اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

غير الله الذي أنزل بهم هذا البلاء فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ في سَبِيلِ الله وما ضَعُفُوا عن حمله لأنهم حملوه بالله وإن شق عليهم لا بد من ذلك وإن لم يشق عليهم فليس ببلاء وما اسْتَكانُوا لغير الله في إزالته ولجئوا إلى الله في إزالته كما قال العبد الصالح مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فرفع الشكوى إليه لا إلى غيره فأثنى الله عليه بأنه وجده صابرا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ مع هذه الشكوى فدل إن الصابر يشكو إلى الله لا إلى غيره بل يجب عليه ذلك لما في الصبر إن لم يشك إلى الله من مقاومة القهر الإلهي وهو سوء أدب مع الله والأنبياء عليه السلام أهل أدب وهم على علم من الله فإنك تعلم أن صبرك ما كان إلا بالله ما كان من ذاتك ولا من حولك وقوتك فإن الله يقول واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ فبأي شيء تفتخر وهو ليس لك فما ابتلى الله عباده إلا ليلجئوا في رفع ذلك إليه ولا يلجئوا في رفعه إلى غيره فإذا فعلوا ذلك كانوا من الصابرين وهو محبوب الله ومن أسمائه تعالى النعتية الصبور فما أحب إلا من رأى خلعته عليه ثم إن هنا سرا وأقامك فيه مقامه فإن الصبر لا يكون إلا على أذى وقد
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ومن ذلك حب الشاكرين فوصف الحق نفسه في كتابه إنه يحب الشاكرين والشكر نعمته فإنه شاكِرٌ عَلِيمٌ فما أحب من العبد إلا ما هو صفة له ونعت والشكر لا يكون إلا على النعم لا على البلاء كما يزعم بعضهم ممن لا علم له بالحقائق لأنه تعالى أبطن نعمته في نقمته ونقمته في نعمته فالتبس على من لا علم له بالحقائق أي بحقائق الأمور فتخيل أنه يشكر على البلاء وليس بصحيح كشارب الدواء المكروه وهو من جملة البلاء ولكن هو بلاء على من يهلك به وهو المرض الذي لأجله استعمله فالألم هو عدو هذا الدواء إياه يطلب ولكن لما قام البلاء بهذا المحل الواجد للألم ورد عليه المنازع الذي يريد إزالته من الوجود وهو الدواء فوجد المحل لذلك كراهة وعلم أنه في طي ذلك المكروه نعمة لأنه المزيل للألم فشكر الله تعالى على ما فيه من النعمة وصبر على ما يكره من استعماله لعلمه بأنه طالب ذلك الألم حتى يزيله فما سعى إلا في راحة هذا المحل فتفطن لهذا فلهذا كان شاكرا فلما شكره على ما في هذا المكروه من النعمة الباطنة زاده نعمة أخرى وهي العافية وإزالة المرض وتصبره الدواء الكرة عليه ولذلك قال لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ فزاده العافية وكذلك أيضا ل