﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة:105]
[مرتبة النفس و التنفس و ارتباط الموت بالحياة]
و اعلم أن أشد الخلق عذابا في النار إبليس الذي سن الشرك و كل مخالفة و سبب ذلك أنه مخلوق من النار فعذابه بما خلق منه أ لا ترى النفس به تكون حياة الجسم الحساس فإذا منع بالشنق أو الخنق خروج ذلك النفس انعكس راجعا إلى القلب فأحرقه من ساعته فهلك لحينه فبالنفس كانت حياته و به كان هلاكه و هلاكه على الحقيقة بالنفس من كونه متنفسا لا من كونه ذا نفس و لا من كونه متنفسا فقط بل من كونه يجذب بالقوة الجاذبة نفس الهواء البارد إلى قلبه و يخرج بالقوة الدافعة النفس الحار المحرق آمن قلبه فسبب هذه الأحوال بها تكون حياته
[أشد الناس عذابا في النار]
فإن الذي يرمى في النار هو متنفس و لكن لا يخلو من أحد الوجهين إما إنه لا يتنفس في النار فتكون حالته حالة المشنوق الذي يخنق بالحبل فيقتله نفسه و إما أن يتنفس فيجذب بالقوة الجاذبة هواء ناريا محرقا إذا وصل إلى قلبه أحرقه فلهذا قلنا في سبب الحياة هذه الأمور كلها فعذاب إبليس في جهنم بما فيها من الزمهرير فإنه يقابل النار الذي هو أصل نشأة إبليس فيكون عذابه بالزمهرير و بما هو نار مركبة فيه من ركن الهواء و الماء و التراب فلا بد أن يتعذب بالنار على قدر مخصوص و عامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه في أصل خلقه و النار ناران نار حسية و هي المسلطة على إحساسه و حيوانيته و ظاهر جسمه و باطنه و نار معنوية و هي التي تطلع على الأفئدة و بها يتعذب روحه المدبر لهيكله الذي أمر فعصى فمخالفته عذبته و هي عين جهله بمن استكبر عليه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية