و قال تعالى ﴿فَكَشَفْنٰا عَنْكَ غِطٰاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق:22] يعني عند الموت أي يعاين ما هو أمره عليه الذي ينفرد به أهل اللّٰه العابدون ربهم إذا أتاهم اليقين يقول لنبيه ص ﴿اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99] يعني الموت لأنه أمر متيقن لا اختلاف في وقوعه في كل حيوان و إنما وقع الخلاف في ماهيته قال شاعرهم
فخالف الناس حتى لا اتفاق لهم *** إلا على شجب و الخلف في الشجب
يعني ما هو و الشجب الموت فإذا حضرتهم الوفاة رضي اللّٰه عنهم فلا بد لهم من مشاهد اثنتي عشرة صورة يشهدونها كلها أو بعضها لا بد من ذلك و هن صورة عمله و صورة علمه و صورة اعتقاده و صورة مقامه و صورة حاله و صورة رسوله و صورة الملك و صورة اسم من أسماء الأفعال و صورة اسم من أسماء الصفات و صورة اسم من أسماء النعوت و صورة اسم من أسماء التنزيه و صورة اسم من أسماء الذات و كان الأولى أن تكون هذه الصور كلها بالسين لا بالصاد فإنها منازل معان إلا أنه لما تجسدت المعاني و ظهرت بالأشكال و المقادير لذلك تصورت في صور إذ كان الشهود بالبصر و حكمت الحضرة بذلك الخيالية البرزخية فالموت و النوم سواء فيما تنتقل إليه المعاني فمنهم من يتجلى له عند الموت عمله العمل فيتجلى له عمله في الزينة و الحسن على قدر ما أنشأه العامل عليه من الجمال فإن أتم العمل كما شرع له و لم ينقص منه شيئا يشينه انتقاصه كان في أتم نشأة حسنة ظهرت من تمام أركان ذلك العمل الظاهرة و الباطنة من الحضور و شهود الرب في قلبه و في قبلته إذا صلى و كل عمل مشروع فهو صلاة و لهذا «قال ﷺ عن اللّٰه تعالى أنه يقول يوم القيامة أنظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت له تامة و إن كانت انتقص منها» «شيئا قال أنظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه» ثم تؤخذ الأعمال على ذا كم فإن كان العمل غير ذات العامل كمانع الزكاة و كغاصب أمر ما حرم عليه اغتصابه كسي ذلك المال صورة عمل هذا العبد من حسن أو قبح فإن كان قبيحا طوق به كما قال في مانع الزكاة ﴿سَيُطَوَّقُونَ مٰا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ﴾ [آل عمران:180]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية