اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
من صفات الطبيعة ثم إن الله قد أخبر عن الملإ الأعلى أنهم يختصمون والخصام من الطبيعة لأنها مجموع أضداد والمنازعة والمخالفة هي عين الخصام ولا يكون إلا بين الضدين ومن هذا الباب قولهم أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ هذا من طبيعتهم وغيرتهم على الجناب الإلهي فلو وقفوا مع روحانيتهم لم يقولوا مثل هذا حين قال لهم الله إِنِّي جاعِلٌ في الْأَرْضِ خَلِيفَةً بل كان جوابهم من حيث ما فيهم من السر الإلهي أن يقولوا ذلك إليك سبحانك تفعل ما تريد ونحن العبيد تحت أمرك بالطاعة لمن أمرتنا بطاعته فبالذي وقع من الإنسان من الفساد وغيره مما يقتضيه عالم الطبع به بعينه وقع الاعتراض من الملائكة فرأوه في غيرهم ولم يروه في نفوسهم وذلك لما قررناه من أن التعشق بالغرض يحول بين صاحبه وبين فعل ما ينبغي له أن يفعله ولهذا قال لهم الله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ثم أراهم الله شرفه عليهم بما خصه به من علم الأسماء الإلهية التي خلق المشار إليهم بها وجهلتها الملائكة فكأنه يقول سبحانه أجعل علمي حيث شئت من خلقي أكرمه بذلك فمن هنا تعلم ما ذكرناه وسيأتي العلم بهذا الأمر محققا مستوفى في منزله ا
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
واعلم أن القلب وإن كان محل السعة الإلهية فإن الصدر محل السعة القلبية إذ كان إنما سمي صدرا لصدوره ولهذا قال ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ فإن القلب في حال الورود يضيق لما يقتضيه من الجلال والهيبة وما يعطيه القرب الإلهي والتجلي وإذا صدر اتسع وانفسح لأنه كون وهو صادر إلى الكون فينفسح للمناسبة وتتسع أشعة نوره بانبساطها على الأكوان ويبتهج بكونه خص بهذا التعريف الإلهي على أبناء جنسه ولهذا إذا عرض له عارض يقبضه في غير محل القبض ينبهه الحق يذكره ما أنعم الله به عليه ليتذكر النعمة الإلهية عليه فيحول بينه وبين ما كان عليه من الضيق فهو في الظاهر من إلهي وفي المعنى رحمة بهذا القلب فمن هنا يقرر الحق عبده على ما متن به عليه فإن قلت فإن الله قد ذكر أنه يمن على عباده قلنا إنما جاء هذا لما امتنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فقال الله له قل لهم يا محمد بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ أي إذا دخلتم في حضرة المن فالمن لله لا لكم فهو من علم التطابق لم يقصد به المن فما كان الله ليقول في المن ما قال ويكون منه كما
قال صلى الله عليه وسلم ما كان ال
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
واعلم أن أصل الأمور كلها المعرفة عندنا والنكرة عرض طارئ فإذا عرض وقع الإبهام والإشكال فالعارف من عرفه في حال التنكير فهو نكرة في العموم وعند هذا هو معرفة في النكرة إذا قال القائل كلمت اليوم رجلا فرجل هنا نكرة وهو عند من كلمه معرفة بالتعيين في حال الحكم عليه بالنكرة فالذي يشاهد العارف من الحق في حال النكرة والإنكار من العالم هو عين المعرفة عنده لكونه أبقاه على الإطلاق الذي يستحقه في حال تقيده به العقائد فيجهله العامة في التنكير وهو مقام


