﴿وَ لاٰ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَ لاٰ نَفْعاً﴾ [ طه:89] أي لا ينتفعون به لأنه قال ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً﴾ [ طه:97] و من لا يدفع الضرر عن نفسه كيف يدفع عن غيره و إذا حرقه و نسفه لم ينتفع به فإنه لو أبقاه دخلت عليهم الشبهة بما يوجد في الحيوان من الضرر و النفع و في إقامة هذه الأدلة أمور كبار قال تعالى عن اليهود إنهم قالوا ﴿يَدُ اللّٰهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة:64] و قالوا ﴿إِنَّ اللّٰهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِيٰاءُ﴾ [آل عمران:181] و قال ﴿إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل:40] و أصمنا عن إدراك هذا القول إلا بطريق الايمان و أعمانا عن توجهه على إيجاد الأشياء بما نصب من الأسباب فأنزل المطر فنزل و حرثت الأرض و بذر الحب و انبسطت الشمس و طلع الحب و حصد و طحن و عجن و خبر و مضغ بالأسنان و ابتلع و نضج في المعدة و أخذه الكبد فطبخه دما ثم أرسل في العروق و انقسم على البدن فصعد منه بخار فكان حياة ذلك الجسم من أجل ذلك النفس فهذه أمهات الأسباب مع تحريك الأفلاك و سير الكواكب و إلقاء الشعاعات على مطارح الأنوار مع نظير النفس الكلية بإذن اللّٰه مع إمداد العقل لها هذه كلها حجب موضوعة أمهات سوى ما بينها من دقائق الأسباب فيحتاج السمع إلى شق هذه الحجب كلها حتى يسمع قول ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] فخلق في المؤمن قوة الايمان فسرت في سمعه فأدرك قول كن و سرت في بصره فشاهد المكون للأسباب و فعل هذا كله من نفس الرحمن ليرحم بها من عبد غير اللّٰه إذا استوفى منه حقوق الشركاء الذين يتبرءون منهم يوم القيامة فإذا استوفى حقوقهم بالعقوبة و الانتقام رجع الأمر إليه على الانفراد و انقضت الأيام التي استوجب الشركاء فيها حقوقهم فلما انفرد و رجع الأمر إليه رحمهم فيما هو حق له بهذه الحجب التي ذكرناها لعلمه بما وضع و بأنه أنطق ألسنتهم بما قالوه و خلق في نفوسهم ما تخيلوه فسبحانه من حكم عدل لطيف خبير يفعل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي لا إله إلا هو ﴿فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ﴾ [هود:107]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية