أرسله به ومع هذا كله يدعى عليه في نفس ما جاء به فيرتفع إلى الله ليحكم بينهما وهو من أصعب العلوم في التصور لوجود الايمان والتصديق به من الخصم وفيه علم من ترك خلفه ما شرع له أن يكون أمامه وفيه علم الانتساب أعني انتساب الفروع إلى أصولها ومن ألحق فرعا بغير أصله ما حكم الله فيه من طريق الكشف وفيه علم ظهور الباطل بصورة الحق والباطل عدم لا وجود له والصورة موجودة فهي حق فأين عين الباطل الذي ظهر والصورة إنما هي للحق وما الستر الذي بين العقل والحق حتى يستره الباطل بصورة الحق وعلم الفرق بين الخاطر الأول والخاطر الثاني وإنه غير مؤاخذ بالخاطر الأول مؤاخذ بالخاطر الثاني والثاني عين صورة الأول فلما ذا لم يصدق في الثاني في بعض الأمور كما يصدق في الأول فهل ذلك لمرتبة الثاني فإن الثاني مما زاد في مراتب العدد أصله عدم والأول وجود وبالأول ظهر من الأعداد ما ظهر مما هو ظهر لها وفيه علم إلحاق من استرقه الحجاب من الأمثال بالحرية لمن قلب الحقائق في نظره فالحق الأمور بغير مراتبها والفروع بغير أصولها وفيه علم السبب الإلهي الذي لأجله كان هذا وفيه إضافة علم الأذواق إلى الله تعالى وهو شعور بالعلم بها من غير ذوق فأي نسبة إلهية أعطت مثل هذا الحكم في العلم الإلهي مثل قوله حَتَّى نَعْلَمَ وهو يعلم فهذا هو علم الذوق وفيه علم مقدار إقامة الصفة التي لا تقبل المثل بالعبد لإزالة رفع هذا الواقع من هذا الشخص الذي أنزل الخف منزلة الإمام في غير موضعه فخلط بين الحقائق وتخيل هذا أن‏

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إني أراكم من خلف ظهري‏

إنه برؤيته صار إماما فإنما جعل له حكم النظر كما هو للإمام والإمام إمام والخلف خلف فإن عجز عن اللبث تحت قدر حكم هذه الصفة العديمة المثل فلم يكشف غلطه ولا رأى الحق لعجزه عن القيام بهذه المدة التي تفني فيها نفسه حصل في علم آخر في هذا المنزل مجاور لهذا يطلبه بحياة أنفس معدودين موفين له بالصفة التي كان يفنى نفسه فيها فظهر شرف نفسه على غيره حيث قام جماعة من أمثاله مقام نفسه مع الاشتراك في الصورة والمقام والحال وقد بين الله الفرقان بينهما وجعل حق النفس على نفسها أعظم من حقوق أمثالها عليه بلغت ما بلغت فأدخل قاتل أنفس الغير في المشيئة من غير قطع بالمؤاخذة فهو بين العفو والمؤاخذة مع تعلق حقوقهم به وجعل قاتل نفسه في النار بأن حرم عليه الجنة لعظم حق نفسه على نفسه وقد ورد أن حق الله أحق أن يقضى من حق الغير

فجعل كذلك حق النفس وفيه علم السبب الذي لأجله رتب هذه الحقوق هكذا وجعل لها هذه الحدود الإلهية وفيه علم صفة عذاب من يستر الحق عن أهله إذا توجه عليه كشفه لهم بالإيجاب الإلهي وفيه علم من عدل عن الحق بعد إقامة البينة عليه المقطوع بها ما الذي عدل به عن الحق وما حكمه في هذا العدول عند الله وفيه علم عذاب أهل الحجب هل عذابهم بحجابهم أو بأمر آخر وفيه علم الجمع للتعريف بالأعمال المنسية عندهم وغير المنسية ومن يتولى ذلك من الأسماء الإلهية وفيه علم تعلق علم الله الذي لا تدركه الأكوان بما في العالم بطريق المشاهدة والمجالسة ثم تأخير التعريف بما كان من الأكوان من الأعمال إلى زمان مخصوص معين عند الله وفيه علم النجوى الأخراوية والدنياوية وفيه علم آداب المناجاة بين المتناجين وبما ذا يبدأ من يناجي ربه أو أحدا من أهل الله وفيه علم اتساع مجالس‏

الذاكرين الله لكون الله جليسهم من الاسم الواسع وفيه علم مراتب الايمان من العلم وأي الدرجات أرفع وفيه علم المفلسين وما الذي أفلسهم مع ما عندهم من الموجود وفيه علم رجوع الله على العبد متى رجع هل يختلف أو لا يختلف ولما ذا يرجع ذلك الاختلاف إن كان مختلفا هل للراجع أو لحال المرجوع إليه وفيه علم ما ينتجه التولي عن الذكر من الغضب الإلهي وفيه علم ما يغني وما لا يغني وفيه تفرق الأحزاب من أي حقيقة تفرقوا من الحقائق الإلهية وفيه علم الوجوب الإلهي بما ذا تعلق وفيه علم من ترك أحباه لما ذا تركهم وما حليتهم وصفتهم وفيه علم البقاء والفوز والنجاة وكل علم من هذه العلوم الإلهية من الاسم الله لا من غيره من الأسماء ولا تجد ذلك إلا في هذا المنزل خاصة فإنه منزل مخصوص بحكم الله دون سائر الأسماء مع مشاركة بعض الأسماء فيه فهذا بعض ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم عيناها لك لترتفع الهمة منك إلى نيلها فتح مكاشفة من الله ثم نرجع إلى الكلام على بعض ما يحوي عليه هذا المنزل فنقول إن الله قال في كتابه إنه وَضَعَ الْمِيزانَ ليظهر به إقامة العدل في العالم بصورة ظاهرة محسوسة ليرتفع النزاع بين المتنازعين لوجود الكفتين المماثلة للخصمين ولسان الميزان هو الحاكم فإلى أية جهة مال حكم لتلك الجهة بالحق وإن هو بقي في قبته من غير ميل إلى جهة إحدى الكفتين علم إن المتنازعين لكل واحد منهما حق فيما ينازع فيه فيقع له الإنصاف لما شهد له به حاكم لسان الميزان فارتفع الخصام والمنازعة والحاكم لا يكون خصما أبدا فإن نوزع فما ينازعه إلا من عزله من الحكم أو من جهل إنه حاكم ولهذا

قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم عند نبي لا ينبغي تنازع‏

أي لا يكون نزاع مع حضوره أو تمكن الوصول إلى حضوره فإذا فقد ظهر النزاع وادعى كل واحد من الخصماء أن الحق بيده فلو إن الله يفتح عين بصائر الخصماء لمشاهدة الحق ويعلمون أنه بالمرصاد وهو الحاكم وبيده الميزان يرفع ويخفض لم يصح نزاع في العالم فدل وقوعه أن الكل في حجاب عن الحاكم صاحب الوزن والميزان فإذا رأيت من ينازع في العالم فتعلم أنه في حجاب عن الله فإن نازع أحدهما ولم ينازع الآخر بل سكت عنه فتعلم إن الساكت عنه إما صاحب شهود أو صاحب خلق فإن كان النزاع في تعدى حد إلهي فالمنازع في ذلك صاحب أدب إلهي أو متصور بصورة صاحب أدب إلهي وهو المرائي لكنه خير بالجملة فصاحب الأدب الإلهي ما هو منازع وإنما هو ترجمان منازع والمترجم عنهم هم الأسماء الإلهية التي منها نشاء النزاع في العالم ومن أجلها وضع الميزان الشرعي في الدنيا والميزان الأصلي في الآخرة فإن المعز والمذل خصم والضار والنافع خصم والمحيي والمميت خصم والمعطي والمانع خصم وكل اسم له مقابل من الأسماء في الحكم والميزان الموضوع بين هذه الأسماء الاسم الحكم والميزان العدل في القضاء فينظر الحكم استعداد المحل فيحكم له بحسب استعداده فيجعله في حزب أحد الاسمين المتقابلين المتنازعين فإذا علمت وضع الموازين على اختلاف صورها في المعنى والحس كنت أنت عين الحاكم بها وصحت لك النيابة عن الله في كون الميزان بيدك تخفض وترفع غير إن الفارق بينك وبين الله في الوزن إن الله يرفع بالمشيئة ويخفض بالمشيئة وأنت لا أثر لمشيئتك في الوزن وإنما تزن لمن ترى الحق بيده فأنت صاحب علامة تعرف صاحب الحق فتزن له والحق صاحب مشيئة وهنا سر يخفى عن بعض العارفين وهو أن المشيئة تعين بالميزان إذا رفعت أو خفضت إن استعداد المحل أعطى ذلك كما إن وجود الحق في نفس الأمر أعطى لصاحب العلامة أن يزن له لعلمه بأن الحق له كما علم الحق تعالى أن استعداد هذا المحل أعطاه الوزن له ولا أثر للمشيئة في الاستعداد بما هو استعداد وإنما

أثرها في تعيين هذا المحل الخاص لهذا الاستعداد الخاص إذ يجوز أن يكون لغيره لا يجوز أن تزول حقيقة الاستعداد ولا إن تنقلب مثل ما نقول في علم الطبيعة إن الحرارة لا تنقلب برودة لكن الحار ينقلب باردا من جهة كونه محلا وعينا لا من كونه حارا ولا باردا فالاستعداد الذي هو كذا لا ينقلب للاستعداد الذي هو كذا وإنما المحل القابل لهذا الاستعداد المعين قابل لغيره من الاستعدادات فالمشيئة خصصته بهذا الاستعداد دون غيره ما خصصت الاستعداد فإني رأيت جماعة من أصحابنا غلطوا في هذه المسألة ورأوا أن المشيئة لا أثر لها في هذا المحل لما يعطيه استعداد ذلك المحل إذ لا أثر لها في الاستعداد والأمر على ما بيناه إن عقلت‏

(فمن مسائل هذا الباب)

أن ميزان الطبيعة نازع الميزان الإلهي الروحاني لما علمت إن ميزانها ما هو بجعل جاعل وذهلت أن ظهور ميزانها

في شي‏ء معين إنما هو بجعل جاعل وهو الميزان الإلهي فلما نازعت الطبيعة بميزانها الميزان الإلهي الروحاني ونازعها الميزان الروحاني الإلهي وهو الأقوى وله الحكم وما وقع الخصام إلا من الطبيعة لأنها ما رضيت بذلك الميزان ولا بالوزن فارتفعت إلى الله تطلب منه أن يحكم بينها وبين الميزان الروحاني ويحكم بينها وبين الروح المتوجه عليها بالنكاح الروحاني النوري لظهور الأجسام الطبيعية والأرواح الجزئية الإنسانية وغير الإنسانية إذ كان كل جسم في العالم مقيدا بصورة روح إلهي يلازم تلك الصورة به تكون مسبحة لله فمن الأرواح ما تكون مدبرة لتلك الصورة لكون الصورة تقبل تدبير الأرواح وهي كل صورة تتصف بالحياة الظاهرة والموت فإن لم تتصف بالحياة الظاهرة والموت فروحها روح تسبيح لا روح تدبير فإذا ظهرت صورة طبيعية تقبل التدبير وظهرت لها نفس جزئية مدبرة لها كانت الصورة بمنزلة الأنثى والروح المدبر لها بمنزلة الذكر فكانت الصورة له أهلا وكان الروح لتلك الصورة بعلا وهذه الأرواح الجزئية متفاضلة بالعلم بالأشياء فمنهم من له علم بأشياء كثيرة ومنهم من لا يعلم إلا القليل ولا أعلم بالله من أرواح الصور التي لا حظ لها في التدبير لكون الصورة لا تقبل ذلك وهي أرواح الجماد ودونهم في رتبة العلم بالله أرواح النبات ودونهم في العلم بالله أرواح الحيوان وكل واحد من هؤلاء الأصناف مفطور على العلم بالله والمعرفة به ولهذا ما لهم هم إلا التسبيح بحمده تعالى ودون هؤلاء في العلم بالله أرواح الإنس وأما الملائكة فهم والجمادات مفطورون على العلم بالله لا عقول لهم ولا شهوة والحيوان مفطور على العلم بالله وعلى الشهوة والإنس والجن مفطورون على الشهوة والمعارف من حيث صورهم لا من حيث أرواحهم وجعل الله لهم العقل ليردوا به الشهوة إلى الميزان الشرعي ويدفع عنهم به منازعة الشهوة في غير المحل المشروع لها لم يوجد الله لهم العقل لاقتناء العلوم والذي أعطاهم الله لاقتناء العلوم إنما هي القوة المفكرة فلذلك لم تفطر أرواحهم على المعارف كما فطرت أرواح الملائكة وما عدا الثقلين ولما تفاضلت مراتب الإنس في العلم بالأشياء أراد بعض الأرواح أن يلحق حكم الصورة التي هو مدبر لها بحكم الطبيعة التي وجدت عنها تلك الصورة وتنزلها منزلتها في الحكم وهي لا تنزل منزلتها أبدا فقال له المعلم هذا الذي رمته محال فإن الصورة لا تفعل فعل الطبيعة فإنها منفعلة عنها وأين رتبة الفاعل من المنفعل أ لا ترى النفس الكلية التي هي أهل للعقل الأول ولما زوج الله بينهما لظهور العالم كان أول مولود ظهر عن النفس الكلية الطبيعية فلم تقو الطبيعة أن تفعل فعل النفس الكلية في الأشياء لأن الجزء ما له حكم الكل والكل له حكم الجزء لأنه بما يحمله من الأجزاء كان كلا فلما عجز هذا الروح الجاهل عن إلحاق الصورة بالطبيعة التي هي أم له قال لعل ذلك لعجزى وقصوري عن إدراك العلم في ذلك فيعود في طلب ذلك من الله إلى الله فطلب من الله أن ينفعل عن الصورة ما ينفعل عن الطبيعة فوجد القوابل التي تؤثر فيها الصورة غير قابلة لما تقبله الصور التي لها قبول أثر الطبيعة والحق سبحانه لا يعطي الأشياء كما تقدم إلا بحسب استعداد المعطي إياه إذ لا يقبل ما لا يعطيه استعداده فلما تبين لهذا الروح خطؤه من صوابه وعلم أنه نفخ في غير ضرم طلب الوقوف مع صورته بحسب ما يعطيه استعدادها فقبل الوصول إلى إبراز ما يلقي منه إلى الصور لإظهار عين ما من أعيان الممكنات المعنوية والحسية أو الخيالية ظهر له في فتوح المكاشفة بالحق لا في فتوح الحلاوة ولا في فتوح العبارة ثلاث مراتب مرتبة الحرية وقد تقدم بابها وهي التي تخرجه عن رق الأكوان لأنه كان قد استرقه هذا الطلب الذي كان عن جهله بالأمور وكان الله أعلم بذلك أنه لا يقع ولا علم له بما في علم الله ولا بما هو الأمر عليه فإن اتصف بهذا المقام وظهر بهذه الحال مكنه الله من مراده ووهبه قوة الإيجاد وإن عجز عن الاتصاف بهذا المقام فهو بحاله أعجز فإن الحال موهبة إلهية والمقام مكتسب فعدل عند ذلك إلى المرتبة الثانية وهي على الترتيب في الحكم والشهود فقام له الحق في التجلي الصمداني فإن قدر على النظر إليه فيه وثبت لتجليه‏

ولم يك جبليا فيصير دكا ولا موسويا فيصعق كان له ما طلب من الله من الانفعال عن صورته ما يعطيه استعدادها إذا أمكنه الله من الحكم فيها فإن كان موسويا أو جبليا لم يثبت لذلك التجلي المفني من يطلب باستعداده الفناء والمهلك من يطلب باستعداده الهلاك قامت له مرتبة إمساك الحياة على العالم القابل للموت فوجده في رتب على عدد درجات التجلي الصمداني فإنه موت أو إمساك حياة فإن اعتنى الله به وأعطاه القوة على ذلك تصرف في صورته كيف شاء وإن لم يعط



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!