﴿فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً﴾ [ طه:107] و أول متعلم قبل العلم بالتعلم لا بالذات العقل الأول فعقل عن اللّٰه ما علمه و أمره أن يكتب ما علمه في اللوح المحفوظ الذي خلقه منه فسماه قلما فمن علمه الذي علمه أن قال له أدبا مع المعلم ما أكتب هل ما علمتني أو ما تمليه علي فهذا من أدب المتعلم إذا قال له المعلم قولا مجملا يطلب التفصيل فقال له اكتب ما كان و ما قد علمته و ما يكون مما أمليه عليك و هو علمي في خلقي إلى يوم القيامة لا غير فكتب ما في علمه مما كان فكتب العماء الذي كان فيه الحق قبل أن يخلق خلقه و ما يحوي عليه ذلك العماء من الحقائق و قد ذكرناه في هذا الكتاب في باب النفس بفتح الفاء و كتب وجود الأرواح المهيمة و ما هيمهم و أحوالهم و ما هم عليه و ذلك كله ليعلمه و كتب تأثير أسمائه فيهم و كتب نفسه و وجوده و صورة وجوده و ما يحوي عليه من العلوم و كتب اللوح فلما فرغ من هذا كله أملى عليه الحق ما يكون منه إلى يوم القيامة لأن دخول ما لا يتناهى في الوجود محال فلا يكتب فإن الكتابة أمر وجودي فلا بد أن يكون متناهيا فأملى عليه الحق تعالى و كتب القلم منكوس الرأس أدبا مع المعلم لأن الإملاء لا تعلق للبصر به بل متعلق البصر الشيء الذي يكتب فيه و السمع من القلم هو المتعلق بما يمليه الحق عليه و حقيقة السمع أن لا يتقيد المسموع بجهة معينة بخلاف البصر الحسي فإنه يتقيد إما بجهة خاصة معينة و إما بالجهات كلها و السمع ليس كذلك فإن متعلقة الكلام فإن كان المتكلم ذا جهة أو في جهة فذلك راجع إليه و إن كان لا في جهة و لا ذا جهة فذلك راجع إليه لا للسامع فالسمع أدل في التنزيه من البصر و أخرج عن التقييد و أوسع و أوضح في الإطلاق فأول أستاذ من العالم هو العقل الأول و أول متعلم أخذ عن أستاذ مخلوق هو اللوح المحفوظ و هذه الاسمية شرعية و اسم اللوح المحفوظ عند العقلاء النفس الكلية و هي أول موجود انبعاثي منفعل عن العقل و هي للعقل بمنزلة حواء لآدم منه خلق و به زوج فثنى كما ثنى الوجود بالحادث و ثنى العلم بالقلم الحادث ثم رتب اللّٰه الخلق بالإيجاد إلى أن انتهت النوبة و الترتيب الإلهي إلى ظهور هذه النشأة الإنسانية الآدمية فأنشأها ﴿فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين:4] ثم نفخ في آدم من روحه و أمر الملائكة بالسجود له : فوقعت له ساجدة عن الأمر الإلهي بذلك فجعله لملائكته قبلة ثم عرفهم بخلافته في الأرض فلم يعرفوا عمن هو خليفة فربما ظنوا أنه خليفة في عمارتها عمن سلف فاعترضوا لما رأوا من تقابل طبائعه في نشأته فعلموا إن العجلة تسرع إليه و أن تقابل ما تركب منه جسده ينتج منه نزاعا فيؤثر فسادا في الأرض و سفك دماء فلما أعلمهم أنه خلقه سبحانه على صورته و علمه الأسماء كلها : المتوجهة على إيجاد العالم العنصري و غيره فما فوقه ثم عرض المسميات على الملائكة فقال ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ﴾ [البقرة:31] الذين توجهتم على إيجادهم أي توجهت الأسماء هل سبحتموني بها و قدستموا لي فإنكم زعمتم أنكم تسبحونى بحمدي و تقدسون إلي فقالت الملائكة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية