(باب التحديد في غسل الوجه)
لا خلاف إن غسل الوجه فرض و حكمه في الباطن المراقبة و الحياء من اللّٰه مطلقا و ذلك أن لا تتعدى حدود اللّٰه تعالى و اختلف علماء الرسوم في تحديد غسل الوجه في الوضوء في ثلاثة مواضع منها البياض الذي بين العذار و الأذن و الثاني ما سدل من اللحية و الثالث غسل اللحية فأما البياض المذكور فمن قائل إنه من الوجه و من قائل إنه ليس من الوجه و أما ما انسدل من اللحية فمن قائل بوجوب إمرار الماء عليه و من قائل بأن ذلك لا يجب و أما تخليل اللحية فمن قائل بوجوب تخليلها و من قائل إنه لا يجب
(وصل في حكم ما ذكرناه في الباطن)
[غسل الوجه من الناحية الباطنية]
أما غسل الوجه مطلقا من غير نظر إلى تحديد الأمر في ذلك فإن منه ما هو فرض و منه ما ليس بفرض فأما الفرض فالحياء من اللّٰه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك و أما السنة منه الحياء من اللّٰه أن تكشف عورتك في خلوتك فالله أولى أن تستحيي منه مع علمك أنه ما من جزء فيك إلا و هو يراه منك و لكن حكمه في أفعالك من حيث أنت مكلف ما ذكرناه و قد ورد به الخبر و كذلك النظر إلى عورة امرأتك و إن كان قد أبيح لك ذلك و لكن استعمال الحياء فيها أفضل و أولى فيسقط الفرض فيه أعني في الحياء في مثل قوله ﴿لاٰ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [الأحزاب:53] فما يتعين منه فهو فرض عليك و ما لا يتعين عليك فهو سنة و استحباب فإن شئت فعلته و هو أولى و إن شئت لم تفعله فيراقب الإنسان أفعاله و ترك أفعاله ظاهرا و باطنا و يراقب آثار ربه في قلبه فإن وجه قلبه هو المعتبر و وجه الإنسان و كل شيء حقيقته و ذاته و عينه يقال وجه الشيء و وجه المسألة و وجه الحكم و يريد بهذا الوجه حقيقة المسمى و عينه و ذاته قال تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية