[إبطال قياس الفقهاء و العقلاء]
و هذا من أدل دليل على إبطال القياس لأن المعتقدين موت المجاهدين المقتولين في سبيل اللّٰه إنما اعتقدوه قياسا على المقتول في غير سبيل اللّٰه بالعلة الجامعة في كونهم رأوا كل واحد من المقتولين على صورة واحدة من عدم الأنفاس و الحركات الحيوانية و عدم الامتناع مما يراد من الفعل بهم من قطع الأعضاء و تمزيق الجلود و أكل سباع الطير و السباع و استحالة أجسامهم إلى الدود و البلى فقاسوا فأخطأ و القياس و لا قياس أوضح من هذا أولا أدل في وجود العلة منه و مع هذا أكذبهم اللّٰه و قال لهم ما هو الأمر في المقتول في سبيلي كالمقتول في غير سبيلي ﴿وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ﴾ فقال لهم ذلك الحكم الذي حكمتم علي ليس بعلم و إذا لم يكن علما لم يكن صحيحا و إذا لم يصح لم يجز الحكم به مع علمنا بأخبار اللّٰه أن ذلك ليس بصحيح ثم قال ﴿وَ لاٰ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتٌ بَلْ أَحْيٰاءٌ وَ لٰكِنْ لاٰ تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة:154] فنفى عنهم العلم الذي أعطاهم القياس فإذا كان حكم هذا القياس على وضوحه و عدم الريب فيه و توفر أسبابه و ظهور علله الجامعة بينه و بين غيره من القتلى و هو باطل بأخبار اللّٰه فما ظنك بقياس الفقهاء في النوازل و قياس العقلاء بحكم الشاهد على الغائب في معرفة اللّٰه هيهات صدق اللّٰه و كذب أهل القياس على اللّٰه و اللّٰه لا أشبه من ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] من مثله الأشياء
[المجاهدون في سبيل اللّٰه و صنفا النفوس]
فلما كان إتلاف المهج أعظم المشاق على النفوس لهذا سمي جهادا فإن النفوس نفسان نفس ترغب في الحياة الدنيا لألفتها بها فلا يريد المفارقة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية