يعني خللا يكون منه الدخل فيما يقيمه من الدليل ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ﴾ [الملك:4] و هو النظر ﴿خٰاسِئاً﴾ بعيدا عن النفوذ فيه بدخل أو شبهه ﴿وَ هُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك:4] أي قد عيي أي أدركه العياء و كل آية في هذه السورة فإنها تجري على هذا النسق إلى أن ختم بقوله ﴿قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مٰاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمٰاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك:30] أ لا ترى الوجود كله من غير تعليم هل تراه في حال اضطراره يلجأ إلى غير اللّٰه ما يلجأ إلا إلى اللّٰه بالذات فلو كان غيرا ما عرفه حتى يلجأ و هو قول العامة فيمن رزئ مالك لما ترجع في رزيتك إلا إلى الصبر و الصبر ليس إلا صفة الصابر فتسمى أيضا بالصبور يقول أنا هو ما ثم غيري و هذا عين ما ادعاه في علمه القطب الذي على قدم صالح صلى اللّٰه على نبينا محمد و عليه و سلم
فيا شعيب ما ثم عيب *** لكنه شاهد و غيب
فانظر إلى حكمة و فصل الخطاب *** فيها ما فيه ريب
و لهذا القطب علم البراهين و موازين العلوم و معرفة الحدود كله روح مجرد لطيفة حاكم على الطبيعة مؤيد للشريعة بين أقرانه ضخم الدسيعة يطعم و لا يطعم و ينعم و لا يتنعم الغالب عليه التفكر ليتذكروا الدخول في الأمور الواضحة ليتنكر فهو المجهول الذي لا يعرف و النكرة التي لا تتعرف أكثر تصرفه فيما يتصرف فيه من الأسماء الإلهية الاسم المدبر و المفصل و المنشئ و الخالق و المصور و البارئ و المبدئ و المعيد و الحكم و العدل و لا يرى الحق في شيء من تجليه دون أن يرى الميزان بيده يخفض و يرفع فما ثم إلا خفض و رفع لأنه ما ثم إلا معنى و حرف و روح و صورة و سماء و أرض و مؤثر و مؤثر فيه فما ثم إلا شفع و كل واحد من الشفع وتر فما ثم إلا وتر ﴿وَ الْفَجْرِ وَ لَيٰالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ﴾ فالشفع يطلب الشفع و الوتر يطلب الوتر و هو طلب الثأر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية