فمن علم إن الطبائع و العالم المركب منها في غاية الافتقار و الاحتياج إلى اللّٰه تعالى في وجود أعيانها و تأليفها علم أن السبب هو حقائق الحضرة الإلهية الأسماء الحسنى و الأوصاف العلى كيف تشاء على حسب ما تعطيه حقائقها و قد بينا هذا الفصل على الاستيفاء في كتاب إنشاء الجداول و الدوائر و سنذكر من ذلك طرفا في هذا الكتاب فهذا هو سبب الأسباب القديم الذي لم يزل مؤلف الأمهات و مولد البنات فسبحانه خالق الأرض و السموات
(وصل) [في بسائط مراتب الحروف عند المحققين]
انتهى الكلام المطلوب في هذا الكتاب على الحروف من جهة المكلف و المكلفين و حظها منهم و حركتها في الأفلاك السداسية المضاعفة و عينا سنى دورتها في تلك الأفلاك و حظها من الطبيعة من حركة تلك الأفلاك و مراتبها الأربعة في المكلف و المكلفين على حسب فهم العامة و لهذا كانت أفلاك بسائطها على نوعين فالبسائط التي يقتصر بها على حقائق عامة العقلاء على أربعة حروف الحق التي عن الأفلاك السبعية و حروف الإنس عن الثمانية و حروف الملك عن التسعة و حروف الجن الناري عن العشرة و ليس ثم قسم زائد عندهم لقصورهم عن إدراك ما ثم لأنهم تحت قهر عقولهم و المحققون تحت قهر سيدهم الملك الحق سبحانه و تعالى فلهذا عندهم من الكشف ما ليس عند الغير فبسائط المحققين على ست مراتب مرتبة للمكلف الحق تعالى و هي النون و هي ثنائية فإن الحق لا نعلمه إلا منا و هو معبودنا و لا يعلم على الكمال إلا بنا فلهذا كان له النون التي هي ثنائية فإن بسائطها اثنان الواو و الألف فالألف له و الواو لمعناك و ما في الوجود غير اللّٰه و أنت إذ أنت الخليفة و لهذا الألف عام و الواو ممتزجة كما سيأتي ذكرها في هذا الباب و دورة هذا الفلك المخصوصة التي بها تقطع الفلك المحيط الكلي دورة جامعة تقطع الفلك الكلي في اثنين و ثمانين ألف سنة و تقطع فلك الواو الفلك الكلي في عشرة آلاف سنة على ما نذكرها بعد في هذا الباب عند كلامنا على الحروف مفردة و حقائقها و ما بقي من المراتب فعلى عدد المكلفين و أما المرتبة الثانية فهي للإنسان و هو أكمل المكلفين وجودا و أعمه و أتمه خلقا و أقومه و لها حرف واحد و هي الميم و هي ثلاثية و ذلك أن بسائطها ثلاثة الياء و الألف و الهمزة و سيأتي ذكرها في داخل الباب إن شاء اللّٰه و أما المرتبة الثالثة فهي للجن مطلقا النوري و الناري و هي رباعية و لها من الحروف الجيم و الواو و الكاف و القاف و سيأتي ذكرها و أما المرتبة الرابعة فهي للبهائم و هي خماسية لها من الحروف الدال اليابسة و الزاي و الصاد اليابسة و العين اليابسة و الضاد المعجمة و السين اليابسة و الذال المعجمة و الغين و الشين المعجمتان و سيأتي ذكرها إن شاء اللّٰه و أما المرتبة الخامسة فهي للنبات و هي سداسية لها من الحروف الألف و الهاء و اللام و سيأتي ذكرها إن شاء اللّٰه و أما المرتبة السادسة فهي للجماد و هي سباعية لها من الحروف الباء و الحاء و الطاء و الياء و الفاء و الراء و التاء و الثاء و الخاء و الظاء و سيأتي ذكرها إن شاء اللّٰه و الغرض في هذا الكتاب إظهار لمع و لوائح إشارات من أسرار الوجود و لو فتحنا الكلام على سرائر هذه الحروف و ما تقتضيه حقائقها لكلت اليمين و حفي القلم و جف المداد و ضاقت القراطيس و الألواح و لو كان الرق المنشور فإنها من الكلمات التي قال اللّٰه تعالى فيها ﴿لَوْ كٰانَ الْبَحْرُ مِدٰاداً﴾ [الكهف:109]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية