يعز وجوده فيعز ذاتا *** و لو لا الخلق ما ظهر البديع
فقل للمنكرين صحيح قولي *** حمى الرحمن ذلكم المنيع
[عبد هواه و عبد نفسه]
الداخل فيها يدعى في الملإ الأعلى عبد العزيز لم أذق في كل ما دخلته من الحضرات ذوقا ألذ منه و لا أوقع في القلب لهذه الحضرة المنع فلها الحدود لا بل لها من الحدود ما يقع به التمييز فيقف كل محدود لا بل كل شيء على عزته فيكون كل شيء عزيزا و عبوديته فيه فهو عبد نفسه فمن هنا ظهر كل من غلبت عليه نفسه و اتبع هواها و لو لا الشرع ما ذمه بالنسبة إلى طريق خاص لما ذمه أهل اللّٰه فإن الحقائق لا تعطي إلا هذا فمن اتبع الحق فما اتبعه إلا بهوى نفسه و أعني بالهوى هنا الإرادة فلو لا حكمها عليه في ذلك ما اتبع الحق و هكذا حكم من اتبع غير الحق و أعني بالحق هنا ما أمر الشارع باتباعه و غير الحق ما نهى الشرع عن اتباعه و إن كان في نفس الأمر كل حق لكن الشارع أمر و نهى كما أنا لا نشك أن الغيبة حق و لكن نهانا الشرع عنها و لنا
و حق الهوى إن الهوى سبب الهوى *** و لو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
فبالهوى يجتنب الهوى و بالهوى يعبد الهوى و لكن الشارع جعل اسم الهوى خاصا بما ذم وقوعه من العبد و الوقوف عند الشرع أولى و لهذا بينا قصدنا بالهوى الإرادة لا غير فالأمر يقضي أن لا حاكم على الشيء إلا نفسه فيما يكون منه لا فيما يحكم عليه به من خارج لكن ذلك الحكم من خارج لا يحكم عليه إلا بما تعطيه نفسه من إمضاء الحكم فيه فكل ما في العالم من حركة و سكون فحركات نفسية و سكون نفسي فإذا حصل العبد بالذوق في هذه الحضرة فعلامته أن لا يؤثر فيه غيره بما لا يريده و لا يشتهيه فيمنع ذاته من أثر الغير فيها بما لا يريده و إنما قلنا بما لا يريده لأنه ما في الوجود نفس إلا و تقبل تأثير نفس أخرى فيها يقول الحق تعالى ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ﴾ [البقرة:186]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية