[عالم آدم على عدد ما في نشأته من الحقائق]
فقال لآدم ﴿أَنْبِئْهُمْ(بِأَسْمٰائِهِمْ)﴾ بأسماء هؤلاء الذين عرضناهم عليهم فأنبأ آدم الملائكة بأسماء تلك التجليات و كانت على عدد ما في نشأة آدم من الحقائق الإلهية التي تقتضيها اليدان الإلهية مما ليس من ذلك في غيره من الملائكة شيء فكان هؤلائك المسمون المعروضة على الملائكة تجليات إلهية في صورة ما في آدم من الحقائق فأولئك هم عالم آدم كلهم فلما علمهم آدم عليه السلام قال لهم اللّٰه ﴿أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمٰاوٰاتِ﴾ [البقرة:33] و هو ما علا من علم الغيوب ﴿وَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة:33] و هو ما في الطبيعة من الأسرار ﴿وَ أَعْلَمُ مٰا تُبْدُونَ﴾ [البقرة:33] أي ما هو من الأمور ظاهر ﴿وَ مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة:33] أي ما تخفونه على أنه باطن مستور فأعلمتكم أنه أمر نسبي بل هو ظاهر لمن يعلمه
[سجود الملائكة لآدم سجود لله من أجل آدم]
ثم قال لهم بعد التعليم ﴿اُسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ [البقرة:34] سجود المتعلمين للمعلم من أجل ما علمهم فلآدم هنا لام العلة و السبب أي من أجل آدم فالسجود لله من أجل آدم سجود شكر لما علمهم اللّٰه من العلم به و بما خلقه في آدم عليه السلام فعلموا ما لم يكونوا يعلمون فنال التقدمة عليهم بكونه علمهم فهو أستاذهم في هذه المسألة و بعده فما ظهرت هذه الحقيقة في أحد من البشر إلا في محمد صلى اللّٰه عليه و سلم «فقال عن نفسه إنه أوتي جوامع الكلم» و هو قوله في حق آدم عليه السلام
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية