Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل عند الصباح يحمد القوم السرى من المناجات المحمدية وهو أيضا من منازل الأمر

للقطب بجوع اضطرارا لا اختيارا ويصبر عن النكاح كذلك لعدم الطول يعلم من تجلى النكاح ما يحرضه على طلبه والتعشق به فإنه لا يتحقق له ولا لغيره من العارفين عبوديته أكثر مما يتحقق له في النكاح لا في أكل ولا في شرب ولا في لباس لدفع مضرة ولا يرغب في النكاح للنسل بل لمجرد الشهوة وإحضار التناسل في نفسه لأمر مشروع والتناسل في ذلك للأمر الطبيعي لحفظ بقاء النوع في هذه الدار فإن نكاح صاحب هذا المقام كنكاح أهل الجنة لمجرد الشهوة إذ هو التجلي الأعظم الذي خفي عن الثقلين إلا من اختصه الله به من عباده وعلى هذا يجري نكاح البهائم لمجرد الشهوة لكن غاب عن هذه الحقيقة كثير من العارفين فإنه من الأسرار التي لا يقف عليها إلا القليل من أهل العناية ولو لم يكن فيه من الشرف التام الدال على ما تستحقه العبودية من الضعف إلا ما يجد فيه من قهر اللذة المفنية له عن قوته ودعواه فهو قهر لذيذ إذ القهر مناف للالتذاذ به في حق المقهور لأن اللذة في القهر من خصائص القاهر لا من خصائص المقهور إلا في هذا الفعل خاصة وقد غاب الناس عن هذا الشرف وجعلوه شهوة حيوانية نزهوا نفوسهم عنها مع كونهم سموها بأشرف الأسماء وهو قولهم حيوانية أي هي من خصائص الحيوان وأي شرف أعظم من الحياة فما اعتقدوه قبحا في حقهم هو عين المدح عند العارف المكمل هذا مضى بسبيله وأما حب القطب الجمال المقيد المندرج في الجمال المطلق فذلك لقربه في المناسبة إلى الجمال فلا يحتاج فيه إلى غور بعيد وقوة يشق بها حجاب قبح الطبع إلى إدراك الجمال الإلهي المودع في ذلك القبح فالجمال المقيد يعطيه بأول وهلة مقصوده حتى يتفرغ إلى أمر آخر آكد عليه من مقاومة القبح الطبيعي لإدراك الجمال المطلق إذا لا نفاس عزيزة في دار التكليف ويريد أن لا يكون له نفس إلا وقد تلقاه بأحسن أدب وصرفه بأحسن خلعة وزينة وقد غاب عن هذا القدر من المعرفة جماعة من العارفين وأنفت نفوسهم من ذلك لمشاركة أهل الأغراض من العامة فيه وما علموا إن هذا الرجل له مشاهدة الجمال المطلق في الجمال المقيد وفي غيره بخلاف العامة

[إن الأقطاب هم رجال الكمل‏]

واعلم أن القطب هو الرجل الكامل الذي قد حصل الأربعة الدنانير الذي كل دينار منها خمسة وعشرون قيراطا وبها توزن الرجال فمنهم ربع رجل ونصف وثمن وسدس ونصف سدس وثلاثة أرباع ورجل كامل فالدينار الواحد للمؤمن الكامل والدينار الثاني للولي الخاص والدينار الثالث للنبوتين والدينار الرابع للرسالتين أعني الأصلية بحكم الأبوة والوراثة بحكم البنوة فمن حصل الثاني كان له الأول ومن حصل الثالث كان له الثاني والأول ومن حصل الرابع حصل الكل والقطب من الرجال الكمل وإنما قلنا من الرجال الكمل من أجل الأفراد فإنهم مكملون ومن أحوال القطب تقرير العادات والجري عليها ولا يظهر عليه خرق عادة دائما كما يظهر على صاحب الحال ولا يكون خرق العادة مقصودا له بل تظهر منه ولا تظهر عنه إذ لا اختيار له في ذلك كما قال العارف أبو السعود بن الشبل في الرجل يتكلم على الخاطر وما هو مع الخاطر فيكون في حقه بحكم الاتفاق الوجودي وفي حق الله بحكم الإرادة والقصد فقد بينا بحمد الله الضروري الخاص من أحوال القطب وبينا رتبته لمن جهلها وأن الرجولية ليست فيما يتخيله الجهال من عامة الطريق بطريق الله فينحجبون بالحال عما يقتضيه العلم والمقام فيقولون كل علم لا يكون بالحال فليس بشي‏ء فقل له لا تقل ذلك يا أخي فإنه خلاف الأمر وإنما الصحيح أن تقول كل علم لا يكون عن ذوق فليس بعلم أهل الله فأراك لا تفرق بين الحال والذوق وما ثم علم قط إلا عن ذوق لا يكون غير هذا والمتمكن في العبودة لا حال له البتة يخرجه عن عبودته فلو لم يكن في الأحوال من النقص إلا أنها تخرج العبد عن مقامه إلى ما لا يستحقه ولا هو حق له حتى أنه لو مات في حال الحال لمات صاحب نقص وحشر صاحب نقص فليست الأحوال من مطالب الرجال لكن الأذواق مطالبهم وهي لهم لما يحصل لهم فيها من العلوم بمنزلة الأدلة لأصحاب النظر فيها فالله يجعلنا ممن فهم ففهم عن الله مراده والله يَهْدِي من يَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وفي هذا الباب من العلوم علم ما يستند إليه من الحضرة الإلهية وعلم نسبة بنى آدم إلى الله من أسماء مخصوصة وعلم ما يتقى ويحذر من العالم الروحاني وعلم رجعة العالم الروحاني من أين وإلى أين وعلم الصدور البشري‏

«الباب الأحد والسبعون ومائتان في معرفة منزل عند الصباح يحمد القوم السري من المناجاة المحمدية وهو أيضا من منازل الأمر»

ما لفظة يقولها كل الورى *** عند الصباح يحمد القوم السري‏

ما ذا ترى في قولهم يا من يرى *** كل الأنام في الإمام والورا

قد خاب في إنبائه من افترى *** على الإله عالما بما جرى‏

اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن هذا المنزل منزل علم السري وأهله ويتضمن معرفة عالم الخلق والظلال ومنه يعرف كسوف القمر أهل الكشف وأنه من الخشوع الطارئ عن القمر من التجلي ويتعلق بهذا المنزل علم هاروت وماروت من علم السحر وعلم طلوع الأنوار

[أن الأنوار على قسمين أنوار أصلية وأنوار متولدة عن ظلمة الكون‏]

اعلم وفقك الله للقبول أن الأنوار على قسمين أنوار أصلية وأنوار متولدة عن ظلمة الكون كنور قوله تعالى وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ وكقوله عز وجل فالِقُ الْإِصْباحِ وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً ينظر إلى ذلك ومن آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ من أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ليكون له على النور ولادة والنور المتكلم عليه في هذا المنزل هو النور المولد الزماني وهذا المنزل مخصوص بالإمام الواحد من الإمامين اللذين للقطب وهو المسمى بعبد ربه وتارة يكون هذا النور ذكرا وتارة يكون أنثى فإذا غشى الليل النهار فالمتولد منه هو النور المطلوب وهذا النور المولد الذي شرعنا فيه هو نور العصمة للنبي والحفظ للولي وهو يعطي الحياء والكشف التام فإنه يكشف ويكشف به والنور الأصلي يكشف ولا يكشف به لأنه يغلب على نور الأبصار فتزول الفائدة التي جاء لها النور ولهذا تلجأ نفوس العارفين بالأنوار ومراتبها إلى هذا النور المولد من الظلمة للمناسبة التي بيننا وبينه من خلق أرواحنا فإن الأرواح الجزئية متولدة عن الروح الكلي المضاف إلى الحق والأجسام الطبيعية الظلمانية بعد تسويتها وحصول استعدادها للقبول فيظهر بينهما في الجسم الروح الجزئي الذي هو روح الإنسان ينفلق عنه الجسم كانفلاق الصباح من فالق الإصباح في الليل فتقع المناسبة بين هذا النور وبين روح الإنسان فلذلك يأنس به ويستفيد منه وهكذا أجرى الله العادة ولم يعط من القوة أكثر من هذا ولو شاء لفعل وهكذا جرت المظاهر الإلهية المعبر عنها بالتجليات فإن النور الأصلي مبطون فيها غيب لنا والصور التي يقع فيها التجلي محل لظهور المظهر فتقع الرؤية منا على المظاهر ولهذا هي المظاهر مقيدة بالصور ليكون الإدراك منا بمناسبة صحيحة فإن المقصود من ذلك حصول الفائدة به وبما يكون منه وهذا منزل عال كبير القدر العالم به متميز على أبناء جنسه وهو سار في الأشياء فكما أنه سبحانه ذكر أنه فالِقُ الْإِصْباحِ كذلك هو فالِقُ الْحَبِّ والنَّوى‏ بما يظهر منهما فما وقعت الفوائد إلا بمثل هذا النور وكانت الأنبياء عليهم السلام تتخذه وقاية تتقي به حوادث إلا كون التي هي ظلم الأغيار وكما تبين لك قدر هذا النور المولد ومنزلته فلنبين ما يتخذ له وقاية وذلك أن الوقاية لا تكون إلا من أجل الأمور التي يكرهها الإنسان طبعا وشرعا وهي أمور مخصوصة بعالم الخلق والتركيب الطبيعي لا بعالم الأمر وقد بينا في هذا الكتاب وغيره ما نريده بعالم الأمر وعالم الخلق والكل لله تعالى قال عز وجل أَلا لَهُ الْخَلْقُ والْأَمْرُ تَبارَكَ الله رَبُّ الْعالَمِينَ فخصه بالاسم الرب دون غيره ولما كان عالم الخلق والتركيب يقتضي الشر لذاته لهذا قال عالم الأمر الذي هو الخير الذي لا شر فيه حين رأى خلق الإنسان وتركيبه من الطبائع المتنافرة والتنافر هو عين التنازع والنزاع أمر مؤد إلى الفساد قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ من غير تعرض لمواقع الأحكام المشروعة وكذلك وقع مثل ما قالوه ورأوا الحق سبحانه يقول والله لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ وقال والله لا يُحِبُّ الْفَسادَ فكرهوا ما كره الله وأحبوا ما أحب الله وجرى حكم الله في الخلق بما قدره العزيز العليم فما ظهر من عالم التركيب من الشرور فمن طبيعته التي ذكرتها الملائكة وما ظهر منه من خير فمن روحه الإلهي الذي هو النور المولد فصدقت الملائكة ولذلك قال وما أَصابَكَ من سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وإذا كان عالم الخلق بهذه المثابة فواجب على كل عاقل أن يعتصم بهذا النور المذكور في هذا المنزل فالشرور كلها مضافة إلى عالم الخلق والخير كله مضاف إلى عالم الأمر

[أن الطبيعة تألفت لظهور عالم الخلق ليكون مظهرا لذلك النور]

واعلم أن الطبيعة لما تألفت واجتمعت لظهور عالم الخلق بعد أن كانت متنافرة ليظهر بذلك شرف هذا النور بما يكون فيه من الخير مع تولده من هذا التركيب لقوته وغلبة عالم الأمر على نشأته دخلت في الوجود الحسي فسميت جسما وحيوانا ونباتا وجمادا وما من شي‏ء من هذا كله إلا والفساد والتغيير موجود فيه في كل حال ولو لا هذا النور الاعتصامي لهلك عالم الخلق جملة واحدة فأمر الله‏

سبحانه أن يلجأ إليه بالدعاء في دفع هذه المكاره كلها فيؤيد الله هذا الروح بما يعطيه من هذا النور من الاسم الرب ليدفع به ما تقع له به المضرة من جانب ظلمة الطبع‏

[مسمى الشر والخير]

واعلم أن مسمى الشر على الحقيقة ومسمى الخير إنما هو راجع إما لوضع إلهي جاءت به ألسن الشرائع وإما لملاءمة مزاج فيكون خيرا في حقه أو منافرة مزاج فيكون شرا في حقه وإما لكمال مقرر اقتضاه الدليل فيكون خيرا أو نقص عن تلك الدرجة فيكون شرا وإما لحصول غرض فيكون خيرا في نظره أو عدم حصوله فيكون شرا في نظره فإذا رفع الناظر نظره عن هذه الأشياء كلها لم تبق إلا أعيان موجودات لا تتصف بالخير ولا بالشر هذا هو المرجوع إليه عند الإنصاف والتحقيق ولكن ما فعل الله سبحانه إلا ما قد حصل في الوجود من كمال ونقص وملاءمة ومنافرة وشرائع موضوعة بتحسين وتقبيح وأغراض موجودة في نفوس تنال وقتا ولا تنال وقتا وما خلا الوجود من هذه المراتب وكلام المتكلم إنما هو بما حصل في الوجود لا بالنظر الآخر المنسوب إلى جانب الحق ثم أصل هذا الأمر كله إنما هو من جانب وجود واجب الوجود لذاته وهو الخير المحض الذي لا شر فيه ومن جانب العدم المطلق الذي في مقابلة الوجود المطلق وهذا العدم هو الشر المحض الذي لا خير فيه فما ظهر من شر في العالم فهذا أصله لأنه عدم الكمال أو عدم الملاءمة أو عدم حصول الغرض فهي نسب وما ظهر من خير فالوجود المطلق فاعله ولذلك قال قُلْ كُلٌّ من عِنْدِ الله وما هو موصوف بأنه عندك فليس هو عينك والإعدام والإيجاد بين إرادته سبحانه وقدرته ولهذا قلنا إن الخير فعل الحق ولم نقل في الشر فعلا وإنما قلنا إن ذلك العدم المطلق أصله فحررنا العبارة عنه ليعرف العاقل الناظر في كتابي هذا ما أردناه وإذ قد تبين هذا الأصل النافع في هذا الباب فلنقل ومما يلجأ إليه في دفع ما يكره من الأفعال ما تتلوه الشياطين على ملك سليمان من علم السحر الذي مزجوه بما أنزل على الملكين هاروت وماروت من علم الحق فعلم الحق من ذلك هو العلم بالأمور التي تسمى معجزات فإن الحق معجز وهو النور الذي يستند إليه وعلم الباطل من ذلك علم الخيال الذي قال فيه يُخَيَّلُ إِلَيْهِ من سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى‏ ولهذا سمي السحر سحرا مأخوذ من السحر وهو اختلاط الضوء والظلمة فالسحر له وجه إلى الظلمة وليس ظلاما خالصا وله وجه إلى الضوء وليس ضوءا خالصا كذلك السحر له وجه إلى الحق وهو ما ظهر إلى بصر الناظر فإنه حق وله وجه إلى الباطل لأنه ليس الأمر في نفسه على ما أدركه البصر فلهذا سمته العرب سحرا وسمي العامل به ساحر إلا العالم به ولهذا سمي كيدا من كاد يكيد أي كاد يقارب الحق قال تعالى إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً أي يقاربون الحق فيما يظهر لكم وكاد من أفعال المقاربة تقول العرب كاد العروس يكون أميرا أي قارب إن يكون أميرا قال تعالى إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ أي فعلوا ما يقارب الحق في الصورة الظاهرة للبصر فإذا لم يكن حقا فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ أي كيف تصرفون عن معرفة هذه الحقائق ومما يتعلق بهذا العلم من الشر مقلوب الحمد ولهذا قال فَلا تَكْفُرْ فإن مقلوب الحمد كفر وهو الذم إذ الحمد هو الثناء على المحمود بما هو عليه من الخلال وبما يكون منه مما تعطيه مكارم الأخلاق والذم في مقابلة ما ذكرناه قال تعالى فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما أي من المعلمين ما يُفَرِّقُونَ به بَيْنَ الْمَرْءِ وزَوْجِهِ والله قد كره ذلك وقد ذمه وندب إلى الألفة وانتظام الشمل ولما علم سبحانه أن الافتراق لا بد منه لكل مجموع مؤلف لحقيقة خفيت عن أكثر الناس شرع الطلاق رحمة بعباده ليكونوا مأجورين في أفعالهم محمودين غير مذمومين إرغاما للشياطين ومع هذا

فقد ورد في الخبر النبوي أنه صلى الله عليه وسلم قال ما خلق الله حلالا أبغض إليه من الطلاق‏

لأنه رجوع إلى العدم إذ كان بائتلاف الطبائع ظهر وجود التركيب وبعدم الائتلاف كان العدم فكانت الأسماء الإلهية معطلة التأثير فمن أجل هذه الرائحة كره الفرقة بين الزوجين فعدم عين الاجتماع أي هذه الحالة ارتفعت بافتراق هذين الزوجين وإن بقيت أعيانهما وإن كان الاجتماع والافتراق والحركة والسكون الحاصل من ذلك راجع إلى نسب معقولة لا أعيان موجودة كما يراه بعضهم وبهذا النور الخاص بهذا المنزل يندفع جميع ما ذكرناه من الشرور وما لم نذكره مما ينطلق عليه اسم شر بالإضافة إلى ما قررناه من الكمال والملاءمة وغير ذلك وهذا القدر من السحر الذي يعطي التفرقة هو الذي يدفعه سبب وجود هذا النور في هذا المنزل خاصة وعند الخروج من هذه السدف والظلم بالإدلاج فيها حتى يطلع لك الصباح وتشرق الأنوار وذلك عالم الآخرة حيث كان حينئذ تحمد مسعاك وما فاتك‏

بذلك السهر في سيرك من لذة النوم والاضطجاع والسكون فوضعوا لذلك لفظا مطابقا وهو قولهم عند الصباح يحمد القوم السري والصباح عبارة عن هذا النور ومن حصل له هذا النور كان الناس فيه بين غابط وحاسد فالغابط من طلب من الله أن يكون له مثل ما حصل لهذا من هذه الحال من غير إن يسلب ذلك عن صاحبه والحاسد من يطلب زوال هذا الأمر من صاحبه ولا يتعرض في طلبه لنيله جملة واحدة فإن طلب مع طلب إزالته من ذلك نيله فبه يقع الاشتراك بين الغابط والحاسد وما يقع به الاشتراك غير ما يقع به الامتياز فطلب نيل ذلك محمود وهو الغبط وطلب إزالته مذموم وهو الحسد فلذلك فصلنا فيه هذا التفصيل وإن كان الشرع قد أطلق لفظ الحسد في موضع الغبط

فقال صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق فهو ينفق منه ويفرقه يمينا وشمالا

وفي هذا سر وتنبيه على فضل الكرم والعطاء لغير عوض فإنه من أعطى لعوض فهو شراء ليس بكرم إذ الكريم من لا يطلب المعاوضة فلذا قال يمينا وشمالا ولو عني بالشمال الإنفاق في معصية من زنا أو غيره فليس بكرم لأنه يحصل به عوضا هو أحب إليه من المال فإن قيل إن العوض له لازم فإن الثناء بالكرم لازم لذي الكرم قلنا هذا لا يقع إلا من الجاهل لأن الثناء الحسن من لوازم الكرم سواء طلبه أو لم يطلبه فاشتغاله بطلب الحاصل جهل فإن الحاصل لا يبتغى واللازم للشي‏ء لا بد له منه وإلا فليس بلازم فإن فعل ذلك التحق بأصحاب الأعواض ولم يتصف عند ذلك بالكرم ولا لبسه‏

والرجل الآخر رجل آتاه الله علما فهو يبثه في الناس‏

أي يفرقه فيهم الحديث كما قاله عليه السلام فإنا أوردناه من جهة المعنى وبعض ألفاظه صلى الله عليه وسلم فسماه حسدا وقد يسمى الشي‏ء باسم الشي‏ء بما يقاربه أو يكون منه بسبب وبعد أن فصلنا ما أردنا ارتفع الإشكال فيما قصدناه ونحن إنما أردنا ما أراد الله تعالى بقوله ومن شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ وليس الشر في طلب نيل مثله وإنما الشر في طلب زواله ممن هو عنده ولما قلنا إن عبد الرب له خمس درجات وإنه يزيد على عبد الملك بأربع درجات كان هذا المنزل على خمس درجات والدرجة السادسة التي لهذا المنزل فيها خلاف بين أهل هذا الشأن فمنهم من جعلها درجة مستقلة بنفسها لكنها فاصلة بين مقامين من المقامات الإلهية وليس هو مذهبنا ومنهم من جعلها درجة سادسة في عين هذا المقام وهو مذهبنا وهذه الدرجة تتضمن منزلا واحدا من منازل الغيب بالإجماع من أهل هذا الشأن وقيل ثلاث منازل بخلاف بينهم فأما ابن برجان فانفرد دون الجماعة بإظهار المنزل الثاني في هذه الدرجة من منازل الغيب ولم أعلم ذلك لغيره وله وجه في ذلك ولكن فيه بعد عظيم وإن كنا نحن قد ذهبنا إلى هذا المذهب في بعض كتبنا ولكن ليس في وجوده تلك القوة وإنما يظهر عند صنعة التحليل والكلام على المفردات من علم هذا الطريق وهو مما يتعلق بمعرفة الهوية ولهذه الدرجة تسعة عشر منزلا من منازل الشهادة كل منزل من هذه المنازل يمنع ملكا من التسعة عشر الذين على النار فلا يصيب صاحب هذه الدرجة من النار شي‏ء قال تعالى عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ فلوجود هذه المنازل في هذه الدرجة جعلت ملائكة النار تسعة عشر ولا نعكس فنقول من أجل هؤلاء الملائكة جعلت هذه المنازل تسعة عشر فإن الأمر لم يكن كذلك ولم تكن هذه المنازل بحكم الجعل بخلاف الملائكة فإن هذه الدرجة اقتضت هذه المنازل لذاتها وقال في الملائكة وما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً فكانوا بحكم الجعل وكانوا في عالم الشهادة لأن النار محسوسة مشهودة وتتضمن هذه الدرجة السادسة من العلوم علم الأسماء الإلهية المتعلقة بالكون ولها صورة في العموم من حيث الإيجاد وفي الخصوص من حيث السعادة

[المنزل عبارة عن المقام الذي ينزل الحق فيه إليك أو تنزل أنت فيه عليه‏]

واعلم أنه ما من منزل من هذه المنازل التي في هذا الكتاب إلا وله هذه الدرجة وتختلف آثارها باختلاف المنازل إلا منزلا واحدا من منازل القهر وسيأتي ذكره إن شاء الله وكنا قد ذكرنا في كتاب هياكل الأنوار هذا المنزل وما يختص به وما يعطيه هيكله فلينظر هناك وهو الهيكل الثاني عشر ومائة وهذه العجالة تضيق عن أسرارها في كل منزل من هذه المنازل المودعة فيه أعني في هذا الكتاب وكذلك المنازلات والفرق بين المنزل والمنازلات ما نبينه لك وذلك أن المنزل عبارة عن المقام الذي ينزل الحق فيه إليك أو تنزل أنت فيه عليه ولتعلم الفرق بين إليك وعليه والمنازلة أن يريد هو النزول إليك ويجعل في قلبك طلب النزول عليه فتتحرك الهمة حركة روحانية لطيفة للنزول عليه فيقع الاجتماع به بين نزولين نزول منك عليه قبل إن تبلغ المنزل ونزول منه إليك أي توجه اسم إلهي‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!