﴿بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [النساء:126] للحفظ كما يحفظ محيط الدائرة الوجود أو نسبة الوجود على النقطة التي ظهرت عنها نسبة الإحاطة لوجود الدائرة المحيطة فله الفوق كما له التحت و له الظاهر كما له الباطن فهو المبايع و المبايع فإنه لا يبايع إلا بالسمع و الطاعة و السمع لا يكون إلا هو و العمل بالطاعة لا يكون إلا له فهو السميع العامل لما أمر بعمله فلنذكر صورة البيعة و لنا فيها كتاب مستقل سميناه مبايعة القطب يتضمن علما كبيرا ما علمنا أنا سبقنا إليه و إن كان العارفون من أهل اللّٰه شاهدوه و علموه و لكن شغلهم عن تبيينه للناس ما كان المهم عندهم كما كان إظهاره للناس من المهم عندنا إذ هذه الطائفة لا شغل لها إلا بالأهم هذا إذا لم يظهر بحكم القوة الإلهية فإذا ظهر بها لم يشغله شيء عن شيء إذ هو حق كله فاعلم ذلك إيضاح و بيان لمنصب البيعة و صورتها
[إن اللّٰه إذا ولي قطبا و خليفة نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة]
فاعلم إن اللّٰه سبحانه إذا ولي من ولاة النظر في العالم المعبر عنه بالقطب و واحد الزمان و الغوث و الخليفة نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة كما أنبأ صورة الاستواء على العرش عن صورة إحاطته علما بكل شيء فإذا نصب له ذلك السرير خلع عليه جميع الأسماء التي يطلبها العالم و تطلبه فيظهر بها حللا و زينة متوجا مسورا مدملجا لتعمه الزينة علو أو سفلا و وسطا و ظاهرا و باطنا فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية و أمر اللّٰه العالم ببيعته على السمع و الطاعة في المنشط و المكره فيدخل في بيعته كل مأمور أعلى و أدنى إلا العالين و هم المهيمون العابدون بالذات لا بالأمر فيدخل في أول من يدخل عليه في ذلك المجلس الملأ الأعلى على مراتبهم الأول فالأول فيأخذون بيده على السمع و الطاعة و لا يتقيدون بمنشط و لا مكره لأنهم لا يعرفون هاتين الصفتين فيهم إذ لا يعرف شيء منهما إلا بذوق ضده فهم في منشط لا يعرفون له طعما لأنهم لم يذوقوا المكره و ما منهم روح يدخل عليه للمبايعة إلا و يسأله في مسألة من العلم الإلهي فيقول له يا هذا أنت القائل كذا فيقول له نعم فيقول له في المسألة وجها يتعلق بالعلم بالله يكون أعلى من الذي كان عند ذلك الشخص فيستفيد منه كل من بايعه و حينئذ يخرج عنه هذا شأن هذا للقطب و الكتاب الذي صنفته فيه ذكرت فيه سؤالاته للمبايعين له التي وقعت في زماننا لقطب وقتنا فإنها ما هي مسائل معينة تتكرر من كل قطب و إنما يسأل كل قطب فيما يخطر اللّٰه في ذلك الحين مما جرى لهذا الذي بايعه من الأرواح فيه كلام فأول مبايع له العقل الأول ثم النفس ثم المقدمون من عمال السموات و الأرض من الملائكة المسخرة ثم الأرواح المدبرة للهياكل التي فارقت أجسامها بالموت ثم الجن ثم المولدات و ذلك أنه كل ما سبح اللّٰه من مكان و متمكن و محل و حال فيه يبايعه إلا العالين من الملائكة و هم المهيمون و الأفراد من البشر الذين لا يدخلون تحت دائرة القطب و ما له فيهم تصرف و هم كمل مثله مؤهلون لما ناله هذا الشخص من القطبية لكن لما كان الأمر لا يقتضي أن يكون في الزمان إلا واحد يقوم بهذا الأمر تعين ذلك الواحد لا بالأولوية و لكن بسبق العلم فيه بأن يكون الوالي و في الأفراد من يكون أكبر منه في العلم بالله و هذا المنزل يتضمن مبايعة النبات من المولدات و يدخل فيه قوله في الأجسام الإنسانية ﴿وَ اللّٰهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [نوح:17]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية