في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[أن الله لما جعل في النفس القوة العملية أظهر بها صورة الجسم الكل في جوهر الهباء]
![]() |
![]() |
[26] - [أن الله لما جعل في النفس القوة العملية أظهر بها صورة الجسم الكل في جوهر الهباء]
اعلم أن الله تعالى لما جعل في النفس القوة العملية أظهر الله بها صورة الجسم الكل في جوهر الهباء فعمر به الخلأ والخلأ امتداد متوهم في غير جسم ولما رأينا هذا الجسم الكل لم يقبل من الأشكال إلا الاستدارة علمنا أن الخلأ مستدير إذ كان هذا الجسم عمر الخلأ فالخارج عن الجسم لا يتصف بخلاء ولا ملا ثم إن الله فتح في هذا الجسم صور العالم وجعل هذا الجسم لما أوجده مستديرا لما عمر به جميع الخلأ كانت حركته في خلائه فما هي حركة انتقال عنه وإنما حركته فيه بكله كحركة الرحى تنظر في حركتها بجميعها فتجدها لم تنتقل عن موضعها وتنظر إلى حركة كل جزء منها فتجده منتقلا عن حيزه إلى حيز آخر بحركة الكل وهكذا كل حركة مستديرة فهي متحركة ساكنة لأنها ما أخلت حيزها بالانتقال من حيث جملتها ولا سكنت فتتصف بالسكون وهذا لا يكون إلا في المستدير وأما غير المستدير فلا يسمى لشكله فلكا أي مستديرا وهذا هو أول الصور الطبيعية فأظهرت الطبيعة فيه حكمها فقبل الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة بحكم التجاوز في النقيضين خاصة فتحرك بغلبة الحرارة عليه فإن الاعتدال لا يظهر عنه شيء
أصلا ولهذا وصف الحق نفسه بالرضا والغضب والرحمة والانتقام والحلم والقهر فالاعتدال لا يصح معه وجود ولا تكوين أ لا ترى أنه لو لا التوجه الإلهي على إيجاد كون ما ما وجد ولو لا ما قال له كن ما تكون فلما كانت كمية الحرارة أكثر من غيرها في الجسم أعطته الحركة وما ثم خلاء إلا ما عمره هذا الجسم ولا بد له من الحركة فتحرك في مكانه وهي حركة الوسط لأنه ليس خارجه خلاء فيتحرك إليه والحركة تطلبها الحرارة وهي حركة في الجميع من انتقال وأظهر الله صور العالم كله في هذا الجسم على استعدادات مختلفة في كل صورة وإن جمعها جسم واحد وحاكم واحد فقبلت الصور الأرواح من النفس الرحماني كما قبلت الحروف المعاني عند خروجها لتدل على المعنى الذي خرجت له وظهر حكم الزمان بالحركة فظهرت الصور بالترتيب فقبلت التقدم والتأخر الزماني وظهر حكم الأسماء الإلهية بوجود هذه الصور وما تحمله وقد ذكرنا في عقلة المستوفز ترتيب وجود العالم كيف كان ولله كما ذكرنا فيه وجه خاص وفي كل ما وجد فيه وعن ذلك الوجه الخاص وجد ولا يعرف السبب قط ذلك الوجه الخاص الذي لمسببه المنفعل عنه ولا عقل ولا نفس إلا الله خاصة وهو رقيقة الجود فتحرك بالوجود الإلهي لا بفعل النفس وهي حركة النفس الرحماني لإيجاد الكلمات فسوى العرش ووحد فيه الكلمة الرحمانية ثم أوجد صورة الكرسي وانقسمت فيه الكلمة وتدلت إليه القدمان ولهذا التدلي انقسمت الكلمة فله الخلق والأمر وكان انقسامها إلى حكم وخبر ثم أدار الفلك الأطلس بتوجه خاص لحكمة أخفاها عمن شاء وأظهرها وقسمه على اثني عشر مقدارا فعمت المقادير وجعلها بروجا لأرواح ملكية على طبائع مختلفة سمي كل برج باسم ذلك الملك الذي جعل ذلك المقدار برجاله يسكنه كالأبراج الدائرة بسور البلد وكمراتب الولاة في الملك وهي البروج المعلومة عند أهل التعاليم ولكل برج ثلاث وجوه فإن العقل الأول له ثلاث وجوه وإن كان واحدا وما من حقيقة تكون في الأول إلا ولا بد أن يتضمنها الثاني ويزيد بحكم لا يكون للأول إذا كان المتقدم غير الله و
![]() |
![]() |





