الصفحة 53 - من الجزء 2 - [الكشف الذي من مقام وراثة الرسول كرسول]
الأولى لاقتران العزة بها أي لا ينالها إلا هو لأنها منيعة الحمى بالعزة ولو كانت هذه الشهادة من الخلق لم تكن منيعة الحمى عن الله فدل إضافة العزة لها على أنها شهادة الله لنفسه وقوله الْحَكِيمُ لوجود هذا الترتيب في إعطاء السعادة لصاحب هذه الشهادة حيث جعلها بين شهادتين منسوبتين إلى الله من حيث الاسم الأول والآخر وشهادة الخلق بينهما [الكشف الذي من مقام وراثة الرسول كرسول]فسبحان من قدر الأشياء مقاديرها وعجز العالم أن يقدروها حق قدرها فكيف أن يقدروا حق قدر من خلقها وهذا الكشف من مقام وراثة الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث رسالته من قوله أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي وهم العلماء بالله من أهل الله الذين أقامهم الحق مقام الرسل في الدعوة إلى الله بلسان حق عن نبوة مطلقة اعتنى بهم في أن وصفهم بها لا نبوة الشرائع بل نبوة حفظ لأمر مشروع على بصيرة من الحافظ لا عن تقليد (السؤال التاسع عشر) أين مقام الأنبياء من الأولياء الجواب هو خصوص فيه وهو بالإزاء أيضا إلا أنه في المقام الثالث على ما نقدم من المراتب وكان ينبغي أن يكون السؤال عن هذا بتفصيل بين نبوة الشرائع والنبوة المطلقة فهم من الأولياء إذا كانوا أنبياء شريعة في الدرجة الثالثة وإن كانوا في النبوة اللغوية فهم في الدرجة الثانية واعلم أن الأولياء هم الذين تولاهم الله بنصرته في مقام مجاهدتهم الأعداء الأربعة الهوى والنفس والدنيا والشيطان والمعرفة بهؤلاء أركان المعرفة عند المحاسبي [مقام نبوة الولاية ومقام الرسل]وإن كان سؤله عن مقام الأنبياء من الأولياء أي أنبياء الأولياء وهي النبوة التي قلنا إنها لم تنقطع فإنها ليست نبوة الشرائع وكذلك في السؤال عن مقام الرسل الذين هم أنبياء فلنقل في جوابه إن أنبياء الأولياء مقامهم من الحضرات الإلهية الفردانية والاسم الإلهي الذي تعبدهم الفرد وهم المسمون الأفراد فهذا هو مقام نبوة الولاية لا نبوة الشرائع وأما مقام الرسل الذين هم أنبياء فهم الذين لهم خصائص على ما تعبدوا به أتباعهم كمحمد صلى الله عليه وسلم فيما قيل له خالِصَةً لَكَ من دُونِ الْمُؤْمِنِينَ في النكاح بالهبة فمن الرسل من لهم خصائص على أمتهم ومنهم من لا يختصه الله بشيء دون أمته [الأولياء الذين خصوا بعلم الأنبياء]وكذلك الأولياء فيهم أنبياء أي خصوا بعلم لا يحصل إلا لنبي من العلم الإلهي ويكون حكمهم من الله فيما أخبرهم به حكم الملائكة ولهذا قال في نبي الشرائع ما لم تحط به خبرا أي ما هو ذوقك يا موسى مع كونه كليم الله فخرق السفينة وقتل الغلام حكما وأقام الجدار مكارم خلق عن حكم أمر إلهي كخسف البلاد على يدي جبريل ومن كان من الملائكة ولهذا كان الأفراد من البشر بمنزلة المهيمين من الملائكة وأنبياؤهم منهم بمنزلة الرسل من الأنبياء (السؤال العشرون) وأي اسم منحه من أسمائه الجواب سؤالك هذا يحتمل أربعة أمور الواحد أن يكون الضمير المرفوع في منحه يعود على الله الثاني أن يعود على المقام الثالث على الاسم الإلهي الرابع أن يكون الضمير في أسمائه يعود على العبد فيكون الاسم اسم العبد لا اسم الله وكذلك الضمير المنصوب في منحه الذي هو المفعول الثاني هل هو ضمير اسم إلهي أو هل هو المقام فإن كان الضمير المرفوع الله أو المقام فيكون الممنوح الاسم بلا شك وإن كان الضمير المرفوع الله أو الاسم الإلهي أو اسم العبد فيكون المقام هو الممنوح [العبد لا يتصف بالقرب من الله إلا باسمه]فليكن الضمير المرفوع الله فالممنوح الاسم الإلهي الذي يسمى به العبد في تخلقه أو اسم العبد وهو الأصل في القربة الإلهية فإن العبد لا يتصف بالقرب من الله إلا باسمه قال الله لأبي يزيد تقرب إلي بما ليس لي قال يا رب وما ليس لك قال الذلة والافتقار والسبب في ذلك أن أصل العبد أن يكون معلولا ولا بد والمعلولية له لذاته وكل معلول فقير ذليل بلا شك لا شفاء يرجى له من هذه العلة فيكون القرب من الله قربا ذاتيا أصليا [الأسماء التي يستحقها الله والعبد والأسماء التي تعرض لهما]وإن كان الممنوح اسما إلهيا ليتخلق به العبد كالاسم الرحيم في موطنه والاسم الملك المتكبر في موطنه فذلك قرب يعرض له من الشارع الذي عينه له فإن للعبد أسماء يستحقها وأسماء تعرض له مثل الأسماء الإلهية إذا تخلق بها العبد ولله أسماء يستحقها وأسماء عرضت له من تنزله لعقول عباده وهي الأسماء التي هي للعبد بحكم الاستحقاق فهل اتصاف الحق بها يكون تخلقا من الله بأسماء عبده أو تلك الصفات لله حقيقة جهلنا معناها بالنسبة إليه وعرفنا معناها بالنسبة إلينا فيكون العبد متخلقا بها وإن كان يستحقها من وجه معرفته بمعناها إذا نسبت إليه ومن كون الباري اتصف بها على طريقة مجهولة عندنا فلا نعرف كيف ننسبها إليه لجهلنا بذاته فتكون أصلا فيه عارضة فينا
- الفتوحات المكية - الصفحة 53 - من الجزء 2 |