﴿فَهُمْ لاٰ يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة:18] لما سمعوا و لا يرجعون في الاعتبار إلى ما أبصروا و لا في الكلام إلى الميزان الذي به خوطبوا مثل قوله تعالى ﴿أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:169] و ﴿أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ﴾ [الصف:3] و ﴿تَأْمُرُونَ النّٰاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة:44] و أصحاب هذه الصفات أيضا كما لا يرجعون فإن الحق قد أخبر عنهم في منزلة واحدة إنهم لا يعقلون من العقال أي لا يتقيدون بما أريد له ذلك المسموع و لا المبصر و لا المتكلم به من الذي تكلم فإن اللّٰه عند لسان كل قائل يعني سميعا يقيده بما سمع منه فلا يتخيل قائل إن اللّٰه أهمله و إن أمهله ﴿مٰا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّٰ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:18] يحصي عليه ألفاظه التي يرمي بها لا يترك منها شيئا حتى يوقفه عليها إما في الدنيا إن كان من أهل طريقنا و إما في الآخرة في الموقف العام الذي لا بد منه و كل صوت و كلام من كل متكلم و صامت إذا أسمعه الحق تعالى من أسمعه فإنما أسمعه ليفهمه فيكون بحيث ما قيل له و نودي به و أقله النداء و أقل ما يتعلق بالنداء الإجابة و هو أن يقول لبيك فيهيئ محله لفهم ما يقال له أو يدعى إليه بعد النداء كان ما كان فإذا كان الحق السميع نداء العبد نادى العبد من نادى أما الحق و أما كونا من الأكوان فإن اللّٰه يسمع ذلك كله لأنه ﴿مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ وَ لاٰ أَكْثَرَ إِلاّٰ هُوَ مَعَهُمْ﴾ [المجادلة:7]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية