﴿وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا﴾ [فصلت:12] بما أودع اللّٰه في حركات هذه الكواكب و اقتراناتها و هبوطها و صعودها في بيوت نحوسها و سعودها و عن حركاتها و حركات ما فوقها من الأفلاك حدثت المولدات و عن حركات الأفلاك الأربعة حدثت الأركان و هذا خلاف ما ذهب إليه غير أهل الكشف من المتكلمين في هذا الشأن فأودع اللّٰه في خزائن هذه الكواكب التي في الأفلاك علوم ما يكون من الآثار في العالم العنصري من التقليب و التغيير فهي أسرار إلهية قد جعل اللّٰه لها أهلا يعرفون ذلك و لكن لا على العلم بل على التقريب و الأمر في نفسه صحيح غير إن الناظر من أهل هذا الشأن قد لا يستوفي النظر حقه لأمر فإنه من غفلة أو غلط في عدد و مقدار لم يشعر بذلك فيحكم فيخطئ فوقع الخطاء من نظره لا من نفس الأمر و قد يوافق النظر العلم فيقع ما يقوله و لكن ما هو على بصيرة فيه من حيث تعيين مسألة بعينها و هذا العلم لا تفي الأعمار بإدراكه فيعلم أصله من النبوات فكان أول من شرع في تعليم الناس هذا العلم إدريس عليه السلام عن اللّٰه فأعلمه ما أوحى في كل سماء و ما جعل في حركة كل كوكب و بين له اقترانات الكواكب و مقادير الاقترانات و ما يحدث عنها من الأمور المختلفة بحسب الأقاليم و أمزجة القوابل و مساقط نطفه في أشخاص الحيوان فيكون القرآن واحدا و يكون أثره في العالم العنصري مختلفا بحسب الإقليم و ما يعطيه طبيعته فشروطه كثيرة يعلمها أهل ذلك الشأن فلما أعطتهم الأنبياء الموازين و علمتهم المقادير علموا ما يحدث اللّٰه من الأمور و الشئون في الزمان البعيد و عن الزمان البعيد الذي لو وكلهم اللّٰه فيه إلى نفوسهم بالحكم المعتاد حتى يتكرر ذلك عليهم تكرار يوجب القطع عادة و رب أمر لا يظهر تكراره الذي يوجب القطع الظني به إلا بعد آلاف من السنين فهذا كان سبب التعريف الإلهي على السنة الأنبياء عليهم السلام فأعلمت الناس بما أوحى اللّٰه إليها ما أمن اللّٰه عليها هذه الكواكب المسخرة من الحوادث و لو عرف الجهال المنكرون هذا العلم قوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية