Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى حال التجلى بالجيم

من حيث صورها فإنه لا يتمكن لهم ذلك فإنهم في خلوتهم لا بد أن يشاهدوا صور ما تخلوا فيه من جدار وباب وسقف وآلات قام بيت الخلوة منها ووطاء وغطاء ومأكول ومشروب فالصور لا يتمكن له التخلي عنها فلم يبق الهرب إلا مما يطرأ من هذه الصور من الكلام المفهوم لا من الأفعال لأن صاحب الخلوة لو كانت معه الحيوانات لم يزل في خلوة ولا يشغله عن مطلوبه إلا أن يخاف من ضررها كذلك أيضا لو كان في الجدار ميل لخاف من تهدمه وسقوطه عليه فإذا ما اختار التخلي إلا لأجل الكلام الذي تتكلم الناس به فلو فهم ما يتكلم الناس به على الوجه الذي وضعه الحق فيهم لزاد علما بما لم يكن عنده ولو صلى صلاة واحدة أعني ركعة واحدة لما طلب التخلي فإنه إذا سمع قول العبد سمع الله لمن حمده وإن ذلك القول لله لسرت الحقيقة في جميع ما يسمع فكلام الناس كله يفيد العارفين علما بالله ولهذا من كرامات الصالحين أن يسمعهم الله نطق الأشياء فلو لم يفدهم ذلك علما لم يكن ذلك إكراما من الله بهم فمن رزق الفهم عن الله استوت عنده الخلوة والجلوة بل ربما تكون الجلوة أتم في حقه وأعظم فائدة فإنه في كل لحظة يزيد علوما بالله لم تكن عنده‏

( «بسم الله الرحمن الرحيم»)

«الباب السادس ومائتان في حال التجلي بالجيم»

للغيب نور على البصائر *** يظهر ما كان في السرائر

لكل قلب من كل شخص *** أحضره الحق في المحاضر

فشاهد الأمر كيف يجري *** وعاين الحكم في المقادر

فعنده أول وظاهر *** وعندنا باطن وآخر

قسمه كالصلاة فينا *** عينا لعين فاشكر وبادر

ما بين عبد حبيس عجز *** وبين رب عليه قادر

بفضله قد سرى إلينا *** ما يحمد الله في الضمائر

[التجلي ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب‏]

اعلم أن التجلي عند القوم ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب وهو على مقامات مختلفة فمنها ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد من المعارف والأسرار ومنها ما يتعلق بأنوار الأنوار ومنها ما يتعلق بأنوار الأرواح وهم الملائكة ومنها ما يتعلق بأنوار الرياح ومنها ما يتعلق بأنوار الطبيعة ومنها ما يتعلق بأنوار الأسماء ومنها ما يتعلق بأنوار المولدات والأمهات والعلل والأسباب على مراتبها فكل نور من هذه الأنوار إذا طلع من أفق ووافق عين البصيرة سالما من العمي والغشي والصدع والرمد وآفات الأعين كشف بكل نور ما انبسط عليه فعاين ذوات المعاني على ما هي عليه في أنفسها وعاين ارتباطها بصور الألفاظ والكلمات الدالة عليها وأعطته بمشاهدته إياها ما هي عليه من الحقائق في نفس الأمر من غير تخيل ولا تلبيس فمنها أنوار نسعى بها ومنها أنوار نسعى إليها ومنها أنوار نسعى منها ومنها أنوار تسعى بين أيدينا ومنها أنوار تكون خلفنا يسعى بها من يقتدي بنا ومنها أنوار تكون عن إيماننا تؤيدنا ومنها أنوار تكون عن شمائلنا تقينا ومنها أنوار تكون فوقنا تنزل علينا لتفيدنا ومنها أنوار تكون تحتنا نملكها بالتصرف فيها ومنها أنوار نكونها هي أبشارنا وفي أبشارنا وأشعارنا وفي أشعارنا وهي غاية الأمر فأما أنوار المعاني المجردة عن المواد فكل علم لا يتعلق بجسم ولا جسماني ولا متخيل ولا بصورة ولا نعلمه من حيث تصوره بل نعقله على ما هو عليه ولكن بما نحن عليه ولا يكون ذلك إلا حتى أكون نورا فما لم أكن بهذه المثابة فلا أدرك من هذا العلم شيئا وهو قوله‏

في دعائه صلى الله عليه وسلم واجعلني نورا

والله يقول الله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ فما أنارت إلا به كما قال وأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها يعني أرض المحشر يقول ما ثم شمس وعدم النور ظلمة ولا بد من الشهود فلا بد من النور وهو يوم يأتي فيه الله للفصل والقضاء فلا يأتي إلا في اسمه النور فتشرق الأرض بنور ربها وتعلم كل نفس بذلك النور ما قَدَّمَتْ وأَخَّرَتْ لا بها تجده محضرا يكشفه لها

ذلك النور ولو لا ما هي النفوس عليه من الأنوار ما صحت المشاهدة إذ لا يكون الشهود إلا باجتماع النورين ومن كان له حظ في النور كيف يشقى شقاء الأبد والنور ليس من عالم الشقاء وما من نفس إلا ولها نور تكشف به ما عملت فما كان من خير سرت به وما كان من سوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ولهذا ختم الآية بقوله والله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ حيث جعل لهم أنوارا يدركون بها

[أن للنور حظ في السعادة]

وقد علموا أن النور لا حظ له في الشقاء فلا بد أن يكون المال إلى الملائم وحصول الغرض وذلك هو المعبر عنه بالسعادة لأنه قال كل نفس فعم وما خص نفسا من نفس وذكر الخير والشر فالوجود نور والعدم ظلمة فالشر عدم ونحن في الوجود فنحن في الخير وإن مرضنا فإنا نصح فإن الأصل جابر وهو النور وهكذا صفة كل نور إنما جاء ليظهر ما طلع عليه فلا تدرك الأشياء إلا بك وبه فلهذا لا يصح نتيجة أي لا تكون إلا بين اثنين أصلها الاقتدار الإلهي وقبول الممكن للانفعال لو نقص واحد من هاتين الحقيقتين لما ظهر للعالم عين فقد أعطيناك أمرا كليا في هذه الأنوار فلا نتكلف بسطها مخافة التطويل والأحوال لا تحتمل الإسهاب فلنذكر مبهمات الأنوار فأما النور الذي نسعى به فهو ما تقدم ذكره من أنوار المعلومات التي اكتفينا بذكر واحد منها ليكون تنبيها وأنموذجا لما سكتنا عنه وأما النور الذي بين أيدينا فهو نور الوقت والوقت ما أنت به فنوره ما أنت به فانظر فيه كيفما كان فهو مشهودك الحاكم عليك والقائم بك وهو عين الاسم الإلهي الذي أنت به قائم في الحال لا حكم له في ماض ولا مستأنف وأما النور الذي عن يمينك فهو المؤيد لك والمعين على ما يطلبه منك النور الذي بين يديك وهو الذي طلبت من الله في حال صلاتك في قولك وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ والصلاة نور وهي النور الذي بين يديك فهو وقتك الذي أنت به فلما قلت وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أيدك بالنور من عن يمينك فإن اليمين القوة يقول الشاعر

إذا ما راية رفعت لمجد *** تلقاها عرابة باليمين‏

وأما النور الذي عن يسارك فهو نور الوقاية والجنة من الشبه المضلة المؤثرة في النفوس الجهالات والالتباس والتشكيك الذي يخطر للناظر الباحث في الاعتقاد في الله وفيما أخبر به عن نفسه وهو على نوعين نور إيمان ونور دليل ونور الدليل على نوعين نور نظر فكري ونور نظر كشفي فيعلم الأمر على ما هو عليه في نفسه فهذا فائدة النور الذي يأتي عن الشمال وأما النور الذي خلفنا فهو النور الذي يَسْعى‏ بين يدي من يقتدي بنا ويتبعنا على مدرجتنا فهو لهم من بين أيديهم وهو لنا من خلفنا فيتبعنا على بصيرة من أجل ذلك النور الذي يخرجهم عن التقليد قال أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي فهو بالنور الذي بين يديه يدعو على بصيرة والداعي المتبع له يدعو بالنور الذي خلفه ليكون هذا المتبع أيضا على بصيرة فيما يدعو إليه مثل من اتبعه وبذلك النور يرى من خلفه مثل ما يرى من بين يديه وهذا مقام نلته سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بمدينة فاس في صلاة العصر وأنا أصلي بجماعة بالمسجد الأزهر بجانب عين الجبل فرأيته نورا يكاد يكون أكشف من الذي بين يدي غير أني لما رأيته زال عني حكم الخلف وما رأيت لي ظهرا ولا قفا ولم أفرق في تلك الرؤية بين جهاتي بل كنت مثل الأكرة لا أعقل لنفسي جهة إلا بالفرض لا بالوجود وكان الأمر كما شاهدته مع أنه كان قد تقدم لي قبل ذلك كشف الأشياء في عرض حائط قبلتي وهذا كشف لا يشبه هذا الكشف وأما النور الذي من فوقي فهو تنزل نور إلهي قدسي بعلم غريب لم يتقدمه خبر ولا يعطيه نظر وهذا النور هو الذي يعطي من العلم بالله ما ترده الأدلة العقلية إذا لم يكن لها إيمان فإن كان لها إيمان نوراني قبلته بتأويل لتجمع بين الأمرين وأما النور الذي من تحتنا فهو النور الذي يكون تحت حكمنا وتصريفنا لا يقترن معه فينا أمر إلهي نقف عنده فلا نصرفه إلا فيه وأما الأنوار التي نسعى بها فهي أنوار المعية من جانب الحق في قوله وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ لذلك قلنا من جانب الحق فإنه لا يختص بهذه المعية شي‏ء من خلق الله دون غيره ولها الاسم الحفيظ والمحيط فإن لله مع بعض عباده معية اختصاص مثل معيته مع موسى وهارون في قوله إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وأَرى‏ فهذه بشرى لهما حتى لا يخافا فإنهما قالا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى‏ أي يتقدم ويرتفع بالحجة إذ له الملك والسلطان فآمنهما الله مما خافا منه ومن هنا

تعرف مرتبة محمد صلى الله عليه وسلم وعلوها على رتبة غيره من الرسل فإن الله أخبر عن محمد صلى الله عليه‏

وسلم في حال خوف الصديق عليه وعلى نفسه فقال لصاحبه يؤمنه ويفرحه إِذْ هُما في الْغارِ وهو كنف الحق عليهما لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنا فقام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الإخبار مقام الحق في معيته لموسى وهارون وناب منابه هكذا تكون العناية الإلهية فهذا هو النور الذي يسعى به وهو لا يزال ساعيا فلا يزال الحق معه حافظا وناصرا لا خاذلا ولهذا وقع الإخبار لنا من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنا إذا أتينا بنوافل الخيرات لا بفرائضها أحبنا الحق فكان سمعنا الذي نسمع به ورجلنا التي نسعى بها إلى جميع قوانا وأعضائنا فهذا ما أعطت النوافل فينا من الحق فأين أنت مما تعطيه الفرائض فكم بين عبودية الاضطرار وعبودية الاختيار تقع المشاركة مع الحق في عبودة الاختيار في أحاديث نزوله في الخطاب إلى عبده مثل الشوق والجوع والعطش والمرض وأشباه ذلك وعبودة الاضطرار لا تقع فيها مشاركة فهي مخلصة للعبد فمن أقيم فيها فلا مقام فوقها يقول الله لأبي يزيد تقرب إلي بما ليس لي الذلة والافتقار فعين القربة هنا هو عين البعد من المقام فافهم وأما النور الذي نسعى منه فهو نور الحقيقة سواء علمها أو لم يعلمها فيكشفها بهذا النور ويكشف أنه سعى منه ثم ينكشف له النور الذي يسعى إليه وهو الشريعة فصاحب هذا المقام هو المعصوم المحفوظ المعتنى به العالم الذي لا يجهل لاتصافه بالعلم الذي لا جهل فيه فإن ثم عبيدا يسعون من نور الشريعة إلى نور الحقيقة ويخاف عليهم وهؤلاء الذين يسعون على كشف من نور الحقيقة إلى نور الشريعة آمنون من هذا المكر الإلهي فهم على بصيرة من أمرهم وهؤلائك تحت خطر عظيم يمكن أن يعصموا فيه ويمكن أن يخذلوا فاعلم ذلك وأما أنوار المولدات فهي أنوار تعطيه بذاتها علما صحيحا من العلم بالله يكشف بها نسبة الحق وصورته في صور أعيان المعادن والنبات والحيوان وهم لا يعلمون وما زاد الإنسان على هؤلاء إلا بكشفه ذلك فالمولدات في هذا المقام بمنزلة قوله وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ والإنسان فيه بمنزلة لا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنا وإِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وأَرى‏ فإنه صورة كل شي‏ء في نفس الأمر فمن علمه وكشفه بهذا النور كان من أهل الاختصاص فهو يرى الأشياء أعيانا بصورة حقية وأخبرني من أثق بنقله في هذه المسألة إن شخصا كان بدمشق له هذا المقام لا يزال رأسه بين ركبتيه فإذا نظر إلى الأشياء في رفع رأسه لا يزال يقول أمسكوه أمسكوه والناس لا يعلمون ما يقول فيرمونه بالتوله وأما أنا فذقته لله الحمد على ذلك‏

[أنوار الأسماء التي يتعلق بالذات والصفات‏]

وأما أنوار الأسماء فهي التي تظهر مسمياتها حقا وخلقا مما يتعلق بالذات والصفات والأفعال في الإلهيات منها ما يتعلق بأجناس الممكنات وأشخاصها منها من الأسماء التي وضعها الحق لها وبلغتها الرسل لا ما وقع عليه الاصطلاح وهذه الأنوار التي كانت لآدم عليه السلام حين علم جميع الأسماء بالوضع الإلهي لا بالاصطلاح وفي ذلك تكون الفضيلة والاختصاص فإن لله أسماء أوجد بها الملائكة وجميع العالم ولله أسماء أوجد بها جامع حقائق الحضرة الإلهية وهو الإنسان الكامل ظهر ذلك بالنص في آدم وخفي في غيره فقال للملائكة في فضل آدم وفي فضل هذا المقام وقد أحضر للملائكة المسميات أعني أعيانهم أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي بالأسماء الإلهية التي صدروا عنها فلم يعلموا ذلك ذوقا فإن علوم الأكابر ذوقا فإنه عن تجل إلهي فقال الله يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فأنبأهم آدم بأسمائهم الإلهية التي أوجدتهم وأسندوا إليها في إيجاد أعيانهم لا أسماء الاصطلاح الوضعي الكوني فإنه لا فائدة فيه إلا بوجه بعيد أضربنا عن ذكره حين علمنا أنه لم يكن المقصود فإنا ما نتكلم ولا نترجم إلا عما وقع من الأمر لا عما يمكن فيه عقلا وهذا الفرق بين أهل الكشف فيما يخبرون به وهم أهل البصائر وبين أهل النظر العقلي والفائدة إنما هي فيما وقع لا فيما يمكن فإن ذلك علم لا علم وما وقع فهو علم محقق‏

[الأنوار الطبيعة]

وأما أنوار الطبيعة فهي أنوار يكشف بها صاحبها ما تعطيه الطبيعة من الصور في الهباء وما تعطيه من الصور في الصورة العامة التي هي صورة الجسم الكل وهذه الأنوار إذا حصلت على الكمال تعلق علم صاحبها بما لا يتناهى وهو عزيز الوقوع عندنا وأما عند غيرنا فهو ممنوع الوقوع عقلا حتى إن ذلك في الإله مختلف فيه عندهم وما رأينا أحدا حصل له على الكمال ولا سمعنا عنه ولا حصل لنا وإن ادعاها إنسان فهي دعوى لا يقوم عليها دليل أصلا مع إمكان حصول ذلك وأنوار الطبيعة مندرجة في كل ما سوى الحق وهي نفس الرحمن الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية وأدرجها الله في الأفلاك والأركان وما يتولد من الأشخاص إلى ما لا يتناهى‏

[أنوار الرياح‏]

وأما أنوار الرياح فهي أنوار عنصرية أخفاها شدة ظهورها فغشيت الأبصار عن إدراكها وما شاهدتها

إلا في الحضرة البرزخية وإن كان الله قد أتحفنا برؤيتها حسا بمدينة قرطبة يوما واحدا اختصاصا إلهيا وورثا نبويا محمديا وهذه الأنوار الرياحية لها سلطان وقوة على جميع بنى آدم إلا أهل الله فإن هذه الأنوار تندرج في أنوارهم اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس وذلك لضعف نور البصر وإذا غشيت هذه الأنوار من شاء الله من العامة لا تغشاه إلا كالسحاب المظلم وإذا غشيت أهل الله لا تغشاهم إلا وهي أنوار على هيأتها

[أنوار الأرواح‏]

وأما أنوار الأرواح فمنا من يجعلها أنوار العقول ومنا من يجعلها أنوار الرسل ولها القوة والسلطان والنفوذ في الكون لا يقف لها شي‏ء غير أن لها حدودا تقف عندها لا تتعداها إذا شاهدها العبد يكشف بها ما غاب من العلوم المضنون بها على غير أهلها وهي أنوار سبوحية

قدوسية تنزل من الحق المخلوق به إلى سدرة المنتهى وتطرح شعاعاتها على قلوب العارفين أهل الشهود التام فقلوبهم مطارح شعاعات هذه الأنوار وليس في هذا الصنف الإنساني أكمل منهم في العلم فإن هذه الأنوار لا يقف لها حجاب إلا المشيئة الإلهية خاصة وقليل من عباد الله من تطرح على قلبه هذه الأنوار شعاعاتها على الكشف وهي مجالي الصادقين من عباد الله تعالى‏

[أنوار الأنوار]

وأما أنوار الأنوار فهي السبحات التي لو كشف الحق الحجاب الذي يسترها عنا لاحترقنا هي أشعة ذاتية إذا انبسطت ظهرت أعيان الممكنات فالممكنات هي الحجاب بيننا وبينها وهذا هو النور العظيم لا الأعظم إليه الإشارة بقوله تعالى في حق أهل الكتب الإلهية المنزلة بالأعمال المشروعة بقوله ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وهم الموسويون والْإِنْجِيلَ وهم العيسويون وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ وهم أصحاب الصحف وما بقي من الكتب لَأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ وهي علوم خارجة عن الكسب ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وهي علوم دخلت تحت الكسب فهي من علوم التحت والفوق وإنه إذا كان النور بهذه الصفة لم يكن من تحتنا بل يكون هو الذي يصرفنا وأما النور الذي يكون من تحتنا فهو الذي نحكم عليه وهو المعبر عنه بالأكل من تحت الأرجل وأما النور الذي هو عين ذاتنا فهو كما

دعا فيه صلى الله عليه وسلم واجعلني نورا

فهو عين ذاته ورواية واجعل لي نورا

هو جميع ما ذكرنا من الأنوار وأما قوله اجعلني نورا فهو مشاهدة نور ذاته إذ لا يشهد إلا به فإن ذاته ما قبلت هذه الأنوار من هذه الجهات الست إلا لعدم إدراكها نور نفسها الذي‏

قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه عرف ربه‏

والله نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ومثله بما مثله وهو أنت عين ذلك الممثل والمثل فتشاهد الأنوار منفهقة منك يتنور بذاتك عالم سماواتك وأرضك فما تحتاج إلى نور غريب تستضي‏ء به فأنت المصباح والفتيلة والمشكاة والزجاجة وإذا عرفت هذا عرفت الزيت وهو الإمداد الإلهي وعرفت الشجرة وإذا كانت الزجاجة كالكوكب الدري وهو الشمس هنا فما ظنك بالمصباح الذي هو عين ذاتك فلا يكن يا أخي دعاؤك أبدا إلا أن يجعلك الله نورا وهنا سر عجيب أنبهك عليه من غير شرح لأنه لا يحتمل الشرح وهو أن الله يضرب الأمثال لنفسه ولا تضرب له الأمثال فيشبه الأشياء ولا تشبهه الأشياء فيقال مثل الله في خلقه مثل الملك في ملكه ولا يقال مثل الملك في ملكه مثل الله في خلقه فإنه عين ما ظهر وليس ما ظهر هو عينه فإنه الباطن كما هو الظاهر في حال ظهوره فلهذا قلنا هو مثل الأشياء وليست الأشياء مثله إذ كان عينها وليست عينه وهذا من العلم الغريب الذي تغرب عن وطنه وحيل بينه وبين سكنه فأنكرته العقول لأنها معقولة غير مسرحة وهذا انموذج من تجلى أنوار الأنوار

[أنوار المعاني المجردة عن المواد]

وأما أنوار المعاني المجردة عن المواد فلا تنقال فإنه لو انقالت لدخلت في المواد لأن العبارات من المواد وقد قلنا إنها مجردة لذاتها عن المواد لا إنها تجردت لأنها لو تجردت لكسوناها المواد إذا شئنا ولم تمتنع لأنها قد كانت فيها فهي تعلم خاصة ولا تقال ولا تحكي ولا تقبل التشبيه ولا التمثيل‏

[أنوار الأرواح‏]

وأما أنوار الأرواح فهي أنوار روح القدس الجامع فمن أرسل من هذه الأرواح كان ملكا ومن لم يرسل بقي عليه اسم الروح مع الاسم الخاص به العلم في الطائفتين المرسلين وغير المرسلين فهو روح خالص لم يشبه ما يخرجه عن نفسه وهو روح ذو روح في روحيته وليس إلا الأرواح المهيمة وأرواح الأفراد منا تشبهها بعض شبه فلا يقع التجلي في أنوار أرواح إلا للافراد ولهذا قال الخضر لموسى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً لأنه من الأفراد وإن الأنبياء يقع لهم التجلي في أنوار الأرواح الملائكة وليس للافراد هذا التجلي بل هو مخصوص بالأنبياء والرسل وهو قول خضر أنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا لأنه ليس له هذا التجلي‏

الملكي ثم نبهه على أنه ما فعل الذي فعل عن أمره فإنه ليس له أمر وما هو من أهل الأمر وهو مقام غريب في المقامات لو أن الله تعالى يبيح لنا كشفه للخلق لظهر علم لا يقوم له كون هذا قد ظهر من أثره ثلاث مسائل من شخص قد شهد الله عند نبيه بعدالته وزكاه وصار تبعا له وبين له ما قد سمعت وأدخل نفسه في أتباعه تحت شرطه وهو مثل موسى كليم الله ونجيه وأين كلامه مع ربه من كلامه مع الخضر فاختلف التجلي في الكلام ومع هذا لم يصبر لأنه قدم الاستثناء ولم يقدمه لما أنكر عليه فإنه من شأن النبي أن يكون متبعا كما هو متبع سواء وكذلك قال إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى‏ إِلَيَّ ما قال أن أفعل أو أقول إلا ما أشهد ما قال هكذا فكل مقام له مقال ولسان‏

[أنوار الرياح‏]

وأما أنوار الرياح فهي تجليات الاسم البعيد وهي تجليات لا ينبغي أن يذكر اسمها ولا تكون إلا لأهل الإلهام وللتجلي في أنوار الملائكة في هذا مدخل ولكن في الباطن لا في الظاهر خاصة وهم ملائكة اللمات والإلهام خاصة والإلقاء في هذا التجلي على النفوس ومن هذا التجلي تكون الخواطر وهي رياحية كلها لأن الرياح تمر ولا تثبت فإن قال أحد بثبوتها فليست ريحا ولذلك توصف بالمرور وتسمى بالخواطر وهي من راح يروح والرائح ما هو مقيم وأما التجلي في الأنوار الطبيعية فهو التجلي الصوري المركب فيعطي من المعارف بحسب ما ظهر فيه من الصور وهو يعم من الفلك إلى أدنى الحشرات وهو السماء والعالم فهو تجل في السماء والعالم ومن هذا التجلي تعرف المعاني واللغات وصلاة كل صورة وتسبيحها وهو كشف جليل نافع مؤيد فيه يرى المكاشف موافقة العالم وأنه ما ثم مخالفة ومن هنا يرى كل شي‏ء يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وصاحب هذا المقام يرى على الشهود صور أعماله تكون حية مسبحة لله ذات روح ينفخ فيها صاحب هذا المقام وإن كانت في ظاهر الكون مخالفة ومعصية فإنها مخالفة صحيحة إلا أنها حية ناطقة تستغفر لصاحبها لأنه سوى نشأتها مخلقة وقد تمدح الله بأنه خلق فسوى ومن تسوية نشأتها مخلقة إنه لم يخرجها عن كونها معصية فلو أخرجها عن كونها معصية كانت غير مخلقة وشقي صاحبها وكان تسبيحها لعنة صاحبها فإنه أباح ما حرم الله فخرج عن الايمان بذلك فلا حظ له في الإسلام إلا أن يجدد إسلامه ويتوب وهذا تنبيه لم يزل أصحابه يكتمونه غيرة منهم وضعفا والتنبيه عليه أولى لأنها نصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فلا توجد أبدا معصية مخلقة إلا من مؤمن ومن أعطى الشي‏ء خلقه فقد جرى على السنن الإلهي فإن الله أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ فأعطى المعصية خلقها والطاعة خلقها فهكذا تكون صفة المؤمن‏

[أنوار الأسماء]

وأما أنوار الأسماء فإنها تعين أسماء المعلومات فهو نور ينبسط على المعدومات والموجودات فلا يتناهى امتداد انبساطها وتمشي العين مع انبساطها فينبسط نور عين صاحب هذا المقام فيعلم ما لا يتناهى كما لا يجهل ما لا يتناهى بتضاعف الأعداد وهذا علامة من يكون الحق بصره فالأسماء كلها موجودة والمسميات منها ما هي معدومة العين لذاتها ومنها ما هي متقدمة العدم لذاتها وهي التي تقبل الوجود والأحوال لا تقبل الوجود مع إطلاق الاسم على كل ذلك فللأسماء الإحاطة والإحاطة لله لا لغيره فمرتبة الأسماء الإلهية وما فضل آدم الملائكة إلا بإحاطته بعلم الأسماء فإنه لو لا الأسماء ما ذكر الله شيئا ولا ذكر الله شي‏ء فلا يذكر إلا بها ولا يذكر ويحمد إلا بها فما زاحم صفة العلم في الإحاطة إلا القول والقول كله أسماء ليس القول غير الأسماء والأسماء علامات ودلائل على ما تحتها من المعاني فمن ظهر له نور الأسماء فقد ظهر له ما لا يمكن ذكره لا أقول غير ذلك ولو لا أن الحق أطلق لفظة الكل على الأسماء في صفة علم آدم لقلنا من المحال أن يظهر انبساط نور الأسماء على المسميات لعين ولكن من فهم قول الله تعالى ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ وأشار علم ما التزمناه من الأدب وما أراد الله بلفظة كل في هذا التشريف‏

[أنوار المولدات والأمهات والعلل والأسباب‏]

وأما أنوار المولدات والأمهات والعلل والأسباب فهو تجل إلهي من كونه مؤثرا ومن كونه مجيبا إذا سئل وغافرا إذا استغفر ومعطيا إذا سئل وبهذا التجلي وهذه الأنوار تعلم قوله إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله وقوله أيضا عز وجل من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله وقوله تبارك وتعالى إن الصدقة تقع بيد الرحمن‏

وقوله وأَقْرِضُوا الله قَرْضاً حَسَناً وقوله عليه السلام إن الله يفرح بتوبة عبده‏

فافهم‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!