Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

Parcourir les Titres Section I: les Connaissances (Maarif) Section II: les Interactions (Muamalat) Section IV: les Demeures (Manazil)
Présentations Section V: les Controverses (Munazalat) Section III: les États (Ahwal) Section VI : les Stations (Maqamat du Pôle)
Première Partie Deuxième Partie Troisième Partie Quatrième Partie

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل تنزيه التوحيد

قبل أن يبلغ المنزل فوقوع هذا الاجتماع في غير المنزلين يسمى منازلة وهنا يكون لصاحب هذه الحالة أحد ثلاثة أمور إما تحصل الفائدة عند اللقاء المطلوبة لذلك الاسم من هذا العبد ولهذا العبد من ذلك الاسم فينفصل عنه الاسم إلى مسماه ويرجع العبد إلى مقامه الذي منه خرج وإما أن يحكم عليه الاسم الإلهي بالرجوع إلى ما منه خرج ويكون ذلك الاسم الإلهي معه إلى أن يوصله إلى ما منه خرج وإما أن يأخذه الاسم الإلهي معه ويعرج به إلى مسماه وأي الأمرين حصل من هذا الذي ذكرنا فيسمى عندنا هذا المنزل الذي رجعا إليه بهذه الصفة الخاصة منزل المنازلات لأنه يعطي من الأحكام خلاف ما يعطيه إذا لم يكن نزوله عن منازلة يعرف هذا أهل الأذواق وأهل الشرب والري وقد جعلنا في هذا الكتاب من المنازلات ما تقف عليه إن شاء الله‏

[المنزل والموطن‏]

واعلم أن المنازل لا ينطلق عليها هذا الاسم إلا عند النزول فيها فإن أقام فيها ولم ينتقل عنها حدث لها اسم الموطن لاستيطانه فيها واسم المسكن لسكونه إليها وعدم انتقاله إلى منزل إلا أنه لا بد له أن ينتقل في نفس هذا المنزل في دقائقه بحيث لا يخرج عنه كمثل الذي يتصرف في بيوت الدار التي هو ساكنها فما دام العارف مستصحبا لاسم واحد إلهي مع اختلاف تصرفه فيه كان موطنا له من حيث الجملة ومن المحال أن يقيم أحد نفسين على حالة واحدة فلا بد له من الانتقال في كل نفس ولهذا منع بعضهم من أهل الله أن يكون الاسم موطنا أو مسكنا لأنه تخيل أن لكل نفس وكل حال اسما إلهيا ولم يدر أن الاسم الإلهي قد يكون له حكم أو يكون له أحكام كثيرة مختلفة فيكون موطنا لهذا الشخص ما دام يتصرف تحت أحكامه فأما قولهم من المحال بقاؤه نفسين على حكم واحد على إن يكون واحد نعتا لحكم فصحيح وأما أن أرادوا استحالة بقائه نفسين على حكم واحد على طريق الإضافة إضافة الحكم إلى الواحد فليس بصحيح فإن الوجوه لهذا الاسم الإلهي فالغفار يستره عن كذا وكذا وكذا وكذا بحسب المطالب التي تطلبه في كل نفس مما يصح أن يستره عنها الاسم الغفار على التتالي والتتابع من غير أن يتخللها ما يطلب اسما آخر ولهذا صحت فيه المبالغة لأنه يكثر منه ذلك وهكذا الخلاق والرزاق وجميع الأسماء التي لها حكم في الكون إذا توالى على الإنسان ما يطلب هذا الاسم ولا بد فالأسماء الإلهية منازل بوجه ومساكن ومواطن بوجه وقد بينا في هذا الباب على طريق الإشارة وضيق الوقت ما تقع به الفائدة لصاحب الذوق وما نودع كل باب مما عندنا فيه إلا نقطة من بحر محيط هذا بالنظر إلى ما عندنا فيه فكيف هو بالنظر إلى ما هو عليه في نفسه هو البحر الذي لا ساحل له وهذا المنزل من منازل الأمر وهذه المنازل الأمرية وإن كانت سبعة في العدد فمن حيث الأمهات وإنما هي أكثر من ذلك ولا بد لنا أن تفرغنا إليها من حصرنا إياه حتى يعلم إلى كم تنتهي من جناب الحق فإن فيها فوائد جمة هي مثبوتة في كتبنا والله سبحانه يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ وفي هذا المنزل من العلوم علم إخراج المغيبات بالأسماء الإلهية وعلم الخلق وعلم الغيب الداخل في الشهادة وعلم الشبه وعلم نفث الروح في الروع‏

«الباب الثاني والسبعون ومائتان في معرفة منزل تنزيه التوحيد»

بتنزيه توحيد الإله أقول *** وذلك نور ما لديه أقول‏

وتنزيهه ما بين ذات ورتبة *** وإن الذي يدري به لقليل‏

تنزه عن تنزيه كل منزه *** فمن شاء قولا فليقل بيقول‏

فإن وجود الحق في حرف غيبه *** فحرف حضور ما عليه قبول‏

[أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران‏]

اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران الواحد أن يكون التوحيد متعلق التنزيه لا الحق سبحانه والأمر الآخر أن يكون التنزيه مضافا إلى التوحيد على معنى أن الحق تعالى قد ينزه بتنزيه التوحيد إياه لا بتنزيه من نزهة من المخلوقين بالتوحيد مثل حمد الحمد فإن قيام الصفة بالموصوف ما فيها دعوى ولا يتطرق إليها احتمال والواصف نفسه أو غيره بصفة ما يفتقر إلى دليل على صدق دعواه فيتعلق بهذا فصول تدل عليها آيات من الكتاب منها هل يصح الإضمار قبل الذكر في غير ضرورة الشعر أم لا فالشاعر يقول‏

جزى ربه عني عدي بن حاتم‏

فأضمر قبل الذكر ولكن الشعر موضع الضرورة ومن فصول هذا المنزل‏

الأمر بتوحيد الله فلا يكون فيه توحيد الحق نفسه ويتعلق به التقليد في التوحيد لأن الأمر لا يتعلق بمن يعطيه الدليل ذلك إلا أن يكون متعلق الأمر الاستدلال لا التعريف على طريق التسليم أو الاستدلال بالتنبيه على موضع الدلالة مثل قوله إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وكقوله لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا وكقوله لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ومن فصول هذا المنزل قوله تعالى ما اتَّخَذَ صاحِبَةً ولا وَلَداً لعدم الكفاءة إذ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فلو كانت الكفاءة موجودة لجاز ذلك قال عز وجل ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ فجعل الكفاءة بالدين وقوله لَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً فجعله من قبيل الإمكان فقال لَاصْطَفى‏ والاصطفاء جعل والمجعول ينافي الكفاءة للجاعل وأين مرتبة الفاعل من المفعول ومن فصول هذا المنزل التنزيه أن يكون مدركا بالمقدمات التي تنتج وجوده أو المعرفة به تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ومن فصول هذا المنزل إنه لا يكون مقدمة لإنتاج شي‏ء للتركيب الذي يتصف به المقدمات والسبب الرابط في المقدمات فيستدعي المناسبة والمناسبة بين الخلق والحق غير معقولة ولا موجودة فلا يكون عنه شي‏ء من حيث ذاته ولا يكون عن شي‏ء من حيث ذاته وكل ما دل عليه الشرع أو اتخذه العقل دليلا إنما متعلقة الألوهة لا الذات والله من كونه إلها هو الذي يستند إليه الممكن لإمكانه فلنذكر ما يتعلق بفصول هذا المنزل على الاختصار إن شاء الله‏

[الحضرة الإلهية تنقسم إلى ثلاثة أقسام ذات وصفات وأفعال‏]

اعلم أن هذا المنزل هو الرابع من منزل العظمة في حق أصحاب البدايات وهو الحادي عشر والعاشر ومائة في حق الأكابر الروحانيين ولما كانت الحضرة الإلهية تنقسم إلى ثلاثة أقسام ذات وصفات وأفعال كان هذا المنزل أحدها وهو الثالث منها ولما كانت الصفات على قسمين صفة فعل وصفة تنزيه كان هذا المنزل صفة التنزيه منهما فأما تنزيه التوحيد فهو أن هذا التوحيد الذي ننسبه إلى جناب الحق منزه أن ينسب إلى غير الحق فهو المنزه على الحقيقة لا الحق وإنما قلنا هذا لأنه يجوز أن يوصف به غير الحق فيما يعطيه اللفظ كما وقعت المشاركة في إطلاق لفظة الوجود والعلم والقدرة وسائر الأسماء في حق الحق والخلق فهذا المنزل ينزه هذا التوحيد المنسوب إلى الله أن يوصف به غيره فإنه توحيد الذات من جميع الوجوه ولا يوصف بهذا التوحيد غيره لا في اللفظ ولا في المعنى وكانت ذات الحق المنسوب إليها هذا التوحيد لا يتعلق بها تنزيه لأنه لا يجوز عليها فتبعد عن وصفها الذي يجوز عليها إذ كانت في نفس الأمر منزهة لا بتنزيه منزه وأما إذا كان تنزيه التوحيد متعلقة الحق سبحانه فيكون منزها من حيث ذاته بلسان عين هذا الوصف الذي هو التوحيد له كثناء لسان صفة الكرم بالكريم لقيامه به لا بقول القائل ودليل الناظر إنه سبحانه واحد فقد كان له هذا الوصف ولا أنت وله هذا الوصف وأنت أنت وإذا كان هذا الأمر على هذا الحد فما ثم موجود يصح أن يضمر قبل الذكر إلا من يستحق الغيب المطلق الذي لا يمكن أن يشهد بحال من الأحوال فيكون ضمير الغيب له كالاسم الجامد العلم للمسمى يدل عليه بأول وهلة من غير أن يحتاج إلى ذكر متقدم مقرر في نفس السامع يعود عليه هذا الضمير فلا يصح أن يقال هو إلا في الله خاصة فإذا أطلق على غير الله فلا يطلق إلا بعد ذكر متقدم معروف بأي وجه كان مما يعرف به فيقال هو وعين محل هذا الضمير مشهود عند من لا يصح أن يقال فيه هو لحضوره عنده فيزول عنه اسم الهو بالنظر إلى ذلك ويثبت له اسم الهو بالنظر إلى من غاب عنه فإن قيل إذا صح ما قررته فإنه سبحانه مشهود لنفسه فيزول عنه الهو بالنظر إلى شهوده نفسه فإذا الهو ليس له بمنزلة الاسم العلم كما زعمت قلنا وإن شهد نفسه فإن الهوية معلومة غير مشهودة وهي التي ينطلق عليها اسم الهو هذا على مذهبنا وهو مذهب أهل الحق كيف وثم طائفة تقول إنه لا يعلم نفسه فلا يزال الهو له منا ومنه قال تعالى في أول سورة الإخلاص لنبيه عليه السلام قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ فابتدأ بالضمير ولم يجر له ذكر متقدم يعود عليه في نفس القرآن وإن كانت اليهود قد قالت له انسب لنا ربك فربما يتوهم صاحب اللسان أن هذا الضمير يعود على الرب الذي ذكرته اليهود ولتعلم إن هذا الضمير لا يراد به الرب الذي ذكرته اليهود لأن الله يتعالى أن يدرك معرفة ذاته خلقه ولذلك قال هُوَ الله وما ذكر في السورة كلها شيئا يدل على الخلق بل أودع تلك السورة التبري من الخلق فلم يجعل المعرفة به نتيجة عن الخلق فقال تعالى ولَمْ يُولَدْ ولم يجعل الخلق في وجوده نتيجة عنه كما يزعم بعضهم بأي نسبة كانت فقال تعالى لَمْ يَلِدْ

ونفى التشبيه بأحدية كل أحد بقوله ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وأثبت له أحدية لا نكون لغيره وأثبت له الصمدانية وهي صفة تنزيه وتبرئة فارتفع إن يكون الضمير يعود على الرب المذكور المضاف إلى الخلق في قولهم له صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك فأضافوه إليه لا إليهم ولما نسبه صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه لم يضفه لا إليه ولا إليهم بل ذكره بما يستحقه جلاله فإذا ليس الضمير في هو الله يعود على من ذكر وأين المطلق من المقيد فهوية المقيد ليست هوية المطلق فهوية المقيد نسبة تتعلق بالكون فتتقيد به إذ تقيد الكون بها فيقال خالق ومخلوق وقادر ومقدور وعالم ومعلوم ومريد ومراد وسميع ومسموع وبصير ومبصر ومكلم ومكلم والحي ليس كذلك فهو هويته لا تعلق له بالكون وليس القيوم كذلك فإذا عرفت ما ذكرناه عرفت أن الإضمار قبل الذكر لا يصح إلا على الله وبعد الذكر تقع فيه المشاركة قال تعالى الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فأعاد الضمير على الله المذكور في أول الآية

[أن التوحيد الذي يؤمر به العبد غير التوحيد الذي يوحد الحق به نفسه‏]

واعلم أن التوحيد الذي يؤمر به العبد أن يعلمه أو يقوله ليس هو التوحيد الذي يوحد الحق به نفسه فإن توحيد الأمر مركب فإن المأمور بذلك مخلوق ولا يصدر عن المخلوق إلا ما يناسبه وهو مخلوق عن مخلوق فهو أبعد في الخلق عن الله من الذي وجد عنه هذا التوحيد

على كل مذهب من نفاة الأفعال عن المخلوقين ومثبتيها لأن النفاة قائلون بالكسب وغير النفاة قائلون بالإيجاد فكيف يليق بالجناب العزيز ما هو مضاف إلى الخلق وإن كنا تعبدنا به شرعا فنقرره في موضعه ونقوله كما أمرنا به على جهة القربة إليه مع ثبوت قدمنا فيما أشهدنا الحق من المعرفة به من كونه لا يعرف في لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وفيما ذكره في سورة الإخلاص وفي عموم قوله بالتسبيح الذي هو التنزيه رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ والعزة تقتضي المنع أن يوصل إلى معرفته ومن أسرار هذا المنزل قوله لَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً فإن كان لو حرف امتناع ولكنه امتناع شي‏ء لامتناع غيره فهو عدم لعدم فإذا جاء حرف لا بعد لو كان لو حرف امتناع لوجود ولم يأت في هذه الآية لا فنفى الإرادة أن تتعلق باتخاذ الولد ولم يقل إن يلد ولدا فإنه يقول لَمْ يَلِدْ والولد المتخذ يكون موجود العين من غير أن يكون ولدا فيتبنى بحكم الاصطفاء والتقريب في المنزلة أن ينزله من نفسه منزلة الولد من الوالد الذي يكون له عليه ولادة والحقيقة تمنع من الولادة والتبني لأن النسبة مرتفعة عن الذات والنسبة الإلهية من الله لجميع الخلق نسبة واحدة لا تفاضل فيها إذا لتفاضل يستدعي الكثرة فلهذا أتى بلفظة لو ولم يجعل بعدها لفظة لا فكان حرف امتناع أي لم يقع ذلك ولا يقع لامتناع الذات إن توصف بما لا تستحقه ولهذا قال ما اتَّخَذَ صاحِبَةً ولا وَلَداً بعد قوله تعالى وأَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا فوصفه بالعلو عن قيام هذا الوصف لعظمة الرب المضاف إلى المربوب بالذكر فكيف بالرب من غير إضافة لفظية فكيف بالاسم الله فكيف بالذات من غير اسم فأعظم من هذا التنزيه ما يكون وأما نفي الكفاءة والمثل فربما يتوهم من لا معرفة له بالحقائق أنه لو وجدت الكفاءة جاز وقوع الولد بوجود الصاحبة التي هي كفؤ فليعلم إن الكفاءة مشروعة لا معقولة والشرع إنما لزمها من الطرف الواحد لا من الطرفين فمنع المرأة أن تنكح ما ليس لها بكف‏ء ولم يمنع الرجل أن ينكح ما ليس بكف‏ء له ولهذا له أن ينكح أمته بملك اليمين وليس للمرأة أن ينكحها عبدها والحق ليس بمخلوق وهو الوالد لو كان له ولد والكفاءة من جهة الصاحبة لا تلزم فارتفع المانع لوجود الولد لا لعدم الكفاءة بل لما تستحقه الذات من ارتفاع النسب والنسب ولما تستحقه أحدية الألوهة إذا لولد شبيه بأبيه فبطل مفهوم من حمل ما اتَّخَذَ صاحِبَةً ولا وَلَداً على جواز ذلك إذ كان متخذا وكان المفهوم منه ومن نفي الكف‏ء والمثل ما ذكرناه ولما كان التنزيه للذات على ما قررناه بطل أن تكون المعرفة به القائمة بنا نتيجة عن معرفتنا بنا لاستنادنا إليه من حيث إمكاننا وإن ذلك لا يتضمن معرفة ذاته بالصفة الثبوتية النفسية التي هو عليها بالأصح من ذلك إلا الاستناد لذات منزهة عما ينسب إلينا مجهولة عندنا ما ينسب إليها من حيث نفسيتها فلا يعرف سبحانه أبدا وإذا كانت المعرفة به من النزاهة والعلو بهذا الحد فأحرى إن يكون وجوده معلولا لعلة تتقدمه في الرتبة أو مشروطا بشرط متقدم أو محققا لحقيقة حاكة أو مدلولا لدليل يربطه به وجه ذلك الدليل فلا جامع سبحانه بيننا وبينه من هذه الجوامع الأربعة فالتحقت المعرفة به منا بوجوده في النزاهة والرفعة عن الإدراك لها وكما لم يصح أن ينتجه شي‏ء فلا تكون هويته أيضا من حيث هويته لا من حيث مرتبته تنتج شيئا إذ لو ارتبط به شي‏ء من حيث هويته لارتبطت‏

هويته بذلك الشي‏ء فلا يصح أن يكون علة لمعلول ولا شرطا لمشروط ولا حقيقة لمحقق ولا دليلا لمدلول ولا سيما وقد قال سبحانه لَمْ يَلِدْ مطلقا وما قيد فلو كان حقيقة لولد محققا ولو كان دليلا لولد مدلولا ولو كان علة لولد معلولا ولو كان شرطا لولد مشروطا فهو سبحانه المستند المجهول الذي لا تدركه العقول ولا تفصل إجماله الفصول فهذا أيضا وجه من وجوه تنزيه التوحيد وأما ما يتعلق بالواحد والأحد من التوحيد في أحديته فإن لفظ الأحدية جاءت ثابتة الإطلاق على من سواه فقال ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً وإن كان المفهوم منه بالنظر إلى تفسير المعاني على طريق أهل الله أنه لا يعبد من حيث أحديته لأن الأحدية تنافي وجود العابد فكأنه يقول لا يعبد إلا الرب من حيث ربوبيته فإن الرب أوجدك فتعلق به وتذلل له ولا تشرك الأحدية مع الربوبية في العبادة فتتذلل لها كما تتذلل للربوبية فإن الأحدية لا تعرفك ولا تقبلك فيكون تعبد في غير معبد وتطمع في غير مطمع وتعمل في غير معمل وهي عبادة الجاهل فنفى عبادة العابدين من التعلق بالأحدية فإن الأحدية لا ثبت إلا لله مطلقا وأما ما سوى الله فلا أحدية له مطلقا فهذا هو المفهوم من هذه الآية عندنا من حيث طريقنا في تفسير القرآن ويأخذ أهل الرسوم من ذلك قسطهم أيضا تفسيرا للمعنى فيحملون الأحد المذكور على ما اتخذوه من الشركاء وهو تفسير صحيح أيضا فالقرآن هو البحر الذي لا ساحل له إذ كان المنسوب إليه يقصد به جميع ما يطلبه الكلام من المعاني بخلاف كلام المخلوقين وإذا علمت هذا علمت المراد بقوله جل ثناؤه لنبيه عليه السلام قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ أي لا يشارك في هذه الصفة وأما الواحد فإنا نظرنا في القرآن هل أطلقه على غيره كما أطلق الأحدية فلم أجده وما أنا منه على يقين فإن كان لم يطلقه فهو أخص من الأحدية ويكون اسما للذات علما لا يكون صفة كالأحدية فإن الصفة محل الاشتراك ولهذا أطلقت لاحدية على كل ما سوى الله في القرآن ولا يعتبر كلام الناس واصطلاحهم وإنما ينظر ما ورد في القرآن الذي هو كلام الله فإن وجد في كلام الله لفظ الواحد كان حكمه حكم لاحدية للاشتراك اللفظي فيه وإن كان لا يوجد في كلام الله لفظ الواحد يطلق على الغير فيلحقه بخصائص ما تستحقه الذات ويكون كالاسم الله الذي لم يتسم به أحد سواه ومما يتعلق بهذا المنزل من التنزيه الخاص به ما يحصل من المعارف التي ذكرناها في كتاب مواقع النجوم في التجلي الصمداني ولا نريد بذلك ما أراد العارف أبو عبد الله البستي في كتابه الذي جعله في عبد الرب وعبد الصمد فإن الصمد الذي نريده لا يضاف ولا يضاف إليه فإن المتضايفين لا بد أن يكون لهما بينية فيكون بينهما نسبة رابطة بها يصح أن تكون الإضافة محققة لهما فالصمد الذي أراده البستي بعبد الصمد هو الذي يلجأ إليه ويتعلق به ويقابل بالتوجه ولهذا نهت الشريعة للمصلي إذا استتر بأصطوانة أو عصا أو مؤخرة رحل أو ما هو مثلها أن يصمد إليها صمدا ولكن ينحرف عنها قليلا يمينا أو شمالا وليس من أوصاف التنزيه من يصمد إليه ولكنه من أوصاف الكرم فالصمدية المطلقة عن هذا التقييد هي التي تستحق أن تكون صفة تنزيه إذ لا تعلق للكون بها وهي المطلوبة في هذا المنزل وشرحها في اللغة مذكور الأسماء الإلهية

[أن منزل تنزية التوحيد يطلب الأحدية]

واعلم أن هذا المنزل وإن كان يطلب الأحدية والتنزيه من جميع الوجوه فإنه يظهر في الكشف الصوري المقيد بالظاهر كالبيت القائم على خمسة أعمدة عليها سقف مرفوع محيط به حيطان لا باب فيها مفتوح فليس لأحد فيه دخول بوجه من الوجوه لكن خارج البيت عمود قائم ملصق إلى حائط البيت يتمسح به أهل الكشف كما يقبلون ويتمسحون بالحجر الأسود الذي جعله الله خارج البيت وجعله يمينا له وأضافه إليه لا إلى البيت كذلك هذا العمود لا يضاف إلى هذا المنزل وإن كان منه إلا أنه ليس هو خاصا به فإنه موجود في كل منزل إلهي وكأنه ترجمان بيننا وبين ما تعطيه المنازل من المعارف وقد نبه على ذلك ابن مسرة الجبلي في كتاب الحروف له وهذا العمود له لسان فصيح يعبر لنا عما تحويه المنازل فنستفيد منه علم ذلك ومن المنازل ما ندخل فيه ونمشي في زواياه فنجد الأمر على حد ما عرفناه فيه ومن المنازل ما لا سبيل لنا إلى الدخول فيه مثل هذا المنزل فنأخذ من هذا العمود التعريف بحكم التسليم فإنه قد قام الدليل لنا على عصمته فيما يخاطبنا به في عالم الكشف كالرسول في عالم الحس فهو لسان حق ومن الناس من يلحقه بأعمدة البيت فإن بعض الحائط عليه ولا يظهر لنا منه إلا وجه واحد وسائره مستور في الحائط فيقول بعض المكاشفين إن البيت قائم على ستة أعمدة فلا تناقض بين مثبتي الخمسة والستة



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!