Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التكذيب والبخل وأسراره من المقام الموسوى

الدار الآخرة كئوس كثيرة على عدد الشاربين منه وأن الماء في الإناء على صورة الإناء شكلا ولونا علمنا قطعا إن العلم بالله سبحانه على قدر نظرك واستعدادك وما أنت عليه في نفسك فما اجتمع اثنان قط على علم واحد في الله من جميع الجهات لأنه ما اجتمع في اثنين قط مزاج واحد ولا يصح لأنه لا بد في الاثنين مما يقع به الامتياز لثبوت عين كل واحد ولو لم يكن كذلك لم يصح أن يكونا اثنين فما عرف أحد من الحق سوى نفسه فإذا عامل من تجلى له بما عامله به وقد ثبت أن عمله يعود عليه لن ينال الله من ذلك شي‏ء

قال صلى الله عليه وسلم إنما هي أعمالكم ترد عليكم‏

فيكسوكم الحق من أعمالكم حللا على قدر ما حصنتموها واعتنيتم بأصولها فمن لابس حريرا ومن لابس مشاقة كتان وقطن وما بينهما فلا تلم إلا نفسك ولا تلم الحائك فما حاك لك إلا غزلك فإن قلت كيف تقول لن ينال الله من ذلك شي‏ء وقد قال سبحانه يَنالُهُ التَّقْوى‏ مِنْكُمْ فلتعلم إن المراد بإثبات النيل هنا وعدم النيل في جانب الحق إن الله سبحانه ما يناله شي‏ء من أعمال الخلق مما كلفهم العمل فيه نيل افتقار إليه وتزين به ليحصل له لذلك حالة لم يكن عليها ولكن يناله التقوى وهو أن تتخذوه وقاية مما أمركم أن تتقوه به على درجات التقوى ومنازله فقد قال فَاتَّقُوا النَّارَ واتَّقُوا الله وقُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ فمعنى يَنالُهُ التَّقْوى‏ أنه يتناولها منك ليلبسك إياها بيده تشريفا لك حيث خلع عليك بغير واسطة إذ لبسها غير المتقي من غير يد الحق وسواء كانت الخلعة من رفيع الثياب أو دنيئها فذلك راجع إليك فإنه ما ينال منك إلا ما أعطيته وإن جمع ذلك التقوى فإنه لا يأخذ شيئا سبحانه من غير المتقي فلهذا وصف نفسه بأن التقوى تناله من العباد وإنما وصف الحق سبحانه بأن التقوى تصيبه واللحوم والدماء لا تصيبه لما كانت الإصابة بحكم الاتفاق لا بحكم القصد أضاف النيل إلى المخلوق لأنه يتعالى أن يعلم فيقصد من حيث يعلم ولكن إنما يصاب بحكم الاتفاق مصادفة والحق منزه أن يعلم الأشياء بحكم الإصابة فيكون علمه للأشياء اتفاقا فإذا ناله التقوى من المتقي وخدم بين يديه وجعل ذاته بين يديه مستسلما لما يفعله فيه فيخلع سبحانه عند ذلك من العلم على المتقي ومن شأن هذا العلم أن يحصل من الله تعالى للعبد بكل وجه من وجوه العطاء حتى يأخذ كل آخذ منه بنصيب فمنهم من يأخذه من يد الكرم ومنهم من يأخذه من يد الجود ومنهم من يأخذه من يد السخاء ومنهم من يأخذه من يد المنة والطول إلا الإيثار فإنه ليس له يد في هذه الحضرة الإلهية إذ كان لا يعطي عن حاجة لكن الأسماء الإلهية لما كانت تريد ظهور أعيانها في وجود الكون وأحكامها يتخيل أن إعطاءها من حاجة إلى الأخذ عنها

فتتنسم من هذا رائحة الإيثار وليس بصحيح وإنما وقع في ذلك طائفة قد أعمى الله بصيرتهم ولذلك العارفون اتصفوا بأصناف العطاء في التخلق بالأسماء لا بالإيثار فإنهم في ذلك أمناء لا يؤثرون إذ لا يتصور الإيثار الحقيقي لا المجازي عندهم والعارف لا يقول أعطيتكم وإنما يقول أعطيتك لأنه لا يشترك اثنان في عطاء قط فلهذا يفرد ولا يجمع فالجمع في ذلك توسع في الخطاب والحقيقة ما ذكرناه وللكلام في هذا المنزل مجال رحب لا يسعه الوقت والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

منازل الحوض وأسراره *** مراتب العلم وأنواره‏

وهو من العلم الذي لم يزل *** صفاؤه شيب بأكداره‏

محله الطبع الذي رتقه *** يلحقه القعر بإغباره‏

«الباب السابع والسبعون ومائتان في معرفة منزل التكذيب والبخل وأسراره من المقام الموسوي»

العلم علمان علم الدين في الصور *** الظاهرات من الأرواح في البشر

وعلم حق بتحقيق يؤيده *** ما أودع الله في الآيات والسور

من كل ناظرة بالعين ناضرة *** فاللام ناظرة بالفاء في خبر

هذي منازل أنوار سباعية *** الخمس تخنس دون الشمس والقمر

منها ليظهر ما في الغيب من عجب *** فكل منزلة تسعى على قدر

إن الصفات التي جاء الكتاب بها *** تقدست على مجال العقل والفكر

وكيف يدرك من لا شي‏ء يشبهه *** من يأخذ العلم عن حس وعن نظر

فالعلم بالله عين الجهل فيه به *** والجهل بالله عين العلم فاعتبر

وليس في الكون معلوم سواه فما *** تقول يا أيها المغلوب عن حصر

إن الظهور إذا جاز الحدود خفا *** كذلك الأمر فانظر فيه وافتكر

[أن الايمان له نور يكشف به ما وقع الإخبار به‏]

اعلم أيها الولي الحميم نور الله بصيرتك أن العلم بالجزاء عن نور الايمان لا عن نور العقل فإن ارتباط الجزاء بالأعمال في الدنيا والآخرة لا يعلم إلا من طريق الايمان والكشف فأما تسميتنا إياه علما أعني علم الايمان وإن كان عين التصديق بخبر المخبر فمثل هذا لا يكون علما لزواله لو رجع المخبر عنه تقديرا وحينئذ فله وجهان الواحد أن المؤمن يجده ضرورة في نفسه لو رام الانفكاك عنه لم يقدر على ذلك فهو عنده من العلوم الضرورية عند كل عقل عنده الايمان والوجه الآخر أن الايمان له نور يكشف به ما وقع الإخبار به كما يكشف المدلول العقل بالنظر الصحيح في الدليل الشاد بل أكمل لأن العقل إن لم يستند في دليله وبرهانه إلى العلوم الضرورية في ذلك وإلا فليس ببرهان عنده ولا هو علم وعلم الايمان علم ضروري وهو مستند العقل في الحق المطلوب فالإنسان إذا سئل عن الجزاء من جهة علمه النظري لم يقل إنه جزاء وإنما اقتضت الحركة الفلكية وجود هذه الواقعة في عالم الكون والفساد بحسب القابل لها منه واتفق أيضا أنه كان قبل ذلك حركة أخرى اقتضت لهذا القابل من عالم الكون والفساد وجود أمر ما ظهر منه فنوسب بين الواقعتين الأولى والثانية بأمر عرضي أو أمر وضعي مقرر في نفوس العامة فسموا الواقعة الآخرة جزاء للواقعة الأولى لمن قامت به ليس غير ذلك فما يدرك تلك الرابطة إلا أهل الكشف الإلهي وإن أدركها أهل النظر العقلي لأنه قد يدرك الرابطة من كونها فعلا لا من كونها جزاء ولا سبيل إلى رفع ذلك جملة واحدة وأهل الكلام من علماء النظر يجوزون رفعها بنور عقولهم وصدقوا فإن نور العقل لا يتعدى قوته فيما يعطيه ونور الايمان فوق ذلك يعطي أيضا بحسب قوته وما جعل الله فيه مما لا يدركه العقل معرى عن الشرط فإن العقل يقول إن كان سبق العلم به فلا بد منه عقلا فأدخل الشرط والايمان ليس كذلك فإنه عن كشف محقق لا مرية فيه ثم إن طائفة من العقلاء الذين ذكرناهم وهي التي أثبتت الفعل ولم تصدق أنه جزاء أنكروا ذلك دنيا وآخرة فأما دنيا فلما ذكرناه وأما آخرة فانقسموا في ذلك قسمين فطائفة منهم أثبتوا الآخرة على وجه يخالف وجه الايمان وهم الذين أنكروا الإعادة في الأجسام الطبيعية وطائفة نفت الآخرة جملة واحدة فأحرى الجزاء فأما الطائفة التي أثبتت الآخرة وأنكرت الجزاء فما أنكرت إلا الجزاء الحسي من نعيم الجنان وجعلت الجزاء الروحاني كون الأرواح لما فارقت تدبير أجسادها وتخلصت من أسر الطبيعة وكانت في هذه المدة قد اكتسبت من الأخلاق الكريمة والعلوم الإلهية والروحانية هيأة حسنة ألحقتها بالرتبة الملكية فلما انفصلت عن الطبيعة انفصالا يسمى الموت التحقت بالملائكة ودام لها ذلك مؤبدا فكان ذلك الدوام لها في هذه الرتبة الملكية ثمرة جنتها مما حصلته في حال سجنها في تدبير جسمها الطبيعي فذلك المسمى جزاء في الشرع وما ثم غيره وأهل الايمان بالله وما جاء من عنده وهم أصحابنا وأهل الكشف منا أيضا الذين عملوا بنور الايمان قد جمعنا مع هؤلاء فيما ذكروه من الجزاء الروحاني للنفوس التعليمية وانفردنا عنهم بالإعادة في الأجسام الطبيعية على مزاج مخصوص يقتضي لها البقاء في دار الكرامة والجزاء الحسي من اللباس والزينة والأكل والشرب والنكاح ورفع الخبائث من منزل الجنان كالأمور المستقذرة طبعا والأرواح النتنة طبعا وذلك في حال السعداء وأما في حال الأشقياء فالإعادة أيضا لهم في الأجساد الطبيعية ولكن على مزاج يقارب مزاج الدنيا في الذهاب والزوال بالعلل المنضجة للجلود المذهبة لأعيانها وإيجاد غيرها مع بقاء العين المعذبة بذلك فليست تشبه إعادة الأشقياء إعادة السعداء وإن اشتركا في الإعادة فمرض الأشقياء في دار الشقاء زمانة مؤبدة إلى غير نهاية مدة أعمارهم التي لا انقضاء لها كالزمانة التي كانت للزمني في الدنيا مدة أعمارهم وتعلم كل طائفة من هؤلاء أن بعض الذي هم فيه جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وإنما قلنا بالبعض لأن الجنان ثلاث جنة جزاء العمل وجنة ميراث وهي التي كان يستحقها المشرك لو آمن وجنة اختصاص غير هاتين ولا أدري جنة الاختصاص هل تعم أم هي لخصائص من عباد الله والذين ما عملوا خيرا قط مشروعا فلهم جنة الميراث ولا أدري هل لهم جنة اختصاص أم لا كما قلنا وأما جنة الأعمال‏

المشروعة من كونها مشروعة لا من كونها موجودة فليس لهم فيها نصيب فإنهم قد يكون منهم من فيه مكارم الأخلاق ولكن لم يعمل بها من كونها مشروعة فإذا تقرر ما ذكرناه‏

[الذين لم يؤمنوا بعلم الجزاء يحرمون من العلم الوهبي‏]

فاعلم أن الطائفة التي لم يحصل لها الايمان بعلم الجزاء يحرمون من العلوم الموهوبة قبول كل علم لا يقوم لهم فيه من نفوسهم ميزان من عمل عملوه فإذا جاءهم الفتح في خلواتهم وسطعت عليهم الأنوار الإلهية بالعلوم المقدسة عن الشوب القادح ينظرون ما كانوا عليه من الأعمال وما كانوا عليه من الاستعداد التعملي فيأخذون من تلك العلوم قدر ما أعطتهم موازينهم ويقولون هذا من عِنْدِ الله وما لم يدخل لهم في موازينهم من هذه العلوم دفعوا بها وهذا من أعجب الأمور الإلهية في حق هذه الطائفة أنها غير قائلة بعلم الجزاء ولا تأخذ من العلوم إلا ما أعطتها موازينهم من الأعمال والاستعدادات التعملية وهذا نقيض ما بنى عليه الأمر عند أهل الطريق وهذا كشف خاص خص به أمثالنا لله الحمد على ذلك وأما نحن ومن جرى مجرانا من أهل الطريق فلا نرمي بشي‏ء مما يرد علينا من ذلك ولا ندفع به جملة واحدة سواء اقتضاه عملنا واستعدادنا التعملي أو لم يقتضه فإن الاقتضاء غير لازم عندنا في كل شي‏ء بل أوجد الله ما يريد في أي محل يريد ولو نور الله بصائر هذه الطائفة التي ذكرناها لرأت واتعظت بحالها فإنها لا تصدق بالجزاء ولا تقبل من العلوم إلا ما أعطاه ميزان الجزاء من نفوسهم وهم لا يشعرون وهو موضع حيرة كما إنا لا نرمي أيضا بشي‏ء مما أعطانا الله على يد واسطة مذمومة كانت تلك الواسطة أو محمودة كما فعل سليمان عليه السلام أو بارتفاع الوسائط سواء كان ذلك منهيا عنه أو مأمورا به فإن الله قد أعطانا من القوة وعلم السياسة بحيث نعلم كيف نأخذ وإذا أخذنا كيف نتصرف به وفيه وفي أي محل نتصرف به وهذا مخصوص بأهل السماع من الحق دائما وهو طريقنا وعليه عمل أكابرنا ويحتاج إلى علم وافر وعقل حاضر ومشاهدة دائمة وعين لا تقبل النوم ولا تعرفه وتتحقق بذلك تحقيقا يسرى معها حسا وفي حال نومها خيالا وفي حال فنائها وغيبتها تحققا وهو مقام عزيز مخصوص بالإفراد منا وعلم الأنبياء أكثره من هذه العلوم التي ليس لها مستند ولهذا كانت النبوة اختصاصا من الله لا يعمل ولا بتعمل ونحن ورثنا هذا المقام من عين المنة فحصلنا من العلوم التي لا مستند لها يطلبها ما عدا النبوة كثيرا تعرفها أسرارنا دون نفوسنا فلذلك لا يظهر علينا منها شي‏ء فإنه لا تعلق لها بالكون قال تعالى أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى‏ ووَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى‏ ووَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى‏ فاختلف أصحابنا في هذه الأحوال الثلاثة وما يشبهها هل هي استعدادات لما حصل من الإيواء والهدى والغني أم ليست استعدادا ومنا من قال لا يكون استعداد إلا عن تعمل فيه وهم الأكثرون ومنهم من قال الاستعداد من أهل لتحصيل أمر ما سواء كان عن تعمل أو غير تعمل فالخلاف لفظي وهو الخلاف الذي ينسب إلى أهل هذه الطريقة وقد يكون الاستعداد معلوما للشخص الذي هو صاحبه إنه استعداد وقد لا يكون والتحقيق في ذلك ما نذكره وذلك أن حقيقة الاستعداد ما هو الطلب أن يكون معد الأمر ما عظيم من الله يحصل له فهذا يسمى تعملا لأنه استفعال مثل استخراج واستطلاق واسترسال وأما كونه معدا لما حصل له فلا بد أن يكون في نفسه على ذلك لا بجعل جاعل وأخفاه العدم الممكن والعدم المحال فلو لا إن العدم الممكن هو معد في نفسه لقبول أثر المرجح ما كان له الترجيح إلى أحد الجانبين في وقت وترجيح الجانب الآخر في وقت آخر والعدم المحال لو لا ما هو في نفسه معد لعدم قبول ما يضاد ما هو عليه في نفسه لقبله وكذلك من ثبت له الوجوب الوجودي لذاته فهذا تحقيق المسألة في الاستعداد والفرق بينه وبين الإعداد والإعداد لا بد منه وجودي وعدمي ولا وجودي ولا عدمي كالنسب فهذا الفصل من هذا المنزل قد استوفيناه وبقي من فصوله ما نذكره وذلك معرفة العلم الذي يطلبه الفقير بافتقاره ومسكنته ما هو وإذا حصل هل يقع له به الغني أم لا وهل إلى ذلك طريقة معلومة لقوم أم لا وهل العالمون بها يتعين عليهم إن يحرضوا الناس على سلوكها أم لا

[الافتقار في كل ما سوى الله أمر ذاتي‏]

فاعلم إن الافتقار في كل ما سوى الله أمر ذاتي لا يمكن الانفكاك عنه ذوقا وعلما صحيحا إلا أنه تختلف مقاصده في تعيين ما يفتقر إليه هذا الفقير وما هو المعنى الذي يفتقر إليه فيه‏

[إن الفقر والمسكنة صفة ذاتية]

فاعلم إن الفقر والمسكنة لما ثبت في العلم أنها صفة ذاتية كان متعلقها الذي افتقرت فيه طلبها استمرار كونها واستمرار النعيم لها على أكمل الوجوه بحيث إنه لا يتخلله النقيض فأهل هذه الطريقة لم يروا ذلك حالا وعقدا إلا من الله تعالى فافتقروا إليه في ذلك دون غيره سبحانه‏

ولا يصح الافتقار لهم إليه في وجودهم لأنهم موجودون وإنما كان ذلك الافتقار منهم لوجودهم في حال عدمهم فلهذا أوجدهم فمتعلق الافتقار أبدا إنما هو العدم ليوجده لهم إذ بيده إيجاد ذلك وأما غيرنا فرأوا ذلك من الله عقدا لا حالا وهم المسلمون الأكثرون عالمهم وجاهلهم ومن الناس من يرى ذلك من الله أصلا لا عقدا ولا حالا وهم القائلون بالعلل والمعلولات وهم أبعد الطوائف من الله ومن الناس من لا يرى ذلك من الله لا أصلا ولا عقدا ولا حالا وهم المعطلة وما من طائفة مما ذكرنا إلا وتجد الافتقار من ذاتها ومن المحال أن يقع الغني من الله لأحد من هؤلاء الطوائف على الإطلاق أبدا ولكن قد يقع لهم الغني المقيد دائما لا ينفكون عنه وأما فرض الطريق إليه فهو ذاتي أيضا من حيث هو طريق وإنما الذي يتعلق به الاكتساب سلوك خاص في هذا الطريق لمن يفتقر إليه وإذا كان السلوك بهذه المثابة تعين التحريض عليه وتبيينه لمن جهله فمن عدل عن تبيينه لمن يستحقه وهو عالم به فهو صاحب حرمان وخذلان وقد نبه عليه السلام على مرتبة من مراتب ذلك‏

بقوله صلى الله عليه وسلم من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار

والسؤال قد يكون لفظا وحالا والمسئول عنه الذي تعلق به الوعيد لا بد أن يكون واجبا عليه السؤال عنه فلا بد أن يجب على العالم الجواب عنه وسؤالات الافتقار كلها بهذه المثابة قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله ففي هذا الخطاب تسمية الله بكل اسم هو لمن يفتقر إليه فيما يفتقر إليه فيه وهو من باب الغيرة الإلهية حتى لا يفتقر إلى غيره والشرف فيه إلى العالم بذلك وفي هذا الخطاب هجاء للناس حيث لم يعرفوا ذلك إلا بعد التعريف الإلهي في الخطاب الشرعي على ألسنة الرسل عليهم السلام ومع هذا أنكر ذلك خلق كثير وخصوه بأمور معينة يفتقر إليه فيها لا في كل الأمور من اللوازم التابعة للوجود التي تعرض مع الآنات للخلق وكان ينبغي لنا لو كنا متحققين بفهم هذه الآية أن نبكي بدل الدموع دما حيث جهلنا هذا الأمر من نفوسنا إلى أن وقع به التعريف الإلهي فكيف حال من أنكره وتأوله وخصصه فهذا قد بينا نبذة من الفصل الثاني المتعلق بهذا المنزل وأما الفصل الثالث من فصول هذا المنزل فاعلم إن الله تعالى قد عرف عباده أن له حضرات معينة لأمور دعاهم إلى طلب دخولها وتحصيلها منه وجعلهم فقراء إليها فمن الناس من قبلها ومن الناس من ردها جهلا بها فمنها حضرة المشاهدة وهي على منازل مختلفة وإن عمتها حضرة واحدة فمنهم من يشهده في الأشياء ومنهم قبلها ومنهم بعدها ومنهم معها ومنهم من يشهده عينها على اختلاف مقامات كثيرة فيها يعلمها أهل طريق الله أصحاب الذوق والشرب ومنها حضرة المكالمة ومنها حضرة الكلام ومنها حضرة السماع ومنها حضرة التعليم ومنها حضرة التكوين وغير ذلك فإنها كثيرة لا يتسع هذا التصنيف لذكرها فحضرة المكالمة من خصائص هذا المنزل فمن عدل عنها فقد حرم ما يتضمنه من المعارف الإلهية والالتذاذ بالمحادثة الربانية وكان ممن قيل فيه ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ ومن الرَّحْمنِ على حسب التجلي مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ وهي طائفة معينة وأخرى اسْتَمَعُوهُ وهُمْ يَلْعَبُونَ فأهل طريقنا لم يشتغلوا عند ورود هذا الكلام بما يلهيهم عما يتضمنه من الفوائد فإن اقتضى جوابا أجابوا ربهم وإن اقتضى غير ذلك بادروا إلى فعل ما يقتضيه ذلك الخطاب وهم يسارقون النظر في تلك الحالة إلى المتكلم لتقر أعينهم بذلك كما تنعمت نفوسهم من حيث السماع غير أنهم لا يتحققون بالنظر في هذه الحال لمعرفتهم بأن مراد الحق فيهم فيها الفهم عنه فيما يكلمهم به فيخافون من النظر مع شوقهم أن يفنيهم عن الذي طولبوا به من الفهم فيكونون ممن آثروا حظوظ نفوسهم على ما أراده الحق منهم فهم في كلا الحالين عبيد فقراء غير أن الأدب في كل حضرة من هذه الحضرات الوفاء بما تستحقه الحضرة التي يقام العبد فيها ولمطلوبه حضرة أخرى هي غير هذه فلا يستعجل فيحرم وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ينوب عنه في الكلام وهو الترجمان قال تعالى فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله يريد على لسان الترجمان الذي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت بعض الشيوخ يقول ما دام في بشريته فالكلام له من وراء حجاب ولكن إذا خرج عن بشريته ارتفع الحجاب وهذا الشيخ هو عبد العزيز بن أبي بكر المهدوي المعروف بابن الكرة سمعته منه بمنزلة بتونس رحمه الله فأصاب فيه وأخطأ فأما إصابته فإثباته وتقريره للكلام من وراء الحجاب وإنه لم يجمع بينه وبين‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!