فمن علامة التحقق بالتقوى أن يأتي رزقه ﴿مِنْ حَيْثُ لاٰ يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق:3] و إذا أتاه من حيث يحتسب فما تحقق بالتقوى و لا اعتمد على اللّٰه فإن معنى التقوى في بعض وجوهه أن تتخذ اللّٰه وقاية من تأثير الأسباب في قلبك باعتمادك عليها و الإنسان أبصر بنفسه و هو يعلم من نفسه بمن هو أوثق و بما تسكن إليه نفسه و لا يقول إن اللّٰه أمرني بالسعي على العيال و أوجب على النفقة عليهم فلا بد من الكد في الأسباب التي جرت العادة أن يرزقهم اللّٰه عندها فهذا لا يناقض ما قلناه فنحن إنما نهيناك عن الاعتماد عليها بقلبك و السكون عندها ما قلنا لك لا تعمل بها و لقد نمت عند تقييدي هذا الوجه ثم رجعت إلى نفسي و أنا أنشد بيتين لم أكن أعرفهما قبل ذلك و هما
لا تعتمد إلا على اللّٰه *** فكل أمر بيد اللّٰه
و هذه الأسباب حجابه *** فلا تكن إلا مع اللّٰه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية