Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل ثناء تسوية الطينة الآدمية فى المقام الأعلى من الحضرة المحمدية

يستفيد الأستاذ من التلميذ أشياء من مواهب الحق تعالى لم يقض الله للاستاذ أن ينالها إلا من هذا التلميذ كما نعلم قطعا أنه قد يفتح للإنسان الكبير في أمر يسأله عنه بعض العامة مما لا قدر له في العلم ولا قدم ويكون صادق التوجه في هذا العلم المسئول عنه فيرزق العالم في ذلك الوقت لصدق السائل علم تلك المسألة ولم تكن عنده قبل ذلك عناية من الله بالسائل وتضمنت عناية الله بالسائل إن حصل للمسئول علما لم يكن عنده ومن راقب قلبه يجد ما ذكرناه فالحمد لله الذي استفدنا من أولادنا مثل ما استفاده شيوخنا منا أمورا كانت أشكلت عليهم ويتضمن هذا المنزل علم التبليغ عن الله إلى خلقه من رسول ونبي ووارث ويتضمن علم السياسة في التعليم بباب اللطف من حيث لا يشعر المطلوب بذلك ويتضمن علم الجزاء المطلق والمقيد فالمطلق مجازاة العبد ربه مثل الشكر على المنعم ومجازاة الله العبد مثل المزيد فيما وقع عليه الشكر من العبد والمجازاة المقيدة هي جزاء الله العبد في الدار الآخرة فإنها ليست بدار تكليف قال تعالى وأَوْفُوا بِعَهْدِي في موطن التكليف وهو الدنيا أُوفِ بِعَهْدِكُمْ في الدارين معا دنيا وآخرة وهذا القدر كاف في هذا الباب إن شاء الله تعالى والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السابع والتسعون ومائتان في معرفة منزل ثناء تسوية الطينة الإنسية في المقام الأعلى من الحضرة المحمدية»

تنزه أيها الخلق المسوي *** على صفة المسوي بالسواء

ولا تنظر إلى ما حال منه *** وجاء به الرسول من السماء

فإن خفت الرجاء أيدت فيه *** بما تعطيه مأمنة الرجاء

سليمانية وقفت أمامي *** أقيم بها رخاء من رخاء

وقفت على الصفا أعنو لسر *** إلهي بمنزلة الصفاء

وعانقت الغزالة في سناها *** لا علو فوق منزلة السهاء

وجاوزت العقول بغير حد *** وخضت حيا النفوس على حياء

[كل شي‏ء في العالم يسبحون الله‏]

قال الله تعالى وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فما من صورة في العالم وما في العالم إلا صور إلا وهي مسبحة خالقها بحمد مخصوص ألهمها إياه وما من صورة في العالم تفسد إلا وعين فسادها ظهور صورة أخرى في تلك الجواهر عينها مسبحة لله تعالى حتى لا يخلو الكون كله عن تسبيح خالقه فتسبحه أعيان أجزاء تلك الصورة بما يليق بتلك الصورة والصور التي في العالم كلها نسب وأحوال لا موجودة ولا معدومة وإن كانت مشهودة من وجه ما فليست بمشهودة من وجه آخر وعين زمان فناء تلك الصور عين زمان وجود تلك الصور أي عين فسادها هو عين الأخرى لا أنه بعد الفساد تحدث الأخرى‏

[أن العالم كله ما عدا الإنس والجان مستوفى الكشف لما غاب عن الإحساس البشري‏]

واعلم إذا علمت هذا أن العالم كله ما عدا الإنس والجان مستوفى الكشف لما غاب عن الإحساس البشري فلا يشاهد أحد من الجن والإنس ذلك الغيب إلا في وقت خرق العوائد لكرامة يكرمه الله بها أو خاصية أمر ما من الأمور التي تعطي كشف الغيوب كما إن كل جماد ونبات وحيوان في العالم كله وفي عالم الإنسان والجن وأجسام الملائكة والأفلاك وكل صورة يدبرها روح محسوسا كان ذلك التدبير فيمن ظهرت حياته أو غير محسوس فيمن بطنت حياته كأعضاء الإنسان وجلوده وما أشبه ذلك كل هؤلاء في محل كشف الغيوب الإلهية المستورة عن الأرواح المدبرة لهذه الأجسام من ملك وإنس وجن لا غير فإنها محجوبة عن إدراك هذا الغيب الإلهي إلا بخرق عادة في بعضهم أو في كلهم وقد عرفت أن الحجر والحيوان والنبات عرف من هذا الباب نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو من الغيوب الإلهية فيجهل كل روح مثل هذا إلا أن يعرفه الله به إلا من ذكرناهم فإنهم يعرفونه بالفطرة التي فطرهم الله عليها إذا ظهر ناداهم الحق به في ذواتهم باسمه وإذا حضر بعينه أخبرني يوسف ابن يخلف الكومي من أكبر من لقيناه في هذا الطريق سنة ست وثمانين وخمسمائة رحمه الله قال أخبرني موسى السرداني وكان من الأبدال المحمولين قال لما مشيت أنا ورفيقي إلى الجبل المسمى قاف وهو جبل محيط بالبحر

المحيط بالأرض وقد خلق الله حية على شاطئ ذلك البحر بين البحر والجبل دارت بجسمها بالبحر المحيط إلى أن اجتمع رأسها بذنبها فوقفنا عندها فقال لي صاحبي سلم عليها فإنها ترد عليك قال موسى فسلمت عليها فقالت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثم قالت لي كيف حال الشيخ أبي مدين وكان أبو مدين ببجاية في ذلك الوقت فقلت لها تركته في عافية وما علمك به فتعجبت وقالت وهل على وجه الأرض أحد لا يحبه وجهها إنه والله مذ اتخذه الله وليا نادى به في ذواتنا وأنزل محبته إلى الأرض في قلوبنا فما من حجر ولا مدر ولا شجر ولا حيوان إلا وهو يعرفه ويحبه فقلت لها والله لقد ثم أناس يريدون قتله لجهلهم به وبغضهم فيه فقالت ما علمت إن أحدا يكون على هذه الحال فيمن أحبه الله فهذا من ذلك الباب ومنه شهادة الأيدي والأرجل والجلود والأفواه والألسنة التي هي في نظرنا خرس هي ناطقة في نفس الأمر فكل مخلوق ما عدا بنى آدم في مقام الخشوع والتواضع إلا الإنسان فإنه يدعي الكبرياء والعزة والجبروت على الله تبارك وتعالى وأما الجن فتدعى ذلك على من دونها في زعمها من المخلوقين كاستكبار إبليس من حيث نشأته على آدم عليه السلام ولذا قال أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً لأنه رأى عنصر النار أشرف من عنصر التراب وقال أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي من نارٍ وخَلَقْتَهُ من طِينٍ فلم يتكبر على الله عز وجل فاختص الإنسان وحده من سائر المخلوقات بهذه الصفة فلما حصلت مثل هذه الدعوى في الوجود وتحققت من المدعي في نفسه وفيمن اعتقد ذلك فيه مثل فرعون ومن استخف من قومه جعل الله في الوجود أفعل من كذا بمعنى المفاضلة كالمقرر لتلك الدعوى والمثبت لها فقال الله أكبر فأتى بلفظة افعل وقال صلى الله عليه وسلم الله أعلى وأجل‏

فأتى بأفعل فكل افعل من كذا المنعوت به جلال الله فسببه مشاركة الدعوى في تلك الصفة لكن منها محمود ومذموم فالمذموم ما ادعاه فرعون والمحمود مثل قوله تعالى عن نفسه إنه أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وأَحْسَنُ الْخالِقِينَ فأتى بأفعل وأثنى على الرحماء من عباده بأن جعل نفسه أرحم منهم بخلقه وأما تقريره العام فإن الرحمة منهم حقيقة أوجدها فيهم فتراحموا بها وأوجد الكبرياء في الإنسان بالصورة فتكبر به فإن قلت إذا ورد أفعل فليس هو المقصود به أفعل من قلنا فالله يقول أَحْسَنُ الْخالِقِينَ وهو هنا افعل من بلا شك وكذلك في حق الإنسان لما قال تعالى أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فكل موجود فهو على التقويم الذي يعطيه خلقه وقال في الإنسان إنه خلقه في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ أي التقويم الذي خلقه عليه أفضل من كل تقويم وما صحت له هذه الصفة التي فضل بها على غيره إلا بكونه خلقه الله على صورته فإن قلت فهذا التغيير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه وصورة الحق لا تقبل التغيير قلنا الله يقول في هذا المقام سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ وقال صلى الله عليه وسلم فرغ ربك وقال يتجلى في أدنى صورة ثم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوه فيها بالعلامة التي يعرفونها

فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلي عن مقام التغيير بذاته والتبديل ولكن التجليات في المظاهر الإلهية على قدر العقائد التي تحدث للمخلوقين مع الآنات تسمى بهذا المقام وإذا كان الأمر على ما ذكرناه وكذلك هو فيصح ما ذكرناه ويرتفع الاعتراض الوهمي تعالى الله علوا كبيرا

[الحروف المرقومة في الصحف يفهم منها كلام الله‏]

ومما يتضمن هذا المنزل من العلوم علم أسماء الأسماء وأن لها من الحرمة ما للمسمى بأسمائها فالحروف المرقومة في الصحف أعيان كلام يفهم منها كلام الله الذي هو موصوف به ولما ذا يرجع ذلك الوصف علم آخر اختلف الناس فيه ولا حاجة لنا في الخوض في ذلك فالحق سبحانه من كونه متكلما يذكر نفسه بأسمائه بحسب ما ينسب إليه الكلام الذي لا تكليف نسبته ولتلك الأسماء أسماء عندنا في لغة كل متكلم فيسمى بلغة العرب الاسم الذي سمي به نفسه من كونه متكلما الله وبالفارسية خداي وبالحبشية واق وبلسان الفرنج كربطور وهكذا بكل لسان فهذه أسماء تلك الأسماء وتعددت لتعدد النسب فهي معظمة في كل طائفة من حيث ما تدل عليه ولهذا نهينا عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو وهو خط أيدينا أوراق مرقومة بأيدي المحدثات بمداد مركب من عفص وزاج فلو لا هذه الدلالة لما وقع التعظيم لها ولا الحقارة ولهذا يقال كلام قبيح وكلام حسن في عرف العادة وفي عرف الشرع وأمثال ذلك وسببه مدلول هذه الألفاظ في الاصطلاح والوضع وهذا علم شريف لا يدركه سوى أهل الكشف على ما هو

الأمر عليه فليس بأيدينا سوى أسماء الأسماء فإذا وقع التنزيه لأسماء الأسماء فتنزيه العبد الكامل أولى بالحرمة لأجل الصورة ولا سيما الوجه إذ كان الوجه أشرف ما في ظاهر الإنسان لكونه حضرة جميع القوي الباطنة والظاهرة ووجه كل شي‏ء ذاته‏

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يضرب وجه غلام له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته‏

وهو محل الإقبال على الله دون غيره من الجهات فهي الجهة العظمى‏

[الفرق بين الخلق والتقدير]

ومن علوم هذا المنزل العلم بالفرق بين الخلق والتقدير فالتقدير متعلق الاسم المدبر والمفصل لا غيرهما من الأسماء وقد قال يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ وكلا الاسمين تحت حيطة الاسم العالم ولا دخول للاسم القادر في هذه الحضرة فإن هذه الأسماء الثلاثة راجعة إلى ذات الحق ولا يكون الحق مقدورا لنفسه فلا حكم للاسم القادر هنا فالاسم المقدر هو المعتبر في هذه المرتبة والخلق يطلب الاسم القادر عقلا ويطلب الاسم القائل كشفا وشرعا وإنما قلنا كشفا ليفرق في ذلك بين الولي والنبي لأن كل واحد من هذين الرجلين يقول بهذا بخلاف ما يعطيه النظر الفكري للعقل بدليله فكما تميز الاسم القادر من المقدر لفظا ومعنى كذلك تميز الخلق من التقدير لفظا ومعنى فبالتقدير يقع البيان في صور الموجودات على اختلاف ذواتها حسية كانت أو معنوية من عالم الحروف الرقمية أو اللفظية أو الفكرية ومن عالم الأعيان القائمة بأنفسها ومن عالم الأعيان التي لا تقوم بأنفسها ويدخل في ذلك عالم النسب فبما في هذه الأعيان من التسوية لذوات أشخاصها في عالم الغيب والشهادة يكون خلقا ولا يدخل في هذا عالم النسب لأنها ليست أعيانا وجودية ولا تتصف بالعدم المطلق لكونها معقولة وبما فيها كلها من التمييز الذي يتضمنه أعيانها عقلا كان أو حسا يكون للتقدير لا للخلق فإذا ظهر عين ما ذكرناه من كل عالم للحس أو للعقل عن الاسم الخالق أو المدبر المفصل والمقدر علق نفع بعضه ببعض فنفعت الأعيان بعضها بعضا ودعاهم الحق إليه من خلف ستر هذه الأعيان عند توجه بعضها لبعض بالمنافع فيدعو كل صورة من كل صورة إليه فمنا من يشعر فيعرف من دعاه ومنا من يلتبس عليه ذلك ولا يعرف كيف الأمر ويجد في نفسه قوة الفرقان ولا يبدو له وجه الفرقان ومنا من لا يلتبس عليه ذلك ويكون أعمى مكفوف البصر أكمه فيقول ما ثم إلا ما نشاهد وهي أعيان هذه الصور فنحن ثلاثة أصناف صنف سليم النظر حديد الطرف وصنف قام به غشاء في عينيه فلا يتحقق الصور مع معرفته أن ثم أمر أما ولكن لا يحقق صورته ومنا من هو أكمه ما أبصر شيئا قط فهو مستريح الخاطر وما ثم صنف رابع وتختلف منافع هذه الصور باختلاف القوابل والسائلين وكل سائل يسأل بحسب حاجته وعرضه وقد يكون ضروريا وقد لا يكون وعلى الحقيقة ما ثم إلا ضروري ولهذا يتعين العطاء فإن السائل ما يسأل إلا لغرض أحوجه ذلك الغرض إلى السؤال فالغرض هو السائل واللسان بالحال أو بالمقال هو المترجم عن ذلك الغرض وليس لذلك الغرض حياة إلا بتحصيل ما سأل فيه فإن لم ينله هلك فكان المانع له مما سأل فيه كان سبب زوال صورته من العالم فنقص بمنعه صورة من العالم كانت مسبحة لله تعالى والمحقق يريد أنه لو زاد ولا ينقص والأغراض قد تكون مذمومة وإذا مكنت مما تطلبه وقع الإنسان في محظور أشد من قتل هذا الغرض بما منع من سؤاله وكيف التخلص في هذه المسألة فاعلم أنه لا يخاطب بقضاء الأغراض على الإطلاق من هو مقيد معقول في قبضة عقل التكليف وإنما هذا المقام لأصحاب الأحوال المغلوب على عقولهم فإن قلت فالحفظ أحسن كما قال الإمام في وله الشبلي حين قيل له إنه يرد في أوقات الصلوات فإذا فرغ حكم عليه حال الوله وحال بينه وبين عقله الذي يعطيه الصحو فقال الإمام أبو القاسم الجنيد بن محمد سيد هذه الطائفة الحمد لله الذي لم يجر عليه لسان ذنب ولم يضف إليه الذنب ولكن يتعلق به لسان الذنب من حيث الصورة عند من لا يعرفه وهو في نفس الأمر غير مذنب قال بعض أصحابنا فلو لا إن التنزه عن جريان لسان الذنب أولى وأعظم لما حمد الله على ذلك هذا الإمام قلنا ليس الأمر كما زعمت وأن هذا الإمام خاف على من لم يبلغ هذه الرتبة أن يظهر بها وهو غير محقق بها فيخطئ فيقع في الذنب ولهم الشفقة على العالم وأما أن يكون من طريق الأفضلية وكيف يكون ذلك وقد أطلق سبحانه ألسنة عباده عليه وعلى رسله بالذم والسب فلصاحب هذا الوله فيمن ذكرنا أسوة وعز فليس في ذلك فضل عندنا

[علم الرحمة التي أبطنها الله في النسيان الموجود]

ومما يتضمن هذا المنزل علم الرحمة التي أبطنها الله في النسيان الموجود في العالم وإنه لو لم يكن‏

لعظم الأمر وشق وفيما يقع فيه التذكر كفاية وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين الله في موطن التكليف إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم الله فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من الله حيث يشهده ويراه والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب أ لا تراهم في الأمور المدبرة بالعقل الجارية على السداد العقلي إذا أراد الله إمضاء قضائه وقدره في أمر ما أخفى في ذلك الأمر حكمته وعلمه الذي أجراه له مما لا يقتضيه نظر العقل فإذا أمضاه رد عليهم عقولهم ليعلموا أن الله قد رحمهم بزوال العقل في ذلك الحين لرفع المطالبة

قال صلى الله عليه وسلم إن الله إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا

وقال صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطاء والنسيان‏

فلا يؤاخذهم الله به في الدنيا ولا في الآخرة فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب واختلفوا في الحكم وكذلك في الخطاء على قدر ما شرع الشارع في أشخاص المسائل فمن أفطر ناسيا في رمضان فطائفة أوجبت القضاء عليه مع رفع الإثم وقوم لم يوجبوا القضاء عليه مع ارتفاع الإثم أيضا فإن الله أطعمه وسقاه هذا قول الشارع فيه فهذا من الرحمة المبطونة فيه أعني في النسيان وكذلك ما نسي من القرآن ولم يتذكر فينقل إلينا فيكون زيادة علينا في التكليف فرحم عباده بذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول اتركوني ما تركتكم‏

وقال لو قلت نعم للسائل عن الحج في كل عام لوجبت‏

وكانت الأحكام تحدث بحدوث السؤال عن النوازل فكان غرض النبي صلى الله عليه وسلم حين علم ذلك أن يمتنع الناس عن السؤال ويجرون مع طبعهم حتى يكون الحق هو الذي يتولى من تنزيل الأحكام ما شاء فكانت الواجبات والمحظورات تقل وتبقي الكثرة في قبيل المباحات التي لا يتعلق بها أجر ولا وزر فأبت النفوس قبول ذلك وأن تقف عند الأحكام المنصوص عليها فأثبتت لها عللا وجعلتها مقصودة للشارع وطردتها وألحقت المسكوت عنه في الحكم بالمنطوق به بعلة جامعة بينهما اقتضاها نظر الجاعل المجتهد ولو لم يفعل لبقي المسكوت عنه على أصله من الإباحة والعافية فكثرت الأحكام بالتعليل وطرد العلة والقياس والرأي والاستحسان وما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ولكن بحمد الله جعل الله في ذلك رحمة أخرى لنا لو لا إن الفقهاء حجرت هذه الرحمة على العامة بإلزامهم إياها مذهب شخص معين لم يعينه الله ولا رسوله ولا دل عليه ظاهر كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ومنعوه أن يطلب رخصة في نازلته في مذهب عالم آخر اقتضاه اجتهاده وشددوا في ذلك وقالوا هذا يفضي إلى التلاعب بالدين وتخيلوا أن ذلك دين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تصدق عليكم فأقبلوا صدقته‏

فالرخص مما تصدق الله بها على عباده وقد أجمعنا على تقرير حكم المجتهد وعلى تقليد العامي له في ذلك الحكم لأنه عنده عن دليل شرعي سواء كان صاحب قياس أو غير قائل به فتلك الرخصة التي رآها الشافعي في مذهبه على ما اقتضاه دليله قد قررها الشرع فيمنع المفتي من المالكية المالكي المذهب أن يأخذ برخصة الشافعي التي تعبده بها الشارع وإنما أضفناها إلى الشارع لأن الشرع قررها بمنعه مما يقتضيه الدليل في الأخذ به بأمر لا يقتضيه الدليل الذي لا أصل له وهو ربط الرجل نفسه بمذهب خاص لا يعدل عنه إلى غيره ويحجر عليه ما لم يحجر الشرع عليه وهذا من أعظم الطوام وأشق المكلف على عباد الله فالذي وسع الشرع بتقرير حكم المجتهدين من هذه الأمة ضيقه عوام الفقهاء وأما الأئمة مثل أبي حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل والشافعي فحاشاهم من هذا ما فعله واحد منهم قط ولا نقل عنهم إنهم قالوا لأحد اقتصر علينا ولا قلدني فيما أفتيتك به بل المنقول عنهم خلاف هذا رضي الله عنهم‏

[الفرق بين تعلق علمه سبحانه بما يسره العبد في نفسه وبين ما يبديه ويظهره‏]

ومما يتضمنه هذا المنزل الفرق بين تعلق علمه سبحانه بما يسره العبد في نفسه وبين ما يبديه ويظهره وهل يرجع ذلك إلى نسبة واحدة أو نسبتين ويتعلق بهذا الباب ما يريده الحق‏

بقوله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم‏

فهاتان حالتان في الذكر والعلم فاعلم إن للحق سبحانه غيبا ومظهرا فبما هو غيب له الاسم الباطن وهو ذكره عبده في نفسه وعلمه بما يسره ومع ذلك الاسم يكون سر العبد الذي يعلمه الحق وذكر النفس الذي يذكر العبد به ربه وبما له المظهر من الاسم الظاهر وهو ذكره تعالى عبده في ملأ من ملائكته أو ملأ الأسماء الإلهية وعلمه بما يبديه العبد في عالم الشهادة ومع ذلك الاسم يكون علانية



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!