﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطّٰى﴾ [القيامة:33] و هذا شغل المتكبر المشغول الخاطر المفكر الحائر الذي كسله ما سمعه فإنه بالوجه الظاهر يعلم أنه الحق لأن المعجزة لم يأت بها اللّٰه إلا لمن يعلم أن في قوته قبولها بما ركب اللّٰه فيه من ذلك و لذلك اختلفت الدلالات من كل نبي و في حق كل طائفة و لو جاءهم بآية ليس في وسعهم أن يقبلوها لجهلهم ما آخذهم اللّٰه بإعراضهم و لا بتوليهم عنها فإن اللّٰه عليم حكيم عادل و من تأخر عن حق غيره إلى ما يستحقه في نفسه فقد أنصف من نفسه و لم يتوجه لصاحب حق عليه طلب فحاز الخير بكلتي يديه فوقفه اللّٰه على جوامع الخير كله فإنه من أوتي الحكمة ﴿فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة:269] فإن الحكيم هو الذي ينزل كل شيء في مرتبته و يعطي كل ذي حق حقه فله الحجة البالغة و الكلمة الدامغة و لم تنقطع مشاهدته و لم تتأخر المعونة الإلهية في عبادته عن مساعدته فإنا فرضناه عبد السيد ما فرضناه ملكا فإن الملك قد يكون فيمن يعقل عبوديته و فيمن لا يعقلها فالعبد حاله السمع و الطاعة لسيده و ما عدا العبد فهو ملك يتصرف فيه المالك كيف يشاء من غير أن يتعلق به ثناء يعدم منعه من التصرف فيه بخلاف من يعقل و هو العبد فإذا قام في تصريف الحق فيه مقام الأموال أثنى اللّٰه عليه بذلك لأن اللّٰه قد خصه في نشأته بقوة المنع و الرد لكلمة الحق و مكنه من الطاعة و المعصية فهو لما استعمله من ذلك فوقع الثناء عليه كما أثنى اللّٰه على الملائكة بقوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية