فقدم معرفة النفس على معرفة الرب ثم عملت في الاسم اللّٰه لتحقيق الاتصال و تمكينها من المقام و لما كانت في مقام الوصلة ربما توهم أن الحمد غير اللام فخفض العبد اتباعا لحركة اللام فقرئ الحمد لله بخفض الدال فكان لفظة الحمد بدلا من اللام بدل شيء من شيء و هما لعين واحدة فالحمد هو وجود اللام و اللام هي الحمد فإذا كانا شيئا واحدا كان الحمد في مقام الوصلة مع اللّٰه لأنه عين اللام فكان معنى كما كانت اللام لفظا و معنى ثم حقيقة الخفض فيها إثبات العبودية ثم أحيانا يفنيها عن نفسها فناء كليا ليرفعها إلى المقام الأعلى في الأولية ثم يبقى حقيقتها في الآخرية فيقول الحمد لله برفع اللام اتباعا لحركة الدال و هذا مما يؤيد أن الحمد اللام و هو المعبر عنه بالرداء و الثوب إذ كان هو محل الصفات و افتراق الجمع فغاية معرفة العباد أن تصل إليه إن وصلت و ألحق وراء ذلك كله أو قل و مع ذلك كله فلما رفعها بالفناء عنها ابتداء أراد أن يعرفها مع فنائها إنها ما برحت من مقامها فجعلها عاملة و جعل رفعها عارضا في حق الحق فأبقى الهاء مكسورة تدل على وجود اللام في مقام خفض العبودة و لهذا شدت اللام الوسطى بلفظة لا أي ذات الحق ليست ذات العبد و إنما هي حقيقة المثل لتجلى الصورة ثم الهاء تعود على اللام لما هي معمولها فلو كانت الهاء كناية عن ذات الحق لم تعمل فيها اللام بل هو العامل في كل شيء فإذا كانت اللام هي نفس الحمد و الهاء معمول اللام فالهاء هي اللام و قد كانت اللام هي الحمد فالهاء الحمد بلا مزيد و قد قلنا إن اللام المشددة لنفي الجمع المتحد موضع الفصل فخرج من مضمون هذا الكلام أن الحمد هو قوله لله و أن قوله لله هو قوله الحمد فغاية العبد أن حمد نفسه الذي رأى في المرآة إذ لا طاقة للمحدث على حمل القديم فأحدث المثل على الصورة و صار الموحد مرآة فلما تجلت صورة المثل في مرآة الذات قال لها حين أبصرت الذات فعطست فميزت نفسها احمدي من رأيت فحمدت نفسها فقالت الحمد لله فقال لها يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك فسبقت رحمته غضبه و لهذا قال عقيب قوله ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] ...
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية