﴿وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ﴾ [المائدة:110] فنسب الخلق إليه عليه السلام و هو إيجاده صورة الطائر في الطين ثم أمره أن ينفخ فيه فقامت تلك الصورة التي صورها عيسى عليه السلام طائرا حيا و قوله ﴿بِإِذْنِ اللّٰهِ﴾ [البقرة:97] يعني الأمر الذي أمره اللّٰه به من خلقه صورة الطائر و النفخ و إبراء الأكمه و الأبرص و إحيائه الميت فأخبر أن عيسى عليه السلام لم ينبعث إلى ذلك من نفسه و إنما كان عن أمر اللّٰه ليكون ذلك و إحياء الموتى من آياته على ما يدعيه فلو لا أن الإنسان من حيث حقيقته من ذلك النفس الرحماني ما صح و لا ثبت أن يكون عن نفخه طائر يطير بجناحيه
[الإنسان ابن أمه حقيقة و الروح ابن طبيعة بدنه]
و لما كانت حقيقة الإنسان هكذا خوفه اللّٰه بما ذكر من صفة المتكبرين و مالهم و اسوداد وجوههم كل ذلك دواء للأرواح لتقف مع ضعف مزاجها الأقرب في ظهور عينها فالإنسان ابن أمه حقيقة بلا شك فالروح ابن طبيعة بدنه و هي أمه التي أرضعته و نشأ في بطنها و تغذى بدمها فحكمه حكمها فلا يستغني عن غذاء في بقاء هيكله (
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية