﴿أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا﴾ [فصلت:12] فطرحت شعاعها على الأركان و الأركان مطارح الشعاعات فظهرت الأركان بالأنوار و أشرقت و أضاءت فأثرت و ولدت فيها المعدن و النبات و الحيوان و هي على الحقيقة التي أثرت في نفسها لأن الأفلاك أعني السموات إنما أوجدها اللّٰه عن الأركان ثم أثرت في الأركان بحركاتها و طرح شعاعات كواكبها ليتولد ما تولد فيها من المولدات فبضاعتها ردت إليها فما أثر فيها سواها و جعل ذلك من أشراط الساعة فإنه من أشراطها أن تلد المرأة بعلها فولدت الأركان الفلك ثم نكحها الفلك فولد فيها ما ولد فهو ابنها زوجها و لم يظهر في الأركان صورة للإنسان الذي هو المطلوب من وجود العالم فأخذ التراب اللزج و خلطه بالماء فصيره طينا بيديه تعالى كما يليق بجلاله إذ ليس كمثله شيء و تركه مدة يختمر بما يمر عليه من الهواء الحار الذي يتخلل أجزاء طينته فتخمر و تغيرت رائحته فكان حمأ مسنونا متغير الريح و من أراد أن يرى صدق ذلك إن كان في إيمانه خلل فليحك ذراعه بذراعه حكا قويا حتى يجد الحرارة من جلد ذراعه ثم يستنشقه فيجد فيه رائحة الحماة و هي أصله التي خلق الجسم منها قال اللّٰه تعالى ﴿خَلَقَ الْإِنْسٰانَ مِنْ صَلْصٰالٍ﴾ [الرحمن:14] و
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية