سقيناه و باستطعام الجائع أطعمناه و إلى كل ملمة و نازلة مهمة ليرفعها عن الضعفاء دعوناه و بقولنا في دعائنا إياه عن أمره اغفر لنا و ارحمنا و انصرنا أمرناه و بقولنا ﴿لاٰ تُؤٰاخِذْنٰا إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا رَبَّنٰا وَ لاٰ تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً كَمٰا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا رَبَّنٰا وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ﴾ [البقرة:286] نهيناه و بقولنا إنه لن يعيدنا كما بدأنا كذبناه و بقولنا إن له صاحبة و ولدا شتمناه و بتكذيبه و شتمه آذيناه و باستفهامه إيانا عن أمور يعلمها أخبرناه و بتلاوتنا كلامه العزيز بالنهار حدثناه و به في ظلام الليل سامرناه و في الصلاة عند ما نقول و يقول ناجيناه و عند سفرنا في أهلنا استخلفناه و عند طلبه منا نصرة دينه نصرناه و إذا لم نطلب سواه شاهد أو غائبا و اعتمدنا عليه في كل حال حصلناه و بمحاسبتنا نفوسنا و هو السريع الحساب سابقناه و بأسمائنا التي أدخلتنا عليه و أعطتنا الحظوة لديه كالخاشع و الذليل و الفقير قابلناه و بكونه سمعنا سمعناه و بصرنا أبصرناه و رأيناه و بما أوجدنا له بلام العلة عبدناه و في اعتمارنا الذي شرع لنا زرناه و في بيته الذي أذن فينا بالحج إليه قصدناه و أملناه و لنيل جميع أغراضنا أردناه و ذلك لما نسب إلى نفسه من الأسماء الحسنى دون غيرها من الأسماء و إن كانت أسماء له في الحقيقة إلا أنه عراها عن النعت بالحسنى فهو عزَّ وجلَّ اللّٰه من حيث هويته و ذاته الرحمن بعموم رحمته التي ﴿وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] الرحيم بما أوجب على نفسه للتائبين من عباده الرب بما أوجده من المصالح لخلقه الملك بنسبة ملك السموات و الأرض إليه فإنه رب كل شيء و مليكه القدوس بقوله ﴿وَ مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام:91] و تنزيهه عن كل ما وصف به السلام بسلامته من كل ما نسب إليه مما كره من عباده أن ينسبوه إليه المؤمن بما صدق عباده و بما أعطاهم من الأمان إذ أوفوا بعهده المهيمن على عباده بما هم فيه من جميع أحوالهم مما لهم و عليهم العزيز لغلبة من غالبه إذ هو الذي لا يغالب و امتناعه في علو قدسه أن يقاوم الجبار بما جبر عليه عباده في اضطرارهم و اختيارهم فهم في قبضته المتكبر لما حصل في النفوس الضعيفة من نزوله إليهم في خفي ألطافه لمن تقرب بالحد و المقدار من شبر و ذراع و باع و هرولة و تبشيش و فرح و تعجب و ضحك و أمثال ذلك الخالق بالتقدير و الإيجاد البارئ بما أوجده من مولدات الأركان المصور بما فتح في الهباء من الصور و في أعين المتجلي لهم من صور التجلي المنسوبة إليه ما نكر منها و ما عرف و ما أحيط بها و ما لم يدخل تحت إحاطة الغفار بمن ستر من عباده المؤمنين الغافر بنسبة اليسير إليه الغفور بما أسدل من الستور من أكوان و غير أكوان القهار من نازعه من عباده بجهالة و لم يتب الوهاب بما أنعم به من العطاء لينعم لا جزاء و لا ليشكر به و يذكر الكريم المعطي عباده ما سألوه منه الجواد المعطي قبل السؤال ليشكروه فيزيدهم و يذكروه فيثيبهم السخي بإعطاء كل شيء خلقه و توفيته حقه الرزاق بما أعطى من الأرزاق لكل متغذ من معدن و نبات و حيوان و إنسان من غير اشتراط كفر و لا إيمان الفتاح بما فتح من أبواب النعم و العقاب و العذاب العليم بكثرة معلوماته العالم بأحدية نفسه العلام بالغيب فهو تعلق خاص و الغيب لا يتناهى و الشهادة متناهية إذا كان الوجود سبب الشهود و الرؤية كما يراه بعض النظار و على كل حال فالشهادة خصوص فإن من يقول إن العلة في الرؤية استعداد المرئي فما ثم مشهود إلا الحق و ما وجد من الممكنات و ما لم يوجد و بقي المحال معلوما غيبا لم يدخل تحت الرؤية و لا الشهادة القابض بكون الأشياء في قبضته و الأرض جميعا قبضته و كون الصدقة تقع بيد الرحمن فيقبضها الباسط بما بسطة من الرزق الذي لا يعطي البغي بسطة و هو القدر المعلوم و إنه تعالى يقبض ما شاء من ذلك لما فيه من الابتلاء و المصلحة و يبسط ما شاء من ذلك لما فيه من الابتلاء و المصلحة الرافع من كونه تعالى بيده الميزان يخفض القسط و يرفعه فيرفع ليؤتي الملك من يشاء و يعز من يشاء و يغني من يشاء الخافض لينزع الملك ممن يشاء و يذل من يشاء و يفقر من يشاء بيده الخير : و هو الميزان فيوفي الحقوق من يستحقها و في هذه الحال لا يكون معاملة الامتنان فإن استيفاء الحقوق من بعض الامتنان أعم في التعلق المعز المذل فأعز بطاعته و أذل بمخالفته و في الدنيا أعز بما أتى من المال من أتاه و بما أعطى من اليقين لأهله و بما أنعم به من الرئاسة و الولاية و التحكم في العالم بإمضاء الكلمة و القهر و بما أذل به الجبارين و المتكبرين و بما أذل به في الدنيا بعض المؤمنين ليعزهم في الآخرة و يذل من أورثهم الذلة في الدنيا لإيمانهم و طاعتهم السميع دعاء عباده إذا دعوه في مهماتهم فأجابهم من اسمه السميع فإنه تعالى ذكر في حد السمع فقال ﴿وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قٰالُوا سَمِعْنٰا وَ هُمْ لاٰ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال:21] و معلوم إنهم سمعوا دعوة الحق بآذانهم و لكن ما أجابوا ما دعوا إليه و هكذا يعامل الحق عباده من كونه سميعا البصير بأمور عباده كما قال لموسى و هارون
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية