اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
أعني الإنسان سريع التغيير في باطنه كثير الخواطر يتقلب في باطنه في كل لحظة تقلبات مختلفة لأنه على الصورة الإلهية وهو سبحانه كل يوم في شأن فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة بل يتغير عليه الأحوال والأعراض في كل زمان فرد وهو الشئون التي هو الحق فيها لمن علم ما قال الله ولا يظهر سلطان ذلك إلا في باطن الإنسان فلا يزال يتقلب في كل نفس في صور تسمى الخواطر لو ظهرت إلى الأبصار لرأيت عجبا وأسرع الحركات الفلكية حركة هذا الفلك بكوكبه الذي هو القمر فهو أسرع سير في قطع فلك المنازل من غيره من السيارة وله في كل يوم منزلة فيقطع الفلك في ثمانية وعشرين يوما فكان ظهور الأثر في الكون سريعا لسرعة الحركة فناسب آدم في سرعة خواطره فأسكنه هذه السماء وجعل نسم بنيه عن يمينه ويساره أسودة يرى شخوصها أهل الكشف وعن يمينه عليون وعن يساره السفل فلا يخفى عنه من أحوال بنيه شيء
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
واعلم أن هذه الحقيقة التي جعلته يسمى إنسانا مفردا هي في كل إنسان ولكن كانت في آدم أتم لأنه كان ولا مثل له ثم بعد ذلك انتشأت منه الأمثال فخرجت على صورته كما انتشا هو من العالم ومن الأسماء الإلهية فخرج على صورة العالم وصورة الحق فوقع الاشتراك بين الأناسي في أشياء وانفرد كل شخص بأمر يمتاز به عن غيره كما هو العالم فبما ينفرد به الإنسان يسمى الإنسان المفرد وبما يشترك به يسمى الإنسان الكبير ولما كان آدم أبا البشر كانت منه رقيقة إلى كل إنسان ونسبة ولما كان هو من العالم ومن الحق بمنزلة بنيه منه كانت فيه رقيقة من كل صورة في العالم تمتد إليه لتحفظ عليه صورته ورقيقة من كل اسم إلهي تمتد إليه لتحفظ عليه مرتبته وخلافته فهو يتنوع في حالاته تنوع الأسماء الإلهية ويتقلب في أكوانه تقلب العالم كله وهو صغير الحجم لطيف
الجرم سريع الحركة فإذا تحرك حرك جميع العالم واستدعى بتلك الحركة توجه الأسماء الإلهية عليه لترى ما أراد بتلك الحركة فتفضي في ذلك بحسب حقائقها ولم يكن في الأفلاك أصغر من فلك سماء الدنيا فأسكنه الله فيها للمناسبة ولصغر هذا الفلك كان أسرع دورة فناسب سرعة الخواطر التي في الإنسان فأسكنه


