Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أهل الليل واختلاف طبقاتهم وتباينهم فى مراتبهم وأسرار أقطابهم

وذلك حفظ الله في مثل طورنا *** وعصمته في المرسلين بلا ريب‏

القصيدة بكمالها وهي مذكورة في أول الباب الثلاثين وثلاثمائة من هذا الكتاب‏

[تروحن الأجساد وتجسد الأرواح‏]

وترتيب هذا الباب هو ما ذكرناه من مراتب خرق العوائد وأما ما فيه من الغرائب فإلحاق البشر بالروحانيين في التمثل وإلحاق الروحانيين بالبشر في الصورة وظهور صورة عنهم شبيه الصورة التي يتمثلون بها قال تعالى فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا يسمى روحا مثل ما هو جبريل روح فيحيي الموتى كما يحيي جبريل قال ابن عباس ما وطئ جبريل عليه السلام قط موضعا من الأرض إلا حيي ذلك الموضع ولهذا أخذ السامري قبضة من أثره حين عرفه لما جاء لموسى وقد علم إن وطأته يحيا بها ما وطئه من الأشياء فقبض قبضة من أثر الرسول فرمى بها في العجل الذي صنعه فحيي ذلك العجل وكان ذلك إلقاء من الشيطان في نفس السامري لأن الشيطان يعلم منزلة الأرواح فوجد السامري في نفسه هذه القوة وما علم بأنها من إلقاء إبليس فقال وكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وفعل ذلك إبليس من حرصه على إضلاله بما يعتقده من الشريك لله تعالى فخرج عيسى على صورة جبريل في المعنى والاسم والصورة الممثلة فالتحقق البشر بالروحاني والتحق الروحاني بصورة البشر في نازلة واحدة ويكفي هذا القدر من هذا الباب فإنه باب واسع لمريم وآسية لحقائق الرسل عليهم السلام فيه مجال رحب فإنه منزل الكمال من حصله ساد على أبناء جنسه وظهر حاكما على صاحب الجلال والجمال وهو من مقامات أبي يزيد البسطامي والأفراد والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الحادي والعشرون‏

(الباب الحادي والأربعون في معرفة أهل الليل واختلاف طبقاتهم وتباينهم في مراتبهم وأسرار أقطابهم)

(بسم الله الرحمن الرحيم)

ألا إن أهل الليل أهل تنزل *** وأهل معاريج وأهل تنقل‏

فمن صاعد نحو المقام بهمة *** ومن نازل يبغي اللحوق بأسفل‏

بحكم التداني والتدلي هما وعن *** وجود الترقي والتلقي بمعزل‏

فإن قلت فيهم إنهم خير عصبة *** صدقت فقد حلوا بأكرم منزل‏

وإن قلت فيهم إنهم شر فتية *** صدقت فليسوا بالنبي ولا الولي‏

فهم لا همو ليسوا بهم وبغيرهم *** ولكنهم في معقل متزلزل‏

عزيز الحمى بين المشاهد والنهي *** وبين جنوب في الهبوب وشمال‏

فما منهمو إلا إمام مسود *** إذا أصبحوا نالوا المنى بالتأمل‏

لهم نظرة لا يعرف الغير حكمها *** لهم سطوة في كل تاج مكلل‏

[الليل والغيب‏]

اعلم أيدك الله بروح منه أن الله جعل الليل لأهله مثل الغيب لنفسه فكما لا يشهد أحد فعل الله في خلقه لحجاب الغيب الذي أرسله دونهم كذلك لا يشهد أحد فعل أهل الليل مع الله في عبادتهم لحجاب ظلمة الليل التي أرسلها الله دونهم فهم خير عصبة في حق الله وهم شر فتية في حق أنفسهم ليسوا بأنبياء تشريع لما ورد من غلق باب النبوة ولا يقال في واحد منهم عندهم إنه ولي لما فيه من المشاركة مع اسم الله فيقال فيهم أولياء ولا يقولون ذلك عن أنفسهم وإن بشروا فجعل الليل لباسا لأهله يلبسونه فيسترهم هذا اللباس عن أعين الأغيار يتمتعون في خلواتهم الليلية بحبيبهم فيناجونه من غير رقيب لأنه جعل النوم في أعين الرقباء سباتا أي راحة لأهل الليل إلهية كما هو راحة للناس طبيعية فإذا نام الناس استراح هؤلاء مع ربهم وخلوا به حسا ومعنى فيما يسألونه من قبول توبة وإجابة دعوة ومغفرة حوبة وغير ذلك فنوم الناس راحة لهم وإن الله تعالى ينزل إليهم بالليل إلى السماء الدنيا فلا يبقى بينه وبينهم حجاب فلكي ونزوله إليهم رحمة بهم ويتجلى من سماء الدنيا عليهم كما

ورد في الخبر فيقول كذب من ادعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني أ ليس كل محب يطلب الخلوة بحبيبه هو أنا ذا قد تجليت لعبادي هل من داع فاستجيب له هل من تائب فأتوب عليه هل من مستغفر فاغفر له حتى ينصدع‏

الفجر

[مسامرة أهل الليل في محاريبهم‏]

فأهل الليل هم الفائزون بهذه الحظوة في هذه الخلوة وهذه المسامرة في محاريبهم فهم قائمون يتلون كلامه ويفتحون أسماعهم لما يقول لهم في كلامه إذا قال يا أَيُّهَا النَّاسُ يصفون ويقولون نحن الناس ما تريد منا يا ربنا في ندائك هذا فيقول لهم عز وجل على لسانهم بتلاوتهم كلامه الذي أنزله اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ يا أَيُّهَا النَّاسُ يقولون لبيك ربنا يقول لهم اتقوا ربكم الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً والسَّماءَ بِناءً وأَنْزَلَ من السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ به من الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فيقولون يا ربنا خاطبتنا فسمعنا وفهمتنا ففهمنا فيا ربنا وفقنا واستعملنا فيما طلبته منا من عبادتك وتقواك إذ لا حول لنا ولا قوة إلا بك ومن نحن حتى تنزل إلينا من علو جلالك وتنادينا وتسألنا وتطلب منا يا أَيُّهَا النَّاسُ يقولون لبيك إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فيقولون يا ربنا أسمعتنا فسمعنا وأعلمتنا فعلمنا فأعصمنا وتعطف علينا فالمنصور من نصرته والمؤيد من أيدته والمخذول من خذلته يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ فيقول الإنسان منهم لبيك يا رب ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فيقول كرمك يا رب فيقول صدقت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيقولون لبيك ربنا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِهِ اتَّقُوا الله وقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يقولون وأي قول لنا إلا ما تقولنا وهل لمخلوق حول أو قوة إلا بك فاجعل نطقنا ذكرك وقولنا تلاوة كتابك يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيقولون لبيك ربنا فيقول تعالى عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ من ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فيقولون ربنا أغريتنا بأنفسنا لما جعلتها محلا لإيمانك فقلت وفي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ وقلت سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ والآيات ليست مطلوبة إلا لما تدل عليه وأنت مدلولها فكأنك تقول في قولك عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي ألزمونا وثابروا علينا وألظوا بنا ثم قلت لا يَضُرُّكُمْ من ضَلَّ أي حار وتلف حين طلبنا بفكره فأراد أن يدخلنا تحت حكم نظره وعقله إِذَا اهْتَدَيْتُمْ بما عرفتكم به مني في كتابي وعلى لسان رسولي فعرفتموني بما وصفت لكم به نفسي فما عرفتموني إلا بي فلم تضلوا فكانت لكم هدايتي وتقريبي نورا تمشون به على صراطنا المستقيم فلا يزال دأب أهل الليل هكذا مع الله في كل آية يقرءونها في صلاتهم وفي كل ذكر يذكرونه به حتى ينصدع الفجر

[الليل لله والنهار للإنسان‏]

قال محمد بن عبد الجبار النفري وكان من أهل الليل أوقفني الحق في موقف العلم وذكر رضي الله عنه ما قال له الحق في موقفه ذلك فكان من جملة ما قال له في ذلك الموقف يا عبدي الليل لي لا للقرآن يتلى الليل لي لا للمحمدة والثناء يقول الله تعالى إِنَّ لَكَ في النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا فاجعل الليل لي كما هو لي فإن في الليل نزولي فلا أراك في النهار في معاشك فإذا جاء الليل وطلبتك ونزلت إليك وجدتك نائما في راحتك وفي عالم حياتك وما ثم إلا ليل ونهار فلا في النهار وجدتك وقد جعلته لك ولم أنزل فيه إليك وسلمته لك وجعلت الليل لي فنزلت إليك فيه لأناجيك وأسامرك وأقضي حوائجك فوجدتك قد نمت عني وأسأت الأدب معي مع دعواك محبتي وإيثار جنابي فقم بين يدي وسلني حتى أعطيك مسألتك وما طلبتك لتتلو القرآن فتقف مع معانيه فإن معانيه تفرقك عني فآية تمشي بك في جنتي وما أعددت لأوليائي فيها فأين أنا إذا كنت أنت في جنتي مع الحور المقصورات في الخيام كأنهن الياقوت والمرجان متكئا عَلى‏ فُرُشٍ بَطائِنُها من إِسْتَبْرَقٍ وجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ تسقى من رَحِيقٍ مَخْتُومٍ مِزاجُهُ من تَسْنِيمٍ وآية توقفك مع ملائكتي وهم يدخلون عليك من كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وآية تستشرف بك على جهنم فتعاين ما أعددت فيها لمن عصاني وأشرك بي من سَمُومٍ وحَمِيمٍ وظِلٍّ من يَحْمُومٍ لا بارِدٍ ولا كَرِيمٍ وترى الحطمة وما أَدْراكَ ما الْحُطَمَةُ نارُ الله الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أي مسلطة في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ أين أنا يا عبدي إذا تلوت هذه الآية وأنت بخاطرك وهمتك في الجنة تارة وفي جهنم تارة ثم تتلو آية فتمشي بك في القارعة وما أَدْراكَ ما الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ يوم تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وتَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وما هُمْ بِسُكارى‏ ولكِنَّ عَذابَ الله شَدِيدٌ وترى في ذلك اليوم من هذه الآية يَفِرُّ الْمَرْءُ من أَخِيهِ وأُمِّهِ وأَبِيهِ وصاحِبَتِهِ وبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وترى العرش في ذلك اليوم تحمله ثمانية أملاك وفي ذلك اليوم تُعْرَضُونَ فأين أنا والليل لي فها أنت يا عبدي في النهار في معاشك وفي الليل فيما تعطيه تلاوتك من جنة ونار وعرض فأنت بين آخرة

ودنيا وبرزخ فما تركت لي وقتا تخلو بي فيه إلا جعلته لنفسك والليل لي يا عبدي لا للمحمدة والثناء ثم تتلو آية فَأُولئِكَ (مَعَ) الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ من النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ فتشاهدهم في تلاوتك وتفكر في مقاماتهم وأحوالهم وما أعطيت الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ والْقانِتِينَ والْقانِتاتِ والصَّادِقِينَ والصَّادِقاتِ والصَّابِرِينَ والصَّابِراتِ والْخاشِعِينَ والْخاشِعاتِ والْمُتَصَدِّقِينَ والْمُتَصَدِّقاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِماتِ فوقفت بالثناء والمحمدة مع كل طائفة أثنيت عليهم في كتابي فأين أنا وأين خلوتك بي‏

[تلاوة العارف المحقق‏]

ما عرفني ولا عرف مقدار قولي الليل لي وما عرف لما ذا نزلت إليك بالليل إلا العارف المحقق الذي لقيه بعض إخوانه فقال له يا أخي اذكرني في خلوتك بربك فأجابه ذلك العبد فقال إذا ذكرتك فلست معه في خلوة فمثل ذلك عرف قدر نزولي إلى السماء الدنيا بالليل ولما ذا نزلت ولمن طلبت فأنا أتلو كتابي عليه بلسانه وهو يسمع فتلك مسامرتي وذلك العبد هو الملتذ بكلامي فإذا وقف مع معانيه فقد خرج عني بفكره وتأمله فالذي ينبغي له أن يصغي إلي ويخلي سمعه لكلامي حتى أكون أنا في تلك التلاوة كما تلوت عليه وأسمعته أكون أنا الذي أشرح له كلامي وأترجم له عن معناه فتلك مسامرتي معه فيأخذ العلم مني لا من فكره واعتباره فلا يبالي بذكر جنة ولا نار ولا حساب ولا عرض ولا دنيا ولا آخرة فإنه ما نظرها بعقله ولا بحث عن الآية بفكره وإنما ألقى السمع لما أقوله له وهو شهيد حاضر معي أتولي تعليمه بنفسي فأقول له يا عبدي أردت بهذه الآية كذا وكذا وبهذه الآية الأخرى كذا وكذا هكذا إلى أن ينصدع الفجر فيحصل من العلوم على يقين ما لم يكن عنده فإنه مني سمع القرآن ومني سمع شرحه وتفسير معانيه وما أردت بذلك الكلام وبتلك الآية والسورة فيكون حسن الأدب معي في استماعه وإصاخته فإن طالبته بالمسامرة في ذلك فيجيبني بحضور ومشاهدة يعرض على جميع ما كلمته به وعلمته إياه فإن كان أخذه على الاستيفاء وإلا فنجبر له ما نقصه من ذلك فيكون لي لا له ولا لمخلوق فمثل هذا العبد هو لي والليل بيني وبينه فإذا انصدع الفجر استويت على عرشي أدبر الأمر أفصل الآيات ويمشي عبدي إلى معاشه وإلى محادثة إخوانه وقد فتحت بيني وبينه بابا في خلقي ينظر إلي منه وانظر إليه منه والخلق لا يشعرون فأحدثه على ألسنتهم وهم لا يعرفون ويأخذ مني على بصيرة وهم لا يعلمون فيحسبون أنه يكلمهم وما يكلم سواى ويظنون أنه يجيبهم وما يجيب إلا إياي كما قال بعض أصحاب هذه الصفة

يا مؤنسي بالليل إن هجع الورى *** ومحدثي من بينهم بنهاري‏

[طبقات أهل الليل مع الله‏]

وإذ قد أبنت لك عن أهل الليل كيف ينبغي أن يكونوا في ليلهم فإن كنت منهم فقد علمتك الأدب الخاص بأهل الله وكيف ينبغي لهم أن يكونوا مع الله واعلم أنه تختلف طبقاتهم في ذلك فالزاهد حاله مع الله في ليله من مقام زهده والمتوكل حاله مع الله من مقام توكله وكذلك صاحب كل مقام ولكل مقام لسان هو الترجمان الإلهي فهم متباينون في المراتب بحسب الأحوال والمقامات وأقطاب أهل الليل هم أصحاب المعاني المجردة عن المواد المحسوسة والخيالية فهم واقفون مع الحق بالحق على الحق من غير حد ولا نهاية ووجود ضد

[معارج أهل الليل ومعارفهم‏]

ومن أهل الليل من يكون صاحب عروج وارتقاء ودنو فيتلقاه الحق في الطريق وهو نازل إلى السماء الدنيا فيتدلى إليه فيضع كنفه عليه وكل همة من كل صاحب معراج يتلقاها الحق في ذلك النزول حيث وجدها فمن الهمم من يلقاها الحق في السماء الدنيا ومنها من يلقاها في الثانية وفيما بينهما وفي الثالثة وفيما بينهما وفي الرابعة وفيما بينهما وفي الخامسة وفيما بينهما وفي السادسة وفيما بينهما وفي السابعة وفيما بينهما وفي الكرسي وفيما بينهما وفي العرش في أول النزول وفيما بينهما وهو مستوي الرحمن فيعطي لتلك الهمة من المعاني والمعارف والأسرار بحسب المنزل الذي لقيته فيه ثم تنزل معه إلى السماء الدنيا فتقف الهمم بين يديه ويستشرف الحق على من بقي من الهمم من أهل الليل في محاريبهم وما عرجت فيلقي إليهم الحق تعالى بحسب ما يسألونه في صلاتهم ودعائهم وهم في بيوتهم وفي محاريبهم فتسمع تلك الهمم التي لقيته في طريقها ما يكون منه جل جلاله إلى أولئك العبيد فيستفيدون علوما لم تكن عندهم فإنه قد يخطر لهؤلائك الذين ما صعدت هممهم من السؤال للحق في المعارف والأسرار ما لم يكن في قوة هذه الهمم أن تسألها لقصورها عنها فإذا سمعوا الجواب من الحق الذي يجيب به أولئك القوم الذين في محاريبهم وما اخترقت هممهم سماء ولا فلكا فيحصل لهم من العلم بالله بقدر ما سأل عنه أولئك الأقوام وثم همم أخر ارتقت فوق العرش إلى مرتبة

النفس فقد تجد الحق هناك وجود تنزيه ما هو وجودها له مثل وجودها له في عالم المساحة والمقدار فيشاهدون مقاما أنزه ومنزلا أقدس وبينية لا يحدها التقدير ولا يأخذها التصوير فبينيتها بينية تمييز علوم ومراتب فهوم ومن الهمم من يلقاه في العقل الأول ومن الهمم ما تلقاه في المقربين من الأرواح المهيمة ومن الهمم ما تلقاه في العماء ومن الهمم من تلقاه في الأرض المخلوقة من بقية طينة آدم عليه السلام فإذا لقيته هذه الهمم في هذه المراتب أعطاها على قدر تعطشها من المقام الذي بعثها على الترقي إلى هذه المراتب وينزلون معه إلى السماء الدنيا وعلى الحقيقة هو ينزلهم إلى السماء الدنيا وينزل معهم فيستفيدون من العلوم التي يهبها الحق لتلك الهمم التي ما تعدت العرش هكذا كل ليلة ثم تنزل هذه الهمم وقد عرفت ما أكرمها به الحق فاجتمعت بالهمم التي ما برحت من مكانها فوجدتها على طبقات فمنهم من وجد عندهم من العلوم التي لم تتقيد بترق وكان الحق أقرب إليها من حَبْلِ الْوَرِيدِ حين كان مع أولئك في العماء وفي السماء الدنيا وما بينهما قال تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فهو مع كل همة حيث كانت ويجدون همما أرضية قد تقدست عن الأينية وعن مراتب العقول فلم تتقيد بحضرة فتنال من العلوم التي تليق بهذه الصفة التي وهبهم الحق منها ما حصلوا عليه من المعارف ما يبهت أولئك الهمم وهي من علوم الإطلاق الخارجة عن الحصر الأيني الفلكي وعن الحصر الروحاني العقلي فهم مع كونهم في ظلمة الطبيعة على نور أضاءت به تلك الظلمة لوجود المشاهدة

[الرؤية البصرية للأشياء المرئية]

وهؤلاء هم الذين يعرفون أن إدراك الأشياء المرئية إنما هو من اجتماع نور البصر مع نور الجسم المستنير شمسا كان أو سراجا أو ما كان فتظهر المبصرات فلو فقد الجسم المستنير ما ظهر شي‏ء ولو فقد البصر ما أضاء شي‏ء مما يدركه البصر مع النور الخارج أصلا أ لا ترى صاحب الكشف إذا أظلم الليل وانغلق عليه باب بيته ويكون معه في تلك الظلمة شخص آخر وقد تساويا في عدم الكشف للمبصرات فيكون أحدهم ممن يكشف له في أوقات فيتجلى له نور يجتمع ذلك النور مع نور البصر فيدرك ما في ذلك البيت المظلم مما أراد الله أن يكشف له منه كله أو بعضه يراه مثل ما يراه بالنهار أو بالسراج ورفيقه الذي هو معه لا يرى إلا الظلمة غير ذلك لا يراه فإن ذلك النور ما تجلى له حتى يجتمع بنور بصره فينفر حجاب الظلمة فلو لم يكن الأمر كما ذكرناه لكان صاحب هذا الكشف مثل صاحبه لا يدرك شيئا أو يكون رفيقه مثله يدرك الأشياء فيكون إما من أهل الكشف مثله أو يدركه بنور العلم فإن المكاشف يدركه بنور الخيال كما يدركه النائم ورفيقه إلى جانبه مستيقظ لا يرى شيئا كذلك صاحب الكشف ولو سألت صاحب الكشف هل ترى ظلمة في حال كشفك لقال لا بل يقول أنارت البقعة حتى قلت إن الشمس ما غابت فأدركت المبصرات كما أدركها نهارا

[الكون ظلمة: لا يرى إلا بنورين‏]

وهذه المسألة ما رأيت أحدا نبه عليها إلا أن كان وما وصل إلي فالكون كله في أصله مظلم فلا يرى إلا بالنورين فإنه يحدث هذا الأمر ونظيره الذي يؤيده إيجاد العالم فإنه من حيث ذاته عدم ولا يكتسب الوجود إلا من كونه قابلا وذلك لإمكانه واقتدار الحق المخصص المرجح وجوده على عدمه فلو زال القبول من الممكن لكان كالمحال لا يقبل الإيجاد وقد اشترك المحال والممكن قبل الترجيح بالوجود في العدم كما أنه مع قبوله لو لم يكن اقتدار الحق ما وجد عين هذا المعدوم الذي هو الممكن فلم تظهر الأعيان المعدومة للوجود إلا بكونها قابلة وهو مثل نور البصر وكون الحق قادرا وهو مثل نور الجسم النير فظهرت الأعيان كما ظهرت المبصرات بالنورين فكما إن الممكن لا يزال قابلا والحق مقتدرا ومريدا فينحفظ على الممكن إبقاء الوجود إذ له من ذاته العدم كذلك الباصر لا يزال نور بصره في بصره والشمس متجلية في نورها فتحفظ الأبصار المتعلق بالمبصرات وهي من ذاتها أعني المبصرات غير منورة بل هي مظلمة فاعقل إن كنت تعقل فهذا الأمر أصل ضلال العقلاء وهم لا يشعرون لما لم يعقلوه وهو سر من أسرار الله تعالى جهله أهل النظر ومن هذه المسألة يتبين لك قدم الحق وحدوث الخلق لكن على غير الوجه الذي يعقله أهل الكلام وعلى غير الوجه الذي تعقله الحكماء باللقب لا بالحقيقة فإن الحكماء على الحقيقة هم أهل الله الرسل والأنبياء والأولياء إلا أن الحكماء باللقب أقرب إلى العلم من غيرهم حيث لم يعقلوا الله إلا إلها وأهل الكلام من النظار ليس كذلك‏

[الليل في حق أقطاب أهل الليل‏]

فأقطاب أهل الليل من يكون الليل في حقهم كالنهار كشفا وشغلا قال تعالى وإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وبِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ أي تعلمون منهم في الصباح ما تعلمون منهم في الليل إذ كان ليلا عند غيرهم ممن ليس له مقام‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!