فخلق وترين فكان كل واحد منهما يشفع وترية صاحبه و لهذا لم يلحقها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بصلاة النافلة بل قال زادكم صلاة إلى صلاتكم يعني الفرائض ثم أمر بها أمته
[لصلاة المغرب وقتان كسائر الصلوات]
فلما سئل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بعد إمامة جبريل عليه السلام به صلى اللّٰه عليه و سلم عن وقت الصلاة صلى بالناس يومين صلى في اليوم الأول في أول الأوقات و صلى في اليوم الثاني في آخر الأوقات الصلوات الخمس كلها و فيها المغرب ثم قال للسائل الوقت ما بين هذين فجعل للمغرب وقتين كسائر الصلوات و ألحقها بالصلاة الشفعية و إن كانت وترا و لكنها وتر مفيد شفعية وتر صلاة الليل فوسع وقتها كسائر الصلوات و هو الذي ينبغي أن يعول عليه فإنه متأخر عن إمامة جبريل فوجب الأخذ به فإن الصحابة كانت تأخذ بالأحدث فالأحدث من فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و إن كان صلى اللّٰه عليه و سلم كان يثابر على الصلاة في أول الأوقات فلا يدل ذلك على أن الصلاة ما لها وقتان و ما بينهما فقد أبان عن ذلك و صرح به و ما عليه صلى اللّٰه عليه و سلم ﴿إِلاَّ الْبَلاٰغُ﴾ [المائدة:99] و البيان و قد فعل صلى اللّٰه عليه و سلم فهذا اعتبار و تعليل ﴿يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ [يونس:35] و إلى سواء السبيل
(فصل بل وصل في وقت صلاة العشاء الآخرة)
[اختلاف علماء الشريعة في وقت صلاة العشاء]
اختلفت علماء الشريعة في وقتها في موضعين في أول وقتها و آخر وقتها فمن قائل إن أول وقتها مغيب حمرة الشفق و به أقول و من قائل إن أول وقتها مغيب البياض الذي يكون بعد الحمرة و الشفق شفقان و هو سبب الخلاف فالشفق الأول صادق و البياض الذي بعده هو الشفق الثاني تقع فيه الشبهة فإنه قد يشبه أن يكون شبه الفجر الكاذب الذي هو ذنب السرحان و هو المستطيل و جعله الشارع من الليل و لا يجوز بظهوره صلاة الصبح و لا يمنع مريد الصوم من الأكل و يشبه أن يكون شبيه الفجر المستطير الذي يصلى بظهوره صلاة الصبح و لا يجوز للصائم أن يأكل بظهوره إلا أن الأظهر عندي إنه شبيه الفجر المستطير الذي يصلى بظهوره الصبح و ذلك لاتصاله بالحمرة إلى طلوع الشمس لا ينقطع بظلمة كما ينقطع الفجر الكاذب كذلك البياض الذي في أول الليل متصل بالحمرة فإذا غابت الحمرة بقي البياض فلو كانت بين البياض و الحمرة ظلمة قليلة كما يكون بين الفجر المستطيل و حمرة أسفار الصبح كنا نلحقها بالفجر الكاذب و نلغي حكمها فكان و اللّٰه أعلم أن الذي يراعي مغيب البياض في أول وقت العشاء أوجه و لكن إذا ثبت أن الشارع صلى في البياض بعد مغيب الشفق الأحمر فنقف عنده فللشارع إن يعتبر البياض و الحمرة التي تكون في أول الليل بخلاف ما نعتبرها في آخر الليل و إن كان ذلك عن آثار الشمس في غروبها و طلوعها و أما قوله تعالى و الصبح إذا تنفس فالأوجه عندي في تفسيره أنه الفجر المستطيل لانقطاعه كما ينقطع نفس المتنفس ثم بعد ذلك تتصل أنفاسه و أما آخر وقتها فمن قائل إنه ثلث الليل و من قائل إنه إلى نصف الليل و من قائل إنه إلى طلوع الفجر و به أقول و لقد رأيت قولا و لا أدري من قاله و لا أين رأيته إن آخر وقت صلاة العشاء ما لم تنم و لو سهرت إلى طلوع الفجر
(الاعتبار في الباطن في
ذلك الاعتبار في أول وقت هذه الصلاة و آخره)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية