و إنما أخذهم بما زادوا به على النفاق و هو قولهم ﴿إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] و ما عرفك اللّٰه بالجزاء الذي جازى به المنافق إلا لتعلم من أين أخذ من أخذ حتى تكون أنت تجتنب موارد الهلاك و «قد قال عليه السّلام إن مداراة الناس صدقة» فالمنافق يداري الطرفين مداراة حقيقة و لا يزيد على المداراة فإنه يجني ثمرة الزائد كان ما كان فتفطن فقد نبهتك على سر عظيم من أسرار القرآن و هو واضح و وضوحه إخفاء و انظر في صورة كل منافق تجده ما أخذ إلا بما زاد على النفاق و بذلك قامت عليه الحجة و لو لم يكن كذلك الحشر على الأعراف مع أصحاب الأعراف و كان حاله حال أصحاب الأعراف ﴿وَ لٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللّٰهُ أَمْراً كٰانَ مَفْعُولاً﴾ [الأنفال:42] فالمؤمن المداري منافق و هو ناج فاعل خير فإنه إذا انفرد مع أحد الوجهين أظهر له الاتحاد به و لم يتعرض إلى ذكر الوجه الآخر الذي ليس بحاضر معه فإذا انقلب إلى الوجه الآخر كان معه أيضا بهذه المثابة و الباطن في الحالتين مع اللّٰه فإن المقام الإلهي هذه صورته فإنه لعباده بالصورتين فنزه نفسه و شبه فالمؤمن الكامل بهذه المثابة و هذا عين الكمال فاحذر من الزيادة على ما ذكرته لك و كن متخلقا بأخلاق اللّٰه و قد قال تعالى لنبيه ﷺ ممتنا عليه ﴿فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران:159]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية