الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى أسرار الزكاة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 586 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

لقصوره وعدم معرفته بما يستحقه الإله المعبود والحق عرف بهذه الحقيقة التي هي عليها عبادة فقبلتها العقول السليمة من حكم أفكارها عليها بصفة القبول التي هي عليه حين ردتها العقول التي هي بحكم أفكارها وهذه هي المعرفة التي طلب منا الشارع أن نعرف بها ربنا ونصفه بها لا المعرفة التي أثبتناه بها فإن تلك مما يستقل العقل بإدراكها وهي بالنسبة إلى هذه المعرفة نازلة فإنها ثبتت بحكم العقل وهذه ثبتت بالأخبار الإلهي وهو بكل وجه أعلم بنفسه منا به‏

[الكرم والجود]

والكرم العطاء بعد السؤال حقا وخلقا والجود العطاء قبل السؤال حقا لا خلقا فإذا نسب إلى الخلق فمن حيث إنه ما طلب منه الحق هذا الأمر الذي عينه الخلق على التعيين وإنما طلب الحق منه أن يتطوع بصدقة وما عين فإذا عين العبد ثوبا أو درهما أو دينارا أو ما كان من غير أن يسأل في ذلك فهو الجود خلقا وإنما قلنا لا خلقا في ذلك لأنه لا يعطي على جهة القربة إلا بتعريف إلهي ولهذا قلنا حقا لا خلقا وإذا لم يعتبر الشرع في ذلك فالعطاء قبل السؤال لا على جهة القربة موجود في العالم بلا شك ولكن غرض الصوفي أن لا يتصرف إلا في أمر يكون قربة ولا بد فلا مندوحة له عن مراعاة حكم الشرع في ذلك‏

[السخاء والإيثار]

والسخاء العطاء على قدر الحاجة من غير مزيد لمصلحة يراها المعطي إذ لو زاد على ذلك ربما كان فيها هلاك المعطي إياه قال تعالى ولَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا في الْأَرْضِ ولكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ والإيثار إعطاء ما أنت محتاج إليه في الوقت أو توهم الحاجة إليه قال تعالى ويُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ

[الوهب أصل إلهى والصدقة أصل كونى‏]

وكل ما ذكرناه من العطاء فإنه الصدقة في حق العبد لكونه مجبولا على الشح والبخل كما إن آلام في الأعطيات الإلهية من هذه الأقسام الثمانية إنما هو الوهب وهو الإعطاء لينعم لا لأمر آخر فهو الوهاب على الحقيقة في جميع أنواع عطائه كما هو العبد متصدق في جميع أعطياته لأنه غير مجرد على الغرض وطلب العوض لفقره الذاتي فما ينسب إلى الله بحكم العرض ينسب إلى المخلوق بالذات وما ينسب إلى الحق بالذات كالغنى ينسب إلى المخلوق بالعرض النسبي الإضافي خاصة قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم خُذْ من أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً أي ما يشتد عليهم في نفوسهم إعطاؤها ولهذا قال ثعلبة بن حاطب هذه أخية الجزية لما اشتد عليه ذلك بعد ما كان عاهد الله كما أخبرنا الله في قوله ومِنْهُمْ من عاهَدَ الله الآية فلما رزقه الله مالا وفرض الله الصدقة عليه قال ما أخبر الله به عنه وقوله بَخِلُوا به هي صفة النفس التي جبلت عليه وهي إذا حكمت على العبد استبدله الله بغيره نسأل الله العافية وهكذا ورد وإن تتلوا عما سألتموه من الإنفاق وبخلتم يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ أي على صفتكم بل يعطون ما يسألون كما قال فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ فإن الملك أوسع من أن يضيق عن وجود شي‏ء فالصدقة أصل كوني والوهب أصل إلهي‏

[حكم الطبع في أعلى المراتب‏]

ومما يؤيد ما ذكرناه أن الملائكة قالت من جبلتها حيث لم ترد الخير إلا لنفسها وغلب عليها الطبع في ذلك عن موافقة الحق فيما أراد أن يظهره في الكون من جعل آدم خليفة في الأرض فعرفهم بذلك فلم يوافقوه لحكم الطبع في الطمع في أعلى المراتب ثم تستر حكم الطبع لئلا تنسب إلى النقص من عدم موافقة الحق فأقام لهم صورة الغيرة على جناب الحق والإيثار لعظمته وذهلوا عن تعظيمه إذ لو وقفوا مع وما ينبغي له من العظمة لوافقوه ما وافقوه وإن كانوا فصدوا الخير فقالوا أَ تَجْعَلُ فِيها من يُفْسِدُ فِيها ويَسْفِكُ الدِّماءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ أي فنحن أولى من هذا فرجحوا نظرهم على علم الله في خلقه لذلك قال لهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فوصفهم بنفي العلم الذي علم الحق من هذا الخليفة مما لم يعلموا وأثنوا على أنفسهم فمسألتهم جمعت ذلك حيث أثنوا على أنفسهم وعدلوها وجرحوا غيرهم وما ردوا العلم في ذلك إلى الله فهذا من بخل الطبع بالمرتبة

[الملائكة تحت حكم الطبيعة]

وهذا يؤيد أن الملائكة كما ذهبنا إليه تحت حكم الطبيعة وأن لها أثرا فيهم قال تعالى ما كانَ لِي من عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى‏ إِذْ يَخْتَصِمُونَ والخصام من حكمها وقد ورد اختصام ملائكة الرحمة وملائكة العذاب في الشخص الذي مات بين القريتين فوصفهم بالخصام ولو لا أن مرتبتها دون النفس وفوق الهباء لسرى حكمها ومن أراد أن يقف على أصل هذا الشأن فلينظر إلى تضاد الأسماء الإلهية فمن هناك ظهرت هذه الحقيقة في الجميع فهم مشاركون لنا في حكم الطبيعة ومن حكمها البخل والشح فيمن تركب منها وهو من الاسم المانع في الأسماء وسببه فينا إن الفقر والحاجة ذاتي لنا ولكل ممكن ولهذا افتقرت الممكنات إلى المرجح لإمكانها فالمكون عن الطبيعة شحيح بخيل بالذات كريم بالعرض‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 2479 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 2480 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 2481 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 2482 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 2483 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 586 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!