«قال ولدت في زمان الملك العادل» فسماه ملكا و وصفه بالعدل و إن كان فيه على غير شرع منزل فهو صفة مرعية عند اللّٰه و سماهم ملوكا و إن كان الحق ما استخلفهم بالخطاب الإلهي على الكشف لكنهم نوابه من وراء الحجاب فإذا ظهروا بصفات ما ينبغي للملك أن يظهر بها و لم يوافق بها المصارف الإلهية التي شرعها الحق بالسنة الرسل نعت ذلك بالمنازع و المغالب فهما ظهر كانت الغلبة له و مهما ظهر عليه كانت الغلبة للحق فكان الحرب سجالا له و عليه و صورة السلم موافقة الحق في المصارف من غير اتباع و هذا كله فيمن قام في الملك بنفسه و أما ولاة الحق من الرسل فليس إلا العدل المحض و لا نتصور منازعة من أولئك صلوات اللّٰه عليهم و أما الأئمة الذين استنابهم اللّٰه و استخلفهم بتقديم الرسل إياهم على القيام بما شرع في عباده من الأحكام فهم على قسمين قسم يعدلون بصورة حق و لا يتعدون ما شرع لهم و القسم الآخر قائلون بما شرع لهم غير أنهم لم يرجعوا ما دعوا إليه في المصارف التي دعاهم الحق إليها و جاروا عن الحق في ذلك و علموا أنهم جائرون قاسطون فهم من حيث الصورة الظاهرة مغالبون و منازعون فيمهلهم اللّٰه لعلهم يرجعون ففي زمان ذلك الإمهال تظهر الغلبة لهم على الحق المشروع الذي يرضى من استخلفهم و في وقت تكون الغلبة للحق عليهم بإقامة منازع في مقابلته يدعو ﴿إِلَى الْحَقِّ وَ إِلىٰ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الأحقاف:30] و إذا ظهر هذا فقد أوجب الحق على عباده القتال معه و القيام في حقه و نصرته و الأخذ على يد الجائر و لا يزال الأمر على ما قلناه حتى يأتي أمر اللّٰه و تنفذ الكلمة الحق و يتوحد الأمر و تعم الرحمة و يرجع الأمر كله إليه كما كان أول مرة و يرتفع بعض النسب و يبقى بعضها بحسب المحل و الدار و النشأة التي تصير فيها و إليها فإن للزمان حكما و للمكان حكما و للحال حكما و اللّٰه يقضي الحق ﴿وَ هُوَ خَيْرُ الْفٰاصِلِينَ﴾ [الأنعام:57] فتزول المغالبة و المنازعة و يبقى الصلح و السلم في دار السلام إلى أبد لا ينقضي أمده بأزل لا يعينه أبده ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
إن الخليفة من كانت إمامته *** من صورة الحق و الأسماء تعضده
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية