اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم فوقع التعجب من ذلك ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي وضروري ذلك لتعلموا إن الأمور بيد الله وأن الحكم فيها لله وأن العقول لا تعقل بنفسها وإنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها وخالقها ولهذا تتفاوت درجاتها فمن عقل مجعول عليه قفل ومن عقل محبوس في كن ومن عقل طلع على مرآته صدا فلو كانت العقول تعقل لنفسها لما أنكرت توحيد موجدها في قوم وعلمته من قوم والحد والحقيقة فيهما على السواء فلهذا جعلنا قوله تعالى إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ليس من قول الكفار

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فاعلم يا أخي أن هذا المنزل هو منزل من منازل الستر والكتمان وتقرير الألوهة في كل من عبد من دون الله لأنه ما عبد الحجر لعينه وإنما عبد من حيث نسبة الألوهة إليه ولهذا ذكرنا أنه من منازل الكتمان والستر قال تعالى وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فما ذكروا قط إلا الألوهية وما ذكروا لأشخاص ولكن لم يقبل الله منهم العذر بل قال إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله أي الذي انفرد بهذا الاسم حَصَبُ جَهَنَّمَ وهو قوله وَقُودُهَا النَّاسُ والْحِجارَةُ وهو كل من دعاكم إلى عبادة نفسه أو عبدتموه وكان في وسعه أن ينهاكم عن ذلك فما نهاكم فمثل هؤلاء يكونون من حصب جهنم فالموحد يعبد الله من طريقين من طريق الذات من كونها تستحق وصف الألوهة ومن طريق الألوهة فالسعيد الجامع بينهما لأن العابد مركب من حرف ومعنى فالحرف للحرف والمعنى للمعنى فلذلك لم نعبد الذات معراة عن وصفها بالألوهية ولم تعبد الألوهية من غير نسبتها إلى موصوف بها فلم تقم العبادة إلا على ما نقتضيه حقيقة العبد وهو التركيب لا على ما تقتضيه حقيقة الحق وهو الأحدية ولهذا يكون القائل