و ما كانوا مثليهم في الحس فلو لم ترهم بعين الخيال لكان ما رأيت من العدد كذبا و لكان الذي يريه غير صادق فيما أراه إياك و إذا كان الذي أراك ذلك أراكه بعين الخيال كانت الكثرة في القليل حقا و القلة في الكثرة حقا لأنه حق في الخيال و ليس بحق في الحس كما أراك اللبن في الخيال فشربته و لم يكن ذلك اللبن سوى عين العلم فما رأيته لبنا و هو علم إلا بعين الخيال و رأيت تلقينك ذلك العلم ممن تلقنته في صورة شربك اللبن كذلك في عين الخيال و العلم ليس بلبن و التلقين ليس بشرب و قد رأيته كذلك فلو رأيته بعين الحس لكان كذبا لأنك رأيت الأمر على خلاف ما هو عليه في نفسه فما رأيته إلا بعين الخيال في حال يقظتك و إن كنت لا تشعر أنت بذلك فكذلك هو في نفس الأمر لأن اللّٰه صادق فيما يعلمه و هو في الخيال صدق كما رأيته و كذلك تلقيك العلوم من اللّٰه بالضربة باليد فعلم الضروب بتلك الضربة علم الأولين و الآخرين و العلم لا يحصل إلا بالتعليم بالخطاب من المعلم أو بخلق في النفس ضرورة و قد حصل في حضرة الخيال بالضرب فلا بد أن يكون الضرب مخيلا و المضروب في عينه مخيلا إن كان في نوم أو يقظة لصدق الذي يرى ذلك و هو اللّٰه كما قال تعالى ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعىٰ﴾ [ طه:66]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية