و هو الأجر المكتسب و لا يكون الأجر إلا مكتسبا فإن أعطى ما هو خارج عن الكسب لا يقال فيه أجر بل هو نور و هبات و لهذا قال في حق قوم ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ﴾ [الحديد:19] فأجرهم ما اكتسبوه و نورهم ما وهبهم الحق تعالى من ذلك حتى لا ينفرد الأجر من غير أن يختلط به الوهب حتى يشغل ذلك الوهب العبد عن معاينة سلطان الاستحقاق الذي يعطيه الأجر إذ كان معاوضة عن عمل متقدم مضاف إلى العبد فلا أجر إلا و يخالطه نور لما ذكرناه فإن النشأة على هذا الأصل قامت و ذلك أن الجسم الطبيعي لما تركب و ظهر بروحه الحساس لو ترك مستقلا لأهلكته الدعوى و لكن جعل اللّٰه له روحا ربانيا من نفس الرحمن الذي هو الروح الإلهي فظهرت لطيفة الإنسان نورا فوكلت بالجسم الحيواني فلهذا قرن الأنوار بالأجور حتى تكون المنة الإلهية تصحب هذا العبد حيث كان ﴿وَ اللّٰهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النساء:26] و لهذا قلنا إن هذا منزل الاختلاط و إن كان يتضمن علوما جمة منها علم حروف المعاني لا حروف الهجاء و هل إذا دخل بعضها على بعض هل ينقلها عن مقام الحرفية إلى مقام الاسمية إذ الحرف لا يعمل في مثله و بما ذا يعمل حرف في حرف و ليس كل حرف واحد بأقوى من صاحبه مثل دخول من على حرف عن فقد كان حرف عن يعطي معنى التجاوز فصيره حرف من يدل على الجهة و الناحية كما يدل الاسم قال الشاعر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية