فإن اللّٰه عند المنكسرة قلوبهم غيبا يثبته الايمان و ينفيه العيان و هو عند المتكبرين عينا يثبته العيان و ينفيه الايمان فنقل اللّٰه نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم من العيان إلى الايمان و أخبره أن تجليه تعالى في أعيان الأعزاء المتكبرين من زينة الحياة الدنيا فهي زينة اللّٰه للحياة الدنيا لا لنا و الذي لنا زينة اللّٰه من غير تقييد بالحياة الدنيا و ما يلزم من كونه زينا لزيد أن يكون زينا لعمرو
[الزينة و مشاهد الناس لها]
فمن الناس من لا شهود له إلا زينة اللّٰه و من الناس من لا شهود له إلا زينة الحياة الدنيا من حيث ما هي زينة اللّٰه لها لا لنا فيشهدها لها و إن لم تكن لنا زينة و من الناس من يشهد زينة الشيطان في عمله و أعمال الخلق في قوله ﴿وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطٰانُ أَعْمٰالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كٰانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [ العنكبوت:38] فهم الذين أضلهم اللّٰه على علم فيشهدها أهل اللّٰه زينة اللّٰه للشيطان لأنه عمله و من الناس من يشهد من زين له عمله و لا يدري من زينه هل متعلق تلك الزينة الذم أو الحمد و هو موضع الشبهة كمن يرى رجلا يحب أن يكون نعله حسنا و ثوبه حسنا فلا يدري أ هو ممن يحب زينة الحياة الدنيا أو هو ممن يتجمل لله في قوله ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف:31]
[حسن الظن أنت مندوب إليه و سوء الظن أنت منهى عنه]
و «قد قال عليه السلام للرجل الذي قال له إني أحب أن يكون نعلي حسنا و ثوبي حسنا إن اللّٰه جميل يحب الجمال» فوقع لهذا الرجل الاشتباه فلا يدري لمن ينسب تلك الزينة كمن يسمع شخصا يقول ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] فلا يدري هل هو تال أو هو ذاكر من غير قصد تلاوة القرآن لأن اللفظ واحد و هو المشهود و القصد غيب و الأولى أن تحسن الظن بمن يتجمل فإنك مندوب إليه و سوء الظن أنت مأمور باجتنابه في حق المسلمين و لهذا «فسر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كلامه للرجلين في اعتكافه حين انقلب يشيع صفية إني خشيت أن يقذف الشيطان» فما أساء الظن إلا بأهله و هو الشيطان فينبغي لك إذا سمعت من يقول كلمة هي في القرآن كما قلنا فيمن سمع من يقول
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية