اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

من سائر نسائه
لنسبة إلهية روحانية قيدته بها دون غيرها مع كونه يحب النساء فهذا قد ذكرنا من الركن الواحد ما فيه كفاية لمن فهم
وأما الركن الثاني من بيت الفتن وهو الجاه المعبر عنه بالرياسة
يقول فيه الطائفة التي لا علم لها منهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة فالعارفون من أصحاب هذا القول ما يقولون ذلك على ما تفهمه العامة من أهل الطريق منهم وإنما ذلك على ما نبينه من مقصود الكمل من أهل الله بذلك وذلك أن في نفس الإنسان أمورا كثيرة خبأها الله فيه وهو الذي يُخْرِجُ الْخَبْءَ في السَّماواتِ والْأَرْضِ ويَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وما تُعْلِنُونَ أي ما ظهر منكم وما خفي مما لا تعلمونه منكم فيكم فلا يزال الحق يخرج لعبده من نفسه مما أخفاه فيها ما لم يكن يعرف أن ذلك في نفسه كالشخص الذي يرى منه الطبيب من المرض ما لا يعرفه العليل من نفسه كذلك ما خبأه الله في نفوس الخلق أ لا تراه
يقول صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من عرف نفسه عرف ربه
وما كل أحد يعرف نفسه مع أن نفسه عينه لا غير ذلك فلا يزال الحق يخرج للإنسان من نفسه ما خبأه فيها فيشهده فيعلم من نفسه عند ذلك ما لم يكن
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وما سمي المال بهذا الاسم إلا لكونه يمال إليه طبعا فاختبر الله به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده وعلق القلوب بمحبة صاحب المال وتعظيمه ولو كان بخيلا فإن العيون تنظر إليه بعين التعظيم لتوهم النفوس باستغنائه عنهم لما عنده من المال وربما يكون صاحب المال أشد الناس فقرا إليهم في نفسه ولا يجد في نفسه الاكتفاء ولا القناعة بما عنده فهو يطلب الزيادة مما بيده ولما رأى العالم ميل القلوب إلى رب المال لأجل المال أحبوا المال فطلب العارفون وجها إلهيا يحبون به المال إذ ولا بد من حبه وهنا موضع الفتنة والابتلاء التي لها الضلالة والمهداة فأما العارفون فنظروا إلى أمور إلهية منها قوله تعالى وأَقْرِضُوا الله قَرْضاً حَسَناً فما خاطب إلا أصحاب الجدة فأحبوا المال ليكونوا من أهل هذا الخطاب فيلتذوا بسماعه حيث كانوا فإذا أقرضوه رأوا أن الصدقة تقع بيد الرحمن فحصل لهم بالمال وإعطائه مناولة الحق منهم ذلك فكانت لهم وصلة المناولة وقد شرف الله آدم بقوله لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فمن يعطيه عن سؤاله القرض أتم في الالتذاذ بالشرف ممن خلقه بيده فلو لا المال ما سمعوا ولا كانوا أهلا لهذا الخطاب الإلهي و