﴿مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ﴾ [الأعراف:172] ثم ولد كل بنى آدم على الفطرة و هو «قوله ﷺ كل مولود يولد على الفطرة» و هو الميثاق الخالص لنفسه الذي ما ملكه أحد غصبا فاستخلص منه بل لم يزل خالصا لنفسه في نفس الأمر طاهرا مطهرا و لكن هنا نكتة لا يمكن إظهارها كما كان الحق منزها لنفسه ما هو منزه لتنزيه عباده و لهذا قال من قال من العارفين سبحاني فإذا ولد المولود و نشأ محفوظا قبل التكليف كسهل بن عبد اللّٰه و أبي يزيد البسطامي و من اعتنى اللّٰه به من أمثالهما ممن كان من الناس قبلهما و بعدهما و في زمانهما ممن لم يصل إلينا خبره كما وصل إلينا خبر هذين السيدين و لم يرزأه في عهده هذا بشيء مما ذكرناه آنفا فبقي عهده على أصله خالصا و هو الدين الخالص لا المخلص فقام بالعبد من غير استخلاص فما هو من العباد الذين أمروا أن يعبدوا اللّٰه مخلصين : إذ لا فعل لهم في الاستخلاص بل لم يعرفوا إلا هذا الدين الخالص من غير شوب خالطه حتى يستخلصوه منه فيكونون مخلصين هذا لم يذوقوا له طعما مثل ما ذاقه الغير و من كان هذا حاله من الدين فهو صاحب العهد الخالص ف ﴿لاٰ يَشْقىٰ﴾ [ طه:123] فإنه لا يشقى إلا أهل المكابدة و المجاهدة في استخلاص الدين ممن أمرهم اللّٰه أن يستخلصوه منه و ليس على الحقيقة إلا هوى أنفسهم و هؤلاء في المرتبة الثانية من السعادة و الطبقة الأولى هم الذين يغبطهم الأنبياء و الشهداء أصحاب المنابر يوم القيامة المجهولون في الدنيا فهم لا يشفعون و لا يستشفعون و لا يرون للشفاعة قدرا في جنب ما هم فيه من الحال الطاهر القدوس لا المقدس و من هذا المقام قال أبو يزيد لو شفعني اللّٰه في جميع الخلائق يوم القيامة لم يكن ذلك عندي بعظيم لأنه ما شفعني إلا في لقمة طين يعني خلق آدم من طين و نحن منه كما قال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية