لما يتضمنه النهار غالبا من الحركات في المعاش و قوام النفوس و مصالح الخلق و تنفيذ الأوامر و إظهار الصنائع و إقامة المصنوعات في نشأتها و تحسين هيأتها فهو تجل إلهي رحماني بهذا العالم فلهذا استحببنا الأسرار بحيث أن يسمع نفسه ﴿فَلاٰ تَسْمَعُ إِلاّٰ هَمْساً﴾ [ طه:108] أي صوتا خفيا خشوعا لله تعالى و خضوعا و أدبا مع الحق و إنما شرع الجهر في الصبح عند هذا التجلي لأنه مأمور أمر فرض واجب بالكلام من اللّٰه فهو يتكلم عن أمر إلهي يعصى بتركه إذا قصده على حسب ما شرع له كما قال تعالى في حق هذا الفرض عند هذا التجلي الذي ذكرناه في مثل هذا اليوم ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلاٰئِكَةُ صَفًّا لاٰ يَتَكَلَّمُونَ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمٰنُ وَ قٰالَ صَوٰاباً﴾ [النبإ:38] فورد الأذن فتعين الجهر و النافلة ليست لها هذه المرتبة في هذا التجلي فلا تسمع في النافلة إلا همسا فحصل الفرق بين المأمور و المختار و اللّٰه الهادي
(وصل في فصل)
من جاء إلى المسجد و لم يركع ركعتي الفجر
فوجد الصلاة تقام أو وجد الإمام يصلي فمن الناس من جوز ركوعهما في المسجد و الإمام يصلي و من الناس من قال لا يركعهما أصلا في هذا الحال و به أقول و من الناس من قال لا يخلو إما أن يكون خارج المسجد أو داخل المسجد فإن كان قد دخل المسجد فلا يركعهما و إن كان لم يدخل بعد فاختلف أصحاب هذا القول في الذي يكون خارج المسجد و قد سمع الإقامة أو قد رأى الإمام يصلي و الناس يصلون فمنهم من قال إن لم يخف أن يفوته الإمام بتلك الركعة فليركعهما و إن خاف فلا يركعهما و يدخل مع الإمام في الصلاة و يقضيهما بعد طلوع الشمس و قال المخالف يركعهما من هو خارج المسجد ما غلب على ظنه أنه مدرك ركعة واحدة مع الإمام من صلاة الصبح
(وصل الاعتبار في هذا الفصل)
يبطل التيمم مع وجود الماء و القدرة على استعماله و لا شك أنه كل ما زاد على الفرض فهو نافلة سواء وكد أو لم يوكد فإن الفرض آكد منه بلا شك و الوقت للفرض بالإقامة الحاصلة فتأخرت النافلة إذ لا تتحقق الزيادة على الشيء إلا بعد حصول الشيء فإن الزيادة تؤذن بوجود مزاد عليه متقدم في الوجود و هو الفرض و هو الأصل في التكليف و كذلك هو في نفس الأمر فإن الفرض هو المشروع الذي يأثم تاركه و النفل إنما يكون بعد ثبوته فإن كونه زائدا يبطل فإنه لما يكون زائدا و ما ثبت أمر قبله يزيد عليه هذا فيصح عليه اسم الزائد و مراعاة الأصول أولى فالدخول مع الإمام في الصلاة أو عند سماع الإقامة أولى من صلاة ركعتي الفجر و
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية