و ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء:1] فهو القريب بالمثل البعيد بالصورة لأن فرض الشيء لا يكون كهو و لا عين الشيء و في هذا الوصل إفاضة الحاج من عرفة إلى جمع و من جمع إلى مني فإن إفاضة عرفات ليلا و إفاضة جمع نهار الصائم و إن شئت قلت نهارا من غير إضافة و الحج يجمع ذلك كله فقبل تفصيل اليوم الزماني الذي هو الليل و النهار كما إن فيه ما يشوش العقول عن نفوذ نورها إلى رؤية المطلوب و هو حجاب لطيف لقربه من المطلوب فإن الشوق أبرح ما يكون إذا أبصر المحب دار محبوبه قال الشاعر
و أبرح ما يكون الشوق يوما *** إذا دنت الديار من الديار
فمن أعجب الأمور أن بالإنسان استتر الحق فلم يشهد و بالإنسان ظهر حتى عرف فجمع الإنسان بين الحجاب و الظهور فهو المظهر الساتر و هو السيف الكهام الباتر يشهد الحق منه ذلك لأنه على ذلك خلقه و يشهد الإنسان من نفسه ذلك لأنه لا يغيب عن نفسه و إنه مريد للاتصال بما قد علم أنه لا يتصل به فهو كالحق في أمره من أراد منه أن يأمره بما لا يقع منه فهو مريد لا مريد فلو لا ما هو الحق صدفة أعياننا ما كنا صدفة عين العلم به و في الصدف يتكون اللؤلؤ فما تكونا إلا في الوجود و ليس الوجود إلا هو و لكنه ستر علينا ستر حفظ ثم أظهرنا ثم تعرف إلينا بنا و أحالنا في المعرفة به علينا فإذا علمنا بنا سترنا على علمنا به فلم يخرج الأمر عن صدف ساتر لؤلؤ و لكن تارة و تارة
فذلك التبر و نحن الصدى *** و ما لنا كون بغير الندا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية