﴿وَ إِذٰا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا﴾ [الأعراف:204] و السورة واحدة في نفسها كالكلام غير التام فهم ينصتون حتى يتمها فجمع الصحابة من الإنس بين فضيلتين لم يذكرهما رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و ذكر فضل الجن فيما نطقوا به فإن نطقهم تصريح بالعبودية بلسان الظاهر و هم بلسان الباطن أيضا عبيد فجمعوا بين اللسانين بهذا النطق و الجواب و لم يفعل الإنس من الصحابة ذلك عند التلاوة فنقصهم هذا اللسان فكان توبيخ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إياهم تعليما بما تستحقه المواطن أعني مواطن الألسنة الناطقة ليتنبهوا فلا يفوتهم ذلك من الخير العملي فإنهم كانوا في الخير العلمي في ذلك الوقت و حكم العمل في موطنه لا يقاومه العلم فإن الحكم للموطن و حكم العلم في موطنه لا يقاومه العمل و الجن غرباء في الظاهر فهم يسارعون في الظهورية ليعلموا أنهم قد حصل لهم فيه قدم لكونهم مستورين فهم إلى الباطن أقرب منهم إلى الظاهر و التلاوة كانت بلسان الظاهر و الإنس في مرتبة الظاهر فحجبهم عن الجواب الذي أجابت به الجن كونهم أصحاب موطن الظاهر فذهلوا عن الجواب لقرينة حال موطنهم و لو وفوا به لكان أحسن في حقهم فنبههم رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم على الأكمل في موطنه و هو المعلم فنعم المؤدب
[ملك الآلاء في سورة الرحمن]
فمن أراد تحقيق ملك الآلاء فليتدبر سورة الرحمن من القرآن و ينظر إلى تقديم الإنس على الجن في آيتها و قوله تعالى ﴿خَلَقَ الْإِنْسٰانَ﴾ [النساء:28]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية