Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

Gözat Başlıkları Bölüm I: Bilgi Üzerine (Maarif) Bölüm II: Etkileşimler (Muamalat) Bölüm IV: Meskenler (Manazil) Girişler Bölüm V: Tartışmalar (Munazalat) Bölüm III: Eyaletler (Ahwal) Bölüm VI: İstasyonlar (Kutup Makamı) Birinci Bölüm İkinci Bölüm Üçüncü Bölüm Dördüncü Bölüm

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الحوض وأسراره من المقام المحمدى

حذفه من الكلمة فإن الترخيم التسهيل ومنه رخيم الدلال في وصف المعشوق المستحسن أي هو سهل ومثل الترخيم في المرخم هو أن تحذف الآخر من اسم المنادي فتقول إذا ناديت من اسمه حارث يا حار هلم فحذفت آخر الكلمة طلبا للتسهيل ولتعلم إن الأسماء وأسماء الأفعال على قسمين معرب ومبني فما تغير آخره بدخول العوامل سمي معربا والإعراب التغيير يقال أعربت معدة الرجل إذا تغيرت وقد تغير هذا الاسم من حال إلى حال هذا بعض وجوه اشتقاقه من كونه سمي معربا والمبني هو كل اسم لفعل كان أو لغير فعل ثبت على صفة واحدة لفظه ولم يؤثر فيه دخول العوامل التي تحدث التغيير في العرب عليه فسمي مبنيا من البناء لثبوته وعدم قبوله للتغيير وهذا له باب في الصفة الثبوتية للاله من كونه ذاتا ومن ثبوت نسبة الألوهية إليه دائما والمعرب له باب في المعارف الإلهية من قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ وسَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فهذا الفرق بين المعرب والمبني فإذا رخم الاسم فقد ينتقل إعرابه إلى آخر ما يبقى من حروف الكلمة فتقول يا حار هلم بعد ما كانت الراء مكسورة نقل إليها حركة الثاء ليعرف السامع أنه قد حذف من الاسم حرف فإنه إنما يعرف المنادي اسمه إذا كان اسمه حارثا بالثاء فإذا حذف الثاء ربما يقول ما هو أنا فإذا نقل إلى الراء حركة الثاء علم أنه المقصود كذلك إذا نودي العبد باسم إلهي ربما يقع في نفسه أنه جدير بذلك الاسم فينقل وصف عبوديته إلى ذلك الاسم الإلهي الذي نودي به هذا العبد فيعرف أنه المقصود من كونه عبدا لاستصحاب الصفة له هذا إذا نقل وإذا لم ينقل حركة المحذوف من الاسم لما بقي وترك على حاله كان القصد في ذلك قصدا آخر وهو ترك كل حق على حقيقته حتى لا يكون لكون أثر في كون ولا يظهر لكون خلعة على كون ليكون المنفرد بذلك هو الله تعالى فإن الضمة التي على الثاء من حارث هي لباسه فإذا خلعها على الراء في الترخيم فقد خلع كون على كون فربما قصده المخلوع عليه بالعبودية له والثناء عليه والخلع على الحقيقة إنما هو للمتكلم المنادي لا لحرف الثاء فالمنادي هو الذي خلع على الراء الرفع الذي كان لحرف الثاء لما أزال عينه من الوجود كخلع القطبية والإمامة من الشخص الذي فقد عينه إلى الشخص الذي قام في ذلك المقام إذ كان الله هو الذي أقامه لا هذا الإمام الذي درج فهذا قد بينا في هذا المنزل بعض ما عندنا من أسراره ليقع التنبيه على ما فيه للطالب إن شاء الله تعالى والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

«الباب السادس والسبعون ومائتان في معرفة منزل الحوض وأسراره من المقام المحمدي»

الحوض منزل وصف الماء بالكدر *** وهي العلوم التي تختص بالبشر

فالماء في العين صاف ما به كدر *** والقعر يظهر ما فيه من الكدر

وعلة الرنق كون الفكر ينتجه *** فاطلب من العلم ما يسمو عن الفكر

إن الخيال إذا جاءته قيدها *** بالفكر في عالم الأجساد والصور

والفكر من صورها وقتا يخلصها *** لكنه غير معصوم من الضرر

فاطلبه بالذكر لا بالفكر تحظ به *** منزها خالصا من شائب الغير

[أن العلوم على قسمين موهوبة ومكتسبة]

اعلم أيها الولي الحميم نور الله بصيرتك وحسن سريرتك أن العلوم على قسمين موهوبة وهو قوله تعالى لَأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ وهي نتيجة التقوى كما قال تعالى واتَّقُوا الله ويُعَلِّمُكُمُ الله وقال إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وقال الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ومكتسبة وإليها الإشارة بقوله تعالى ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ يشير إلى كدهم واجتهادهم وهم أهل الاقتصاد والضمير في أرجلهم يعود على الذين أكلوا من فوقهم وهم الذين أقاموا كتاب الله وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ وهم المسارعون في الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ فمنهم من سبق بالخيرات ومنهم من أقام الكتاب من رقدته فإن التأويل من العلماء أضجعه بعد ما كان قائما فجاء من وفقه الله فأقامه من رقدته أي نزهة عن تأويله والتعمل فيه بفكره فقام بعبادة ربه وسأله أن يوقفه على مراده من تلك الألفاظ التي حواها الكتاب والتعريف من المعاني المخلصة عن المواد فأعطاهم الله العلم غير مشوب قال تعالى وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله والرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يعلمهم الحق ما يؤول إليه هذا اللفظ المنزل‏

المرقوم وما أودع فيه من المعاني من غير فكر فيه إذ كان الفكر في نفسه غير معصوم من الغلط في حق كل أحد ولهذا قال والرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ ... رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا يعني بالفكر فيما أنزلته بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا إلى الأخذ منك علم ما أنزلته إلينا وهَبْ لَنا من لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فسأله من جهة الوهب لا من جهة الكسب ولهذا جعلنا الضمير يعود على الذين أكلوا من فوقهم يقول ومن تحت أرجل هؤلاء أمم مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وهم أهل الكسب وهم الذين يتأولون كتاب الله ولا يقيمونه بالعمل الذي نزل إليه ولا يتأدبون في أخذه وهم على قسمين القليل منهم المقتصد في ذلك وهو الذي قارب الحق وقد يصيب الحق فيما تأوله بحكم الموافقة لا بحكم القطع فإنه ما يعلم مراد الله فيما أنزله على التعيين إلا بطريق الوهب وهو الإخبار الإلهي الذي يخاطب به الحق قلب العبد في سره بينه وبينه ومن لم يقتصد في ذلك وتعمق في التأويل بحيث إنه لم يترك مناسبة بين اللفظ المنزل والمعنى أو قرر اللفظ على طريق التشبيه ولم يرد علم ذلك إلى الله فيه وهم الذين قال الله فيهم في الآية عينها وكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ وأي سوء أعظم من هذا وهؤلاء هم القسم الثاني ولما شاهد الرسول هذا الأمر وقد بعث رحمة بما نزل به ورأى الكثير لم تصبه هذه الرحمة وأن علة ذلك إنما كان تأويلهم بالوجهين من التشبيه أو البعد عن مدلول اللفظ بالكلية تحير في التبليغ وتوقف حتى يرى هل يوجب ذلك عليه ربه أم لا فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من رَبِّكَ وقيل له فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وقيل له لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ فيما يجري منهم من خير وشر وقيل له إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ ولكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ فعلم الرسول أن المراد منه التبليغ لا غير فبلغ صلى الله عليه وسلم وما أخفى مما أمر بتبليغه شيئا أصلا فإنه معصوم محفوظ قطعا في التبليغ عن ربه ما أمر بتبليغه وما خص به فهو فيه على ما يقتضيه نظره فالتقدير في الآية على التفسير ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ أمم مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ ولهذا قال لنبيه وإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ من في الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ الله وقال ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فأشرف العلوم ما ناله العبد من طريق الوهب وإن كان الوهب يستدعيه استعداد الموهوب إليه بما اتصف به من الأعمال الزكية المشروعة ولكنه لما لم يكن ذلك شرطا في حصول هذا العلم لذلك تعالى هذا العلم عن الكسب فإن بعض الأنبياء تحصل لهم النبوة من غير أن يكونوا على عمل مشروع يستعدون به إلى قبولها وبعضهم قد يكون على عمل مشروع فيكون ذلك عين الاستعداد فربما يتخيل من لا معرفة له أن ذلك الاستعداد لولاه ما حصلت النبوة فيتخيل أنها اكتساب والنبوة في نفسها اختصاص إلهي يعطيه لمن شاء من عباده وما عنده خبر بشرع ولا غيره ولا يعرف من هو ولا بما هو الأمر عليه فلو كان الاستعداد ينتج هذا العلم لوجد ذلك في الأنبياء ولم يقع الأمر كذلك فإن النبوة غير مكتسبة بلا خلاف بين أهل الكشف من أهل الله وإن كان اختلف في ذلك أهل الفكر من العقلاء فذلك من أقوى الدلالات عندنا على إن الفكر يصيب العاقل به ويخطئ ولكن خطؤه أكثر من إصابته لأن له حدا يقف عنده فمتى ما وقف عند حده أصاب ولا بد ومتى جاوز حده إلى ما هو لحكم قوة أخرى يعطاها بعض العبيد قد يخطئ ويصيب عصمنا الله وإياكم من غلطات الأفكار وجعلنا من الذاكرين المذكورين بفضله لا رب غيره ولنا فيما ذكرناه آنفا نظم كتبت به إلى بعض الإخوان سنة إحدى وستمائة من مدينة الموصل في النبوة إنها اختصاص من الله تعالى ولذلك لا يشوب رائقها كدر

ألا إن الرسالة برزخية *** ولا يحتاج صاحبها لنية

إذا أعطت بنيته قواها *** تلقتها بقوتها البنية

وإن الاختصاص بها منوط *** كما دلت عليه الأشعرية

وهذا الحق ليس به خفاء *** فدع أحكام كتب فلسفيه‏

في أبيات كثيرة ولكن قصدنا إلى الأمر الذي يطلبه هذا الموضع منها ولتعلم إن سبب ظهور

الأكدار إنما هو قرار الماء وسكونه لطلب الراحة من الحركة في غير موضعها ومحلها ولذلك كنينا عن هذه الحالة بالحوض لأن فيه قرار الماء وسكونه وقد قلنا في باب الغزل والنسيب أصف نزاهة المعشوق في نفسه‏

روحت كل من أشب بها *** نقلة عن مراتب البشر

غيرة إن يشاب رائقها *** بالذي في الحياض من كدر

أريد أن المحب إذا تعشق من صفته هذه حكم عليه هذا المعشوق فنقله إليه وكساه من ملابسه فأخرجه عن الذي يقتضيه عالم الطبيعة من كدر الشبه إذا كان المعشوق علما والشبهات والحرام إذا كان المعشوق عملا والشهوات الطبيعية إذا كان المعشوق روحا مجردا عن المواد وعن البشرية إذا كان المعشوق ملكا وعما سوى الله إذا كان المحبوب هو الله فالمحب الصادق من انتقل إلى صفة المحبوب لا من أنزل المحبوب إلى صفته أ لا ترى الحق سبحانه لما أحبنا نزل إلينا في ألطافه الخفية بما يناسبنا مما يتعالى جده وكبرياؤه عن ذلك فنزل إلى التبشبش بنا إذا جئنا إلى بيته نقصد مناجاته وإلى الفرح بتوبتنا ورجوعنا إليه من إعراضنا عنه والتعجب من عدم صبوة الشاب من الشاب الذي هو في محل حكم سلطانها وإن كان ذلك بتوفيقه وإلى نيابته عنا في جوعنا وعطشنا ومرضنا وإنزاله نفسه إلينا منزلتنا

لما جاع بعض عبيده قال للآخرين جعت فلم تطعمني ولما عطش آخر من عباده قال سبحانه لعبد آخر ظمئت فلم تسقني ولما مرض آخر من عباده قال لآخر من عباده مرضت فلم تعدني فإذا سأله هؤلاء العبيد عن هذا كله يقول لهم أما إن فلانا مرض فلو عدته لوجدتني عنده أما إنه جاع فلان فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي أما إنه عطش فلان فلو سقيته لوجدت ذلك عندي والخبر صحيح‏

فهذا من ثمرة المحبة حيث نزل إلينا فلهذا قلنا إن الصدق في المحبة يجعل المحب يتصف بصفة المحبوب وكذا العبد الصادق في محبته ربه يتخلق بأسمائه فيتخلق بالغنى عن غير الله وبالعز بالله تعالى وبالعطاء بيد الله تعالى وبالحفظ بعين الله تعالى وقد علم العلماء التخلق بأسماء الله ودونوا في ذلك الدواوين وسبب ذلك لما أحبوه اتصفوا بصفاته على حد ما يليق بهم ثم نرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ إن العلوم وأعني بها المعلومات إذا ظهرت بذواتها للعلم وأدركها العلم على ما هي عليه في ذواتها فذلك العلم الصحيح والإدراك التام الذي لا شبهة فيه البتة وسواء كان ذلك المعلوم وجودا أو عدما أو نفيا أو إثباتا أو كثيفا أو لطيفا أو ربا أو مربوبا أو حرفا أو معنى أو جسما أو روحا أو مركبا أو مفردا أو ما أنتجه التركيب أو نسبة أو صفة أو موصوفا فمتى ما خرج شي‏ء مما ذكرناه عن إن يبرز للعلم بذاته وبرز له في غير صورته فبرز العدم له في صورة الوجود وبالعكس والنفي في صورة الإثبات وبالعكس واللطيف في صورة الكثيف وبالعكس والرب بصفة المربوب والمربوب بصفة الرب والمعاني في صور الأجسام كالعلم في صورة اللبن والثبات في الدين في صورة القيد والايمان في صورة العروة والإسلام في صورة العمد والأعمال في صور الأشخاص من الجمال والقبح فذلك هو الكدر الذي يلحق العلم فيحتاج من ظهر له هذا إلى قوة إلهية تعديه من هذه الصورة إلى المعنى الذي ظهر في هذه الصورة فيتعب وسبب ذلك حضرة الخيال والتمثل والقوة المفكرة وأصل ذلك هذا الجسم الطبيعي وهو المعبر عنه بالحوض في هذا المنزل وقعر هذا الحوض هو خزانة الخيال وكدر ماء هذا الحوض المستقر في قعره هو ما يخرجه الخيال والتخيل عن صورته فيطرأ التلبيس على الناظر بما ظهر له فما يدري أي معنى لبس هذه الصورة فيتحير ولا يتخلص له ذلك أبدا من نظره إلا بحكم الموافقة وهو على غير يقين محقق فيما أصاب من ذلك إلا بأخبار من الله ولهذا

لما قام أبو بكر الصديق في هذا المقام وسأل تعبير الرؤيا وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتعبيرها فلما فرغ سأل النبي صلى الله عليه وسلم فيما عبره هل أصاب أو أخطأ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت بعضا وأخطأت بعضا

فما علم الصديق إصابته للحق في ذلك من خطئه فلهذا قلنا إن المصيب في مثل هذا ليس على يقين فيما أصابه فلهذا جنح العارفون وامتنعوا أن يأخذوا العلم إلا من الله بطريق الوهب الذي طريقه في الأولياء الذكر لا الفكر فإن أعطوا المعاني مجردة وبرزت لهم المعلومات بذواتها في صورها التي هي حقائقها فهو المقصود وإن أبرزها الحق لهم عند الذكر وهذا الطلب في غير صورها وحجب عنهم ذواتها أعطوا من القوة والنور النفوذ في تلك الصور إلى ما وراءها وهو الذي أريدت له هذه الصور وقيد بها فمشهوده على كل حال المعاني التي هي المقصود وهي في عالم الألفاظ والعبارات بمنزلة المنصوص والمحكم الذي لا إشكال فيه ولا تأويل والآخر بمنزلة الظواهر التي تحمل المعاني المتعددة

وما يعرف الناظر مقصد المتكلم بها منها

[العلوم الوهبي يشبه بالحوض‏]

واعلم أن هذه العلوم إذا أعطاها الله العبد في غير صورها وأعلمه ما أراد بها فوقف على عينها من تلك الصورة في تلك الصورة فهو المشبه بالحوض لأنه يدرك الماء ويدرك الكدر الذي في قعر الحوض ويلبس الماء ولا بد في ناظر العين لون ذلك الكدر حمرة كان أو صفرة أو ما كان من الألوان فتبصر الماء أحمر أو أصفر وغير ذلك من الألوان ولهذا قال الجنيد وقد سئل عن المعرفة والعارف فقال لون الماء لون إنائه ولما قبل الماء هذا اللون صار في العين مركبا من متلون ولون وهو في نفس الأمر شي‏ء آخر فيعلم الماء ويعلم أن ذلك لون الوعاء كذلك التجليات في المظاهر الإلهية حيث كانت فأما العارف فيدركها دائما والتجلي له دائم والفرقان عنده دائم فيعرف من تجلى ولما ذا تجلى ويختص الحق دون العالم بكيف تجلى لا يعلمه غير الله لا ملك ولا نبي فإن ذلك من خصائص الحق لأن الذات مجهولة في الأصل فعلم كيفية تجليها في المظاهر غير حاصل ولا مدرك لأحد من خلق الله هذا هو العلم الذي لا ينتج غيره فهو منقطع النسل لا عقب له وما عدا هذا من العلوم فقد يكون العلم بالنظر فيه ينتج علما آخر ولا يكون إلا هكذا وهو الأكثر بل هو الذي بأيدي الناس فإن المقدمات إن لم يحصل لك العلم بها وبما ينتج منها مما لا ينتج وبالسبب الرابط بينهما فبعد حصول هذا العلم ينتج لك العلم بما أعطاه هذا التركيب الخاص وهو التناسل الذي يكون في العلوم بمنزلة التناسل الذي يكون في النبات والحيوان وهذا هو تناسل المعاني ولهذا قبلت المعاني الصور الجسدية لأن الأجسام محل التوالد فإن قلت فالذي يكون من العلوم لا ينتج فكان ينبغي أن لا يقبل الصورة قلنا إنما قبل الصورة من كونه نتيجة عن منتج ونتاج وهو في نفسه عقيم لا ينتج أصلا كالعقيم الذي يكون في الحيوان مع كونه متولدا من غيره ولكن لا يولد له لأنه على صفة قامت به تقتضي له ذلك ولذلك جاء الحق في تنزيه نفسه عن الأمرين فقال لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ وهذا تنزيه الذات فلا تتعلق ولا يتعلق بها والنتاج إنما وقع وظهر في المرتبة فطلب الرب المربوب والقادر المقدور فإن قلت فإذا كان الأمر على ما ذكرت في لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ فكانت المظاهر تبطل وهي موجودة فما جوابك قلنا المظاهر للمرتبة لا للذات فلا يعبد إلا من كونه إلها ولا يتخلق بأسمائه وهي عين العبادة له إلا من كونه إلها ولا يفهم من مظاهره في مظاهره إلا كونه إلها فاعلم ذلك ولو كانت المظاهر تظهرها الذات من كونها ذاتا علمت ولو علمت أحيط بها ولو أحيط بها حدت ولو حدت انحصرت ولو انحصرت ملكت وذات الحق تتعالى علوا كبيرا عن هذا كله فعلمنا أنه ليس بين الذات وبين هذه المظاهر نسبة يتعلق العلم بها من حيث نسبة المظهر إليها أصلا وإذا لم يحصل مثل هذا العلم في نفوس العلماء بالله وتعالى عن ذلك فأبعد وأبعد أن تعلم نسبة الذات إلى المظاهر فإن قلت إن النسبة واحدة ولكن لها طرفان من حيث الذات طرف ومن حيث المظهر طرف قلنا ليس الأمر كما تظن في إن النسبة واحدة بين المتضايفين فإن نسبة الولد إلى الوالد نسبة بنوة والبنوة انفعال ونسبة الوالد إلى الولد نسبة أبوة والأبوة فاعلية وأين أن يفعل من أن ينفعل هيهات فليست النسبة واحدة ولا لها طرفان أصلا فإنها غير معقولة الانقسام أعني هذه النسبة الخاصة وهو الطرف الذي جعلته أنت للنسبة بخيالك فذلك الطرف هو النسبة التي تذكر إذ الطرفان للشي‏ء الموصوف بهما يؤذنان بقسمته والمعنى لا ينقسم فإنه غير مركب والذي ينتجه هذا العلم المشبه بالحياض مناجاة الحق من جهة الصدر وهو مناجاتك إياه في صدورك عنه حين أمرك بالخروج إلى عباده بالتبليغ إن كنت رسولا وبالتثبيت إن كنت وارثا وهذه المناجاة لا تكون منه إليك إلا فيك لا في غيرك فمنك تعرفه لا من غيرك لأنك الحجاب الأقرب والستر المسدل عليه ومن كونك سترا وحجابا حددته فمعرفتك به في هذا الموطن عين عجزك عن معرفته وإن شئت قلت عين الجهل به ونريد بالجهل عدم‏

العلم وأما الغير فحجاب أبعد بالنظر إليك فإن الله ما وصف نفسه إلا بالقرب إليك وهكذا قربه من غيرك إلى ذلك الغير كقربه إليك فوصفه بالقرب إليك أبعد بالنظر إلى غيرك إذا أراد العلم به منك كما أنت إذا أردت العلم به من غيرك قال تعالى ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ فأثبت قربه إلى الأشياء ونفى العلم بكيفية قربه من الأشياء بقوله تعالى ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ فعم البصيرة والبصر إذ كان إدراك البصر في الباطن يسمى بصيرة والذات واحدة واختلف عليها المواطن فسمى في إدراك المحسوس بصرا وفي إدراك المعاني بصيرة فالمدرك واحد العين فيهما ولما كان على الحوض الذي يكون في‏



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!