﴿عَلىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ﴾ [الرعد:33] و ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمٰا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر:38] أي قيدها كسبها فلو لا الحق ما تميزت الموجودات بعضها عن بعض و لكان الأمر عينا واحدا كما هو من وجه آخر مثال ذلك إن الإنسان من حيث حده الشامل لآحاده واحد العين فإن الآحاد كلها عين واحدة من حيث إنسانيتها مع علمنا بأن زيدا ما هو عين عمرو و لا عين غيره من أشخاص الأناسي فعين تمييز الحق لها وجودها و عين تمييز بعضها عن بعض فلأنفسها و لذلك لم تزد كلمة الحضرة في كل كائن عنها على كلمة كن شيئا آخر بل انسحب على كل كائن عين كن لا غير فلو وقفنا مع كن لم نر إلا عينا واحدة و إنما وقفنا مع أثر هذه الكلمة و هي المكونات فكثرت و تعددت و تميزت بأشخاصها فلما اجتمعت في عين حدها علمنا إن هذه الحقيقة وجدت كلمة الحق فيها و هي كلمة ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] و كن أمر وجودي لا يعلم منه إلا الإيجاد و الوجود و لهذا لا يقال للموجود كن عدما و لا يقال له كن معدوما لاستحالة ذلك فالعدم نفسي لبعض الموجودات و لبعضها تابع لعدم شرطه المصحح لوجوده و بهذه الحقيقة كان اللّٰه خلاقا دائما و حافظا دائما و لو كان على ما يذكره مخالفو أهل الحق القائلون ببقاء الأعراض لم يصح أن يكون الحق خلاقا دائما و لا حافظا على بعض الموجودات وجودها و إذا لم يزل خالقا دائما فلا يزال مع كل مخلوق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية