Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل إحالة العارف من لم يعرفه على من هو دونه ليعلمه ما ليس فى وسعه أن يعلمه وتنزيه البارى عن الطرب والفرح

ومنها علم تقدير التخالج في الحديث وما يرفع من ذلك وما لا يرفع ومنها علم عرض الفتن على القلوب وحكم من أنس بها من غيره ومنها علم السبب المبقي للشاك على شكه مع التمكن من النظر المخرج عن الشك فلم يفعل ومنها علم الفرق بين الايمان والعلم وما بين العالم والمؤمن من المراتب ومنها علم تتبع الحق مراضي عباده الذين تتبعوا مراضيه جزاء وفاقا ومنها علم تأخير البيان مع التمكن من استعجال إيضاحه لأمر يراه العالم مع الحاجة إليه ومنها علم صفة من يطلبه العفو الإلهي ومنها علم ما ينبغي أن يكشف من العلوم وما ينبغي أن يستر منها ومنها علم تداخل عالم الغيب في الشهادة وعالم الشهادة في الغيب ومنها علم الاستدراج والمكر ومنها علم كل علم غايته العمل فلم تظهر غايته ما العلة في ذلك ومنها علم كون السماء كالخيمة لا كالكرة المجوفة وأن هيأة السموات على خلاف ما ذكره أصحاب علم الهيئة ولما ذا يرجع سير الكواكب هل لأنفسها أو لفلك دائر بها وفيه علم ما لا ينبغي فيه تنازع لوجود الإمكان العقلي فيه ومنها علم ما يؤثر العلم به في نفس العالم به ومنها علم استحالة خلق العالم أعيان الجواهر ومنها علم المصطفى المختار من كل نوع من العالم ومن كل جنس ومنها علم الآباء والأبناء في المعاني وغير المعاني ومنها علم التعلق بالأسباب وترك التعلق بها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى السفر الرابع والعشرون‏

( (بسم الله الرحمن الرحيم))

«الباب الثالث والستون وثلاثمائة في معرفة منزل إحالة العارف ما لم يعرفه على من هو دونه ليعلمه ما ليس في وسعه أن يعلمه وتنزيهه الباري عن الطرب والفرح»

وضع الموازين للحساب *** جاء به ناطق الكتاب‏

كتاب ذات بلا يراع *** ولا مداد ولا اكتساب‏

ولا صفات ولا نعوت *** ولا ذهاب ولا إياب‏

فإن يتب للذي اعتراه *** قابلة قابل المتاب‏

طالبه الشكر في قدور *** وفي جفان مثل الجوابي‏

[التوحيد العقلي اى توحيد الأفعال‏]

هذا منزل التوحيد العقلي أعني توحيد الأفعال أي لا فاعل إلا الله وهو منزل شريف فاعلم إن العالم لم يزل في حال عدمه مشاهد الواجب الوجود لأنه لم يزل في عدم مرجح وهو ثابت العين وقد وصفه الحق في حال عدمه بالسمع والطاعة له فلم يستحل عليه إضافة المشاهدة ولهذا لم ينكره أحد من الممكنات في حال وجوده إلا أن هذا الموجود الإنساني وحده من بين العالم أشرك بعضه به ممن غلب عليه حجاب الطبع وهو ما اعتاد أن يسمع ويطيع ويعبد بالأصالة إلا لرب يشهده وقد صير ذلك المعبود حجاب الطبع غيبا له فاتخذ ما اتخذ من الموجودات التي يشهدها ويراها إما من العالم السماوي كالكواكب وإما من العالم الأسفل كالعناصر أو ما تولد عنها ربا يعبده على المشاهدة التي اعتادها وسكنت نفسه بها إليه وتوهم في نظره أن ذلك المتخذ إلها يشهد الحق وأنه أقرب إليه منه فعبد نفسه له خدمة ليقربه إلى الله عز وجل كما أخبر الله عنهم أنهم قالوا ما نَعْبُدُهُمْ يعني الآلهة الذين اتخذوها للعبادة إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى‏ فأكدوه بزلفى وكان هذا عن نظر واجتهاد ثم رأوا أصحاب الشرائع المنزلة الإلهية قد قيدوا الناس بالسجود ووضع الوجوه على الأرض والركوع والاستقبال على طريق القربة إلى الله في جهة معينة وتقبيل حجر قالوا لنا إنه يمين الله وجاءوا بتعظيم شعائر وأعلام محدثات أضافوها إلى الله وجعلوا تعظيمنا إياها أي لتلك الشعائر والمناسك من تقوى القلوب وقرنوا بذلك التعظيم إذا ظهر منا سعادتنا فزادهم ذلك اعتمادا على ما قرروه ونصبوه من الآلهة والشرائع ولم

يفرقوا بين ما هو وضع لله في خلقه وبين ما وضعوه لأنفسهم من أنفسهم وكلامنا إنما هو مع الأئمة أصحاب النظر الأول الذين وضعوا هذه الأمور معبودة لهم على طريق القربة إلى الله عز وجل ثم إنهم مما اغتروا به ما رأوه وسمعوه في الشرائع الإلهية من سعادة المجتهد على الإطلاق سواء أخطأ أو أصاب فالأجر له محقق بعد استيفاء النظر في حقه والاجتهاد في زعمه على قدر ما أعطاه الله‏

في نفسه من الاستعداد فتخيلوا فيما ليس ببرهان أنه برهان على ما طلبوه فما اتخذوه إلها إلا عن برهان في زعمهم وهو قوله ومن يَدْعُ مَعَ الله إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ به يعني في زعمه فدل على أنه من قام له برهان في نظره إنه غير مؤاخذ وإن أخطأ فما كان الخطاء له مقصودا وإنما كان قصده إصابة الحق على ما هو عليه الأمر وأصل هذا كله أن لا يعبد غيبا لأنه بالأصالة ما تعوده ولهذا

جاء جبريل عليه السلام ليعلم النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وأصحابه ما هو الأمر عليه في صورة أعرابي فقال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أ تدرون من هذا أو قال ردوا على الرجل فالتمس فلم يجدوه فقال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لأصحابه لما أدبر هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم وكان فيما سأله إن قال له ما الإحسان فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الجواب أن تعبد الله كأنك تراه لما علم إن العبادة على الغيب تصعب على النفوس ثم تمم وقال فإن لم تكن تراه فإنه يراك‏

أي أحضر في نفسك أنه يراك وهو نوع آخر من الشهود من خلف حجاب تعلم أن معبودك يراك من حيث لا تراه ويسمعك فما أتانا الشرع في هذا كله إلا بما كان فيه لهؤلاء اغترار وإليه استناد ولذلك قال تعالى يُضِلُّ به كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً وقال يُضِلُّ من يَشاءُ ويَهْدِي من يَشاءُ وهو الذي يرزق الإصابة في النظر والذي يرزق الخطاء فخرج من مضمون هذا كله إن العبادة لا تتعلق من العابد إلا بمشهود أو كالمشهود لا سبيل إلى الغيب وهذا من رحمة الله الخفية وألطافه وما خرج عمن ذكرناه إلا المقلدة فبهم ألحق الشقاء فجعل لهم الحق في الشرع المنزل مستندا من رحمته فيهم يستندون إليه فيه فقال فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وأهل الذكر هم أهل القرآن فإن الله تعالى يقول إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وهو القرآن وهم أهل الاجتهاد ومنهم المصيب والمخطئ فإذا سأل المقلد من أخطأ من أهل الاجتهاد في نفس الأمر وعمل بما أفتاه فإنه مأجور لأنه مأمور بالسؤال فاستند مقلد والنظار الذين أخطئوا في نظرهم في الأصول مع توفية ما أداهم إليه استعدادهم فيما أفتوهم به من اتخاذهم الآلهة دون الله وإن لم ينظروا فإن الله ما كلف نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وهو ما جعل فيها فعمت رحمته الأئمة والمأمومين فما في العالم إلا موحد أي مستند إلى واحد وقد علمت من هذا المساق ما الشرك وما صفة المشرك وقد أعذرهم الله من وجه فقال لهم لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً هذا إذا قصد العبد فعل الذنب معتقدا أنه ذنب فكيف حال من لم يتعمد إتيان الذنب واتخذ ذلك قربة لشبهة قامت له فهو أحق بالمغفرة وأما مؤاخذته أهل الشرك على القطع بقوله إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به فهو ظاهر لقرينة الحال وأما من طريق اللسان فهو الواقع فإن الله ما ستر الشرك على أهل الشرك بل ظهروا به فهو إخبار بما وقع في الوجود من ظهور الشرك وستر ما دون ذلك لمن يشاء أن يستر فإن ثم أمورا لم تظهر لعين ولا لعقل‏

كما جاء في وصف الجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

ولكن قرائن الأحوال تدل على القطع بمؤاخذة المشركين ثم لم يذكر سبحانه ما هو الأمر عليه فيهم بعد المؤاخذة التي هي إقامة الحد عليهم في الآخرة يوم الدين الذي هو الجزاء فيدخلون النار مع بعض آلهتهم ليتحققوا مشاهدة أن تلك الآلهة لا تغني عنهم من الله شيئا لكونهم اتخذوها عن نظرهم لا عن وضع إلهي فانظر يا ولي في عدل الله وفضله فله الحمد على كل حال وهذا حمد نبوي صحيح فإن الثناء على كل حال من مشرك وغير مشرك فإن المشرك كما قلنا ما جعل العظمة والكبرياء إلا لله وجعل الآلهة كالسدنة والحجاب فما عبدوهم إلا من أجله وإن أخطئوا فيهم فما أخطئوا إلا في الأحدية فهم أيضا من الحامدين لله إذ كانوا أهل ثناء على الله بتوحيد عظمته وإيثاره على هؤلاء الحجبة فاجعل بالك لرحمة الله السابغة الواسعة التي بسطها الله على خلقه ترشد للحق إن شاء الله وأما اختلاف العقائد في الله في أصحاب الشرائع الإلهية وغيرهم فإن العالم لو آخذهم الله تعالى بالخطاء لآخذ كل صاحب عقيدة فيه فإنه قد قيد ربه بعقله ونظره وحصره ولا ينبغي لله إلا الإطلاق فإن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فهو يقيد ولا يتقيد ولكن عفا الله عن الجميع فمن أراد إصابة الحق وإن يوفيه حقه وفقه لعلمه بسعته واتساعه وأنه عند اعتقاد كل معتقد مشهود لا يصح أن يكون مفقودا عند اعتقاد المعتقد فإنه ربط اعتقاده به وهُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ فصاحب هذا العلم يرى الحق دائما وفي كل صورة فلا ينكره إذا أنكره من قيده ومع هذا فالله قد عفا عمن قيده بتنزيه أو تشبيه من أئمة الدين ثم انظر في شهادة الله عز وجل عند نبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في حق‏

المشركين ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فهو تنبيه عجيب ولما قيل لهم اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ وما رأوا له عينا ولا يعلمونه إلا مسمى الله ولم يعلموا أنه عين مسمى الرحمن فتخيلوا في الرحمن أنه شريك لله فأنكروا ذلك ولم ينكروا ذلك فيمن نصبوه إلها على ما قررناه لأنهم عالمون بأسماء من نصبوهم آلهة من دون الله فعلموا بأسمائهم أنهم ليسوا في الحقيقة في الألوهة مثله فإن له تعالى عندهم توحيد العظمة والكبرياء ودلهم بالسجود للرحمن على عبادة غيب ف قالُوا وما الرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وزادَهُمْ نُفُوراً لأنهم ما علموا في الغيب إلا إلها واحدا فقال الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فتعجبوا من ذلك غاية العجب لأنهم تخيلوا أن مسمى الرحمن ليس هو مسمى الله وإن كان لكل واحد الأسماء الحسنى وذلك لما أعمى الله بصائرهم وكثف أغطيتهم فلم يعقلوا عن الله ما أراد بما أنزله في حقهم وجعل الحق ذلك أيضا مستندا لهم حيث جاء إليهم باسم يطلب مسمى لا يعرفون هذه العلامة له حين علم ذلك أهل الله وخاصته‏

فالله والرب والرحمن والملك *** حقائق كلها في الذات تشترك‏

فالعين واحدة والحكم مشترك *** لذا بدا الجسم والأرواح والفلك‏

وكلها أدوات بين خالقنا *** وبيننا ولهذا يضمن الدرك‏

جاءت بها رسل الرحمن قاطبة *** مع الكتاب الذي قد ساقه الملك‏

[إن العلم بالله طريقان‏]

واعلم أن العلم بالله له طريقان طريق يستقل العقل بإدراكه قبل ثبوت الشرع وهو يتعلق بأحديته في الوهته وأنه لا شريك له وما يجب أن يكون عليه إلا له الواجب الوجود وليس له تعرض إلى العلم بذاته تعالى ومن تعرض بعقله إلى معرفة ذات الله فقد تعرض لأمر يعجز عنه ويسي‏ء الأدب فيه وعرض نفسه لخطر عظيم وهذا الطريق هو الذي قال فيه الخليل إبراهيم عليه السلام لقومه أُفٍّ لَكُمْ ولِما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله أَ فَلا تَعْقِلُونَ فنبههم على إن العلم بالله من كونه إلها واحدا في الوهته من مدركات العقول فما أحالهم إلا على أمر يصح منه أن ينظر فيعلم ينظره ما هو الأمر عليه والطريق الآخر طريق للشرع بعد ثبوته فأتى بما أتى به العقل من جهة دليله وهو إثبات أحدية خالقه وما يجب له عز وجل والمسلك الآخر من العلم بالله العلم بما هو عليه في ذاته فوصفه بعد أن حكم العقل بدليله بعصمته فيما ينقله عن ربه من الخبر عنه سبحانه مع لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وإن لا يضرب له مثل بل هو الذي يضرب الأمثال لأنه يعلم ونحن لا نعلم فنسب إليه تعالى أمورا لا يتمكن للعقل من حيث دليله أن ينسبها إليه ولا يتمكن له ردها على من قام الدليل العقلي عنده على عصمته فأورثه ذلك حيرة بين الطريقين وكلا الطريقين صحيحان لا يقدر على الطعن على أحدهما فمن العقلاء من تأول تأويل تنزيه وتأييد وعضد تأويله ب لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وبقوله وما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ ومن العقلاء من سلم علم ذلك إلى من جاء به أو إلى الله ومن العقلاء من أهل اللسان من شبه وعذر الله كل طائفة وما طلب من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له في الوهته لا غير وأن لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ بما هي عليه من المعاني في اللسان وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عند ما جاء من عنده عز وجل في كتبه وعلى ألسنة رسله ع‏

إذا أبان الحق عن نفسه *** بنفسه في كتبه فاعتقد

فما علينا من جناح به *** وذلك العلم به فاعتقد

فإن حظ العقل من علمه *** به الذي ينفي وجود العدد

وإنه في شأنه واحد *** وإنه الله الذي لَمْ يَلِدْ

كذاك لَمْ يُولَدْ ولمن رامه *** بعقله عن فكره لا تزد

وبرهان ذلك يا ولي اختلاف المقالات فيه من العقلاء النظار واتفاق المقالات فيه من كل من جاء من عنده من رسول ونبي وولي وكل مخبر عن الله ولو وقف العاقل من المؤمنين على معنى قوله في كتابه ولَمْ يُولَدْ وعلم إن ما أنتجه العقل من فكره بتركيب مقدمتيه أن تلك النتيجة للعقل عليها ولادة وإنها مولودة عنه وهو قد نفى أن يولد فأين الايمان وليس المولود إلا عينه بخلاف ما إذا أنتج العقل نسبة الأحدية له فما معقولية الأحدية للواحد عين من نسبت إليه‏

الأحدية فللعقل على الأحدية ولادة وعلى الاستناد إليه ولادة وعلى كل لا يكون له على عينه ولادة فأما هويته وحقيقته فما لعقل عليها ولادة وقد نفى ذلك بقوله ولَمْ يُولَدْ ومن هنا تعرف أن كل عاقل له في ذات الله مقالة إنما عبد ما ولده عقله فإن كان مؤمنا كان طعنا في إيمانه وإن لم يكن مؤمنا فيكفيه إنه ليس بمؤمن ولا سيما بعد بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم العامة وبلوغها إلى جميع الآفاق وإن لله عبادا عملوا على إيمانهم وصدقوا الله في أحوالهم ففتح الله أعين بصائرهم وتجلى لهم في سرائرهم فعرفوه على الشهود وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبينة بشاهد منهم وهو الرسول المبعوث إليهم فإن الله جعل الرسل شهداء على أممهم ولأممهم فمع كون هذا المؤمن على بينة من ربه حين تجلى له تلاه في تلك الحال شاهد منه وهو الرسول فأقامه له في الشهود مرآة فقال له هذا الذي جئتك من عنده فلما أبصره ما أنكره بعد ذلك مع اختلاف صور التجلي فربما كني عنه من هذه حالته من

المؤمنين بما وصف نفسه في كتبه أو على ألسنة رسله أو وصفته به رسله فآمن العاقل المؤمن يذلك من كتاب الله وقول الرسول وكفر بذلك من قول صاحب هذه الحالة من المؤمنين المتبعين وأما غير المؤمنين فهم الذين يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ويَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ من النَّاسِ وهم الورثة الذين دعوا إلى الله على بصيرة كما دعوا الرسل قال تعالى عنه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أَدْعُوا إِلَى الله عَلى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا ومن اتَّبَعَنِي ومعنى البصيرة هنا ما ذكرناه أي على الكشف مثل كشف الرسل فكيف آمن بهذا المؤمن من الرسول وكفر به بعينه من التابع رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أخيه المؤمن إذا جاء به فلا أقل من أن يأخذه منه حاكيا وما رأينا ولا سمعنا عن صاحب كشف إلهي من المؤمنين خالف كشفه ما جاءت به الرسل جملة واحدة ولا تجده فقد علمت الفرق بين العقلاء في معرفة عينه وبين الرسل والأولياء وما جاءت به الكتب المنزلة في ذلك فالمؤمن عند ما أعطاه سبيله والعاقل عند ما أعطاه دليله‏

وأين حكم العقل من حكمه *** سبحانه جل على نفسه‏

هيهات لا يعرفه غيره *** إلا به إذ ليس من جنسه‏

والعقل قد أدخل معبوده *** بفكره القاصر في حبسه‏

وقال هذا ولدي صنته *** في خلدي فهو على قدسه‏

كلام حال فإذا حوقلوا *** قالوا تعالى الله في نفسه‏

فخالقي المخلوق لي فاعتبر *** في فرعه الأعلى وفي رأسه‏

فعليك بعبادة الله التي جاء بها الشرع وورد بها السمع ولا تكفر بما أعطاك دليلك المؤدي إلى تصديقه وقصارى الأمر إن تسلم له ولأمثاله مقالته في ربه لثبوت صدقه وثبوت المؤمن على اتباعه فإذا أنصفت في الأمر وعلمت ما نطقت به الرسل عليه السلام في حق الله جوزت أن تهب من تلك المعرفة نفحة على قلوب المتبعين من المؤمنين تؤديهم إلى الموافقة في النطق وإنه حيث كان لسان الحق فتسلمه في الفرع كما سلمته في الأصل بجامع الموافقة وإياك والكفران فإنه غاية الحرمان فتكون من الَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ف اعْبُدْ رَبَّكَ المنعوت في الشرع حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فينكشف الغطاء ويحتد البصر فترى ما رأى وتسمع ما سمع فتلحق به في درجته من غير نبوة تشريع بل وراثة محققة لنفس مصدقة متبعة وهذا باب يتسع المجال فيه لاتساع الأفعال فإن توحيد الأفعال يتسع باتساعها فإن نسب الأفعال لا تنتهي بل هي في مزيد ما دام الفعل يظهر من الفاعل ومنه طلب المزيد في قوله تعالى رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فإن له في كل فعل تجليا خاصا لا يكون إلا لعين ذلك الفعل ولهذا يتميز كل فعل عن غيره بما يخصه من التجلي‏

قد قلت في الحق الذي قلته *** لا ترعوي فيه ولا تأتلي‏

فإنه الحق الذي جاءني *** من عنده وهو العليم الولي‏

فكيف لي برده وهو لي *** مؤيد بكشفه كيف لي‏

قال الله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فأتى بكاف الصفة في نفي المماثلة عن المثل المفروض ولها عموم النفي حتى تقترن بها حال‏

مخصصة إذ قصارى الناظر في ذلك التوقف حتى يرى ما تعطيه قرائن الأحوال فيها وهذه آية صاحب الدليل العقلي لكنه جاء هذا للنفي والإثبات للمثلية باللسان العربي والمماثلة في اللسان على غير المماثلة التي اصطلح على إطلاقها العقلاء فيحتاج العاقل أن يتكلف دليلا على إن الحق أراد المماثلة العقلية ولا دليل يطلب من صاحب اللسان فيها فإنه بلسانه نزلت وعلى اصطلاحه ومثل هذا لا يدرك بالقياس ولا بالنظر فإنه يرجع إلى قصد المتكلم ولا يعرف ما في نفس المتكلم إلا بإفصاحه عما في نفسه وقد قال تعالى وما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ والعربي لا يعرف المماثلة العقلية ولا ينكرها إذا سمعها وكل لفظ ورد في وصف الله تعالى معرى عن لفظة المثل وحرف كاف الصفة فقد تعرى عن أدوات التشبيه ولحق بالألفاظ المشتركة واعلم أن كاف الصفة لا فرق بينها وبين لفظة المثل وإن كان لهذا الحرف مواطن من جملتها موطن الصفة فإذا وردت في موطن الصفة في اللسان وهو أن تقول زيد كعمرو فإن العرب لا تريد إلا الإفادة فمن المحال أن تجي‏ء بمثل هذا وتريد به أنه يماثله في الإنسانية وهي المماثلة العقلية وإنما تريد أنه كعمرو في الكرم مثلا أو في الشجاعة أو في الفصاحة أو في العلم أو في الحسن وما أشبه ذلك مما دل عليه الحال بقرينته عند السامع لتقع له الفائدة فإذا قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ فلا بد أن يقول فيما ذا أو يدل عليه قرينة الحال في المجلس ولا سيما وقد أردف نفي المماثلة بقوله وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وهاتان صفتان محققتان في المخلوق فلا بد أن تحقق ما نفى وأن يعلم هل هي كاف الصفات أو غيرها مما يطلبه اللسان منها بما وضعها له فإن كانت كاف صفة هنا فما نفى إلا مماثلة المثل أن يماثل فأثبت المثل له بالهاء التي في مثله وهي ضمير يعود على الحق ومعلوم أن المثل ليس عين مماثله ولو كان عين من هو مثل له ما كان مثلا له لا عقلا ولا شرعا فوجود المثل عين إثبات الغير بلا شك فإن عمت المماثلة فهي العقلية بلا شك ولا ينكرها اللسان وإن خصت فهي لما خصت له حقيقة لا مجازا مثل زيد كالبحر لاتساعه في العلم أو في الجود ومن العلماء من جعل الكاف في لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ زائدة فإن كانت جاءت لمعنى فما هي زائدة فإن ذلك المعنى الذي سيقت له لا يظهر ولا يحصل إلا بها في نفس المخاطب فانتفى إن تكون زائدة فإن الله ما خلق شيئا باطلا ولا عبثا والزائد لغير معنى إنما هو عبث والعرب من المحال أن تجي‏ء بزائد لغير معنى فإذا جاءت بهذا الحرف جاءت به لمعنى فهو لما جاءت به فإن المتكلم لا يجي‏ء بالكلمة فيما يقوله النحوي زائدة إلا لقصد التوكيد فإذا زالت زال التوكيد فإذا ما هي زائدة فإن الكلام المؤكد ما استقل دونها وما يقوم مقامها فإذا أكد تعالى نفي المثل فما هي زائدة فجعل تأكيد نفي المثل في مقابلة من أثبت المثل فرضا ووجودا في زعمه والصحيح في هذه الكاف أنها كاف الصفة بقرائن الأحوال أي لو فرض له مثل لم يماثل ذلك المثل فأحرى إن لا يماثل فهو أبلغ في نفي المماثلة في اللسان ثم نقول في قولنا بقرائن الأحوال لكون الحق ما وصف الإنسان الكامل إلا بما وصف به نفسه فنفى مماثلة الإنسان الكامل أن يماثله شي‏ء من العالم ويعضد هذا قوله إنه خلق آدم على صورته فهذا خبر يقع به الأنس للنفس فما في العالم زائد لغير معنى لأنه ما فيه عبث ولا باطل بل كل ما فيه مقصود لمعنى فإن قلت فأين المماثلة في الفعل قلنا بيان هذا من وجهين الوجه الواحد أن يفعل بآلة ظاهرة فإذا قمت في توحيده في الأفعال جعلنا آلة له فيفعل بنا ما ينسب في الشاهد لنا فعله فنحن له كالقدوم للنجار والإبرة للخائط مثلا هذا إذا جعلناه مثلا لنا فإذا جعلنا أنفسنا مثلا له وهو الوجه الآخر من الوجهين في الجواب وهو الفعل بالإرادة والقصد وهي آلة باطنة فإنها نسبة فهو يفعل بالإرادة فإذا كان الإنسان صاحب همة نافذة فإنه يفعل بهمته كان مثلا له ولا يوجد ذلك في كل إنسان من هذا النوع فإنما نحن به وله فيفعلنا ويفعل بنا ويفعل فينا فلا يثبت التوحيد في الأعمال إلا أن نكون آلة لا بد من ذلك والله العالم والمعلم الذي اطلع من شاء على ما شاء من علمه وفي هذا المنزل من العلوم علم ما بقي من الزمان لقيام الساعة وفيه علم الفرق بين ما ينزل من العلم على قلوب العلماء من حضرة الربوبية وحضرة الرحمانية دون غيرهما من الحضرات الإلهية وفيه علم ما ينبغي أن يكون عليه صاحب هذا العلم من الصفة وهل يصح هذا العلم لمن لا يرفع به رأسا أم لا وفيه علم الأسرار التي لا تذاع وفيه علم الرد والقبول وفيه علم الفرق بين الرؤيا والمبشرات وأن الرؤيا أعم والمبشرات أخص فإن الإنسان قد يرى ما يحدث به نفسه وما يلعب به الشيطان أو يحزنه ولو لم يكن لذلك أثر



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!