بالنصب عطفا على موضع يا جبال و إن كان مرفوعا في اللفظ فقد يراعي اللفظ في أوقات و لهذا قرئ أيضا و الطير بالرفع و لكل فصل من هذه الفصول حقائق إلهية لو لا التطويل لذكرناها فصلا فصلا فتركناها لمن يقف على كلامنا من العارفين كالتنبيه لهم على ما يتضمنه منزل النداء من المعاني الإلهية و أن الكون مرتبط بعضه ببعض ارتباط المعاني بالكلمات و ربما جعلوا الواو من أدوات النداء و لكن خصوها بنداء خاص لحال خاص بخلاف سائر الأدوات فخصوها بالانتداب فينادون الميت و أجبلاه و اسنداه و به يعذب الميت الملك يطعنه في خاصرته أن هكذا كنت و يقولون وا زيداه وا سلطاناه و لا بد في هذا النداء من إدخال الهاء هاء السكت في آخره لأنه ليس من شرط هذا النداء أن يقال بعده شيء فلهذا أدخل هاء السكت عليه فيكتفي به فيقول وا جبلاه وا حزناه و لا يحتاج إلى أمر آخر و إذا قلت يا زيد و ناديته بسائر حروف النداء من غير نداء الندبة فلا بد أن تذكر السبب الذي ناديته من أجله فتقول ﴿يٰا جِبٰالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [ سبإ:10] ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا﴾ [المائدة:1] ﴿يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اتَّقُوا﴾ [النساء:1] فلا تكون هاء السكت إلا في نداء الندبة خاصة و أما النداء المرخم فإنهم يريدون به تسهيل الكلام ليخف على المنادي ليصل إلى المقصود مسرعا بما حذفه من الكلمة فإن الترخيم التسهيل و منه رخيم الدلال في وصف المعشوق المستحسن أي هو سهل و مثل الترخيم في المرخم هو أن تحذف الآخر من اسم المنادي فتقول إذا ناديت من اسمه حارث يا حار هلم فحذفت آخر الكلمة طلبا للتسهيل و لتعلم إن الأسماء و أسماء الأفعال على قسمين معرب و مبني فما تغير آخره بدخول العوامل سمي معربا و الإعراب التغيير يقال أعربت معدة الرجل إذا تغيرت و قد تغير هذا الاسم من حال إلى حال هذا بعض وجوه اشتقاقه من كونه سمي معربا و المبني هو كل اسم لفعل كان أو لغير فعل ثبت على صفة واحدة لفظه و لم يؤثر فيه دخول العوامل التي تحدث التغيير في العرب عليه فسمي مبنيا من البناء لثبوته و عدم قبوله للتغيير و هذا له باب في الصفة الثبوتية للاله من كونه ذاتا و من ثبوت نسبة الألوهية إليه دائما و المعرب له باب في المعارف الإلهية من قوله ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29] و ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية