اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)

المال فإن الله سبحانه قد جعل مصالح العبد في استعمال أعيان بعض الأشياء وهي من العالم فلا غنى له عن استعمالها فلا غنى له عن العالم فلذلك خصصه بالمال فلا يوصف بالغنى عن العالم إلا الله تعالى من حيث ذاته جل وتعالى والغني في الإنسان من العالم فليس الإنسان بغني عن الغني فهو فقير إليه

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

واعلم أن الغني وإن كان بالله والعزة وإن كانت بالله فإنهما صفتان لا يصح للعبد أن يدخل بهما على الله تعالى وإن كان بالله فيهما فلا بد أن يتركهما فيدخل فقيرا ذليلا ومعنى الدخول التوجه إلى الله فلا يتوجه إلى الله بغناه به ولا بعزته به وإنما يتوجه إلى الله بذله وافتقاره فإن حضرة الحق لها الغيرة ذاتية فلا تقبل عزيزا ولا غنيا وهذا ذوق لا يقدر أحد على إنكاره من نفسه قال تعالى مؤدبا لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في ظاهر الأمر وهو يؤدبنا به لنتعلم أَمَّا من اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى فكان مشهود محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الصفة الإلهية وهو الغني فتصدى لها لما تعطيه حقيقتها من الشرف والنبي في ذلك الوقت في حال الفقر في الدعوة إلى الله وأن تعم دعوته وعلم إن الرؤساء والأغنياء تبع الخلق لهم أكثر من تبع من ليس له هذا النعت فإذا أسلم من هذه صفته أسلم لإسلامه خلق كثير والنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم له على مثل هذا حرص عظيم وقد شهد الله تعالى عندنا له بذلك فقال عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي عنادكم يعز عليه للحق المبين حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ في إن تسلموا وتنقادوا إلى ما فيه سعادتكم و
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فمن مكارم الأخلاق الإقبال على الفقراء والإعراض عن الأغنياء بالعرض من جاه أو مال فإذا رىء ممن هذه صفته الفقر والذلة بنزوله عن هاتين المرتبتين وجب على أهل الله الإقبال عليهم فإنهم إن أقبلوا عليهم وهم مستحضرون لما هم عليه من الجاه والمال تخيلوا أن إقبال أهل الله عليهم لجاههم ولمالهم فيزيدون رغبة في بقاء ما هم عليه فلذلك منع الله أهله أن يقبلوا عليهم إلا بصفة الزهد فيهم فإذا اجتمع في مجلس أهل الله من هو فقير ذليل منكسر وغني بماله ذو جاه في الدنيا أظهر القبول والإقبال على الفقير أكثر من إظهاره على الغني ذي الجاه لأنه المقصود بالأدب الذي أدب الله تعالى به نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم غير إن صاحب هذه الصفة يحتاج إلى ميزان الحق في ذلك فإن غفل عنه كان الخطاء أسرع إليه من كل شيء وصورة الوزن فيه أن لا يرى في نفسه شغفا عليه ولا يخاطبه أعني لا يخاطب هذا الغني ولا ذا الجاه بصفة قهر تذله فإنه لا يذل تحتها بل ينفر ويزيد عظمة وأنت مأمور بالدعوة إلى الله فادعوه كما أمر الله نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أن يدعو الناس تعليما له ولنا فإنا مخاطبون بالدعاء إلى الله كما قال أَدْعُوا إِلَى الله ع